ابو شيرزاد والازمة الاقتصادية التي لا تُطاق

سالت البائع المتجول عن وضعه الان في هذه الظروف و هل انخفضت نسبة مبيعاته و ما احواله في البيت، تاوه و تافف طويلا . ثم اردف قائلا: يا ابني انا لي اربع بنات في المدرسة و احداهن في الجامعة، و ولدين في المتوسطة، و هل تتوقع ان اقول ان الاحوال جيدة، دعه على الله . ثم صفن و هو يزن لي البضاعة و قال: و لكن انا حائر بين ما تفعله سلطتنا و ما نحن فيه. قلت لماذا؟ قال: هل صحيح اننا افلسنا ام للشخصيات مليارات من الدولارات من اموال هذا الشعب مخزونة في بنوك اوربا و دول المنطقة؟ قلت: السلطة غير شفافة و لم تعلن عن ممتلكات المسؤلين لحد نجزم عن ما يُقال، و لكن هناك اخبار تتسرب عن ثرائهم و ما يخزنون من الموال هنا و هناك . قال: اننا تحملنا الدكتاتورية لاننا علمنا بانه عدونا، و لكن اليوم اصبحت سلطتنا الذاتية عدونا سواء بعلمه او لسذاجته، و هذا الذي يؤذينا اكثر العدو منك و بيك . و لكن تريد ان اقول لك شيئا صريحا و من عمق قلبي، قلت تفضل . قال انت يمكن كنت طفلا مابعد سيطرة البعث على السلطة اشغلوا العالم بابو طبرة في بغداد لان في تلك الفترة كنت انا في بغداد اعمل حمالا، و بعد ذلك اتوا بمصارع امريكي على اساس انه عراقي بطل شهم شجاع و لم يدع لعبة و انتصر فيها على مصارعيه، ومنهم كان يمكنه ان يطرحه ارضا و لم يقدر ان يرتجل بعده نهائيا و لم يفعل، و كان يعيش في امريكا و شغلوا العراقيين كلهم به . و عرفنا فيما بعد انه عمل المخابرات العراقية ليس فقط في اشغالهم و انما لتخويفهم وا لسيطرة عليهم بشكل مطبق . و هل تقارن ما نسير فيه اليوم ازمة وراء ازمة مع تلك الفترة . و هل سمعت عن البعبع الذي تظهره السلطة الكوردستانية على وسائل اعلامها و ما تخلقه من ازمة بعد اخرى لتغطي على الوضع، و اليوم الرواتب و اشتي هورامي و سنجار و دانا غاز و الخضوع لاردوغان و غير ذلك من المواضيع اليومية . اليس هذا اسلوب المخابراتية البعثية ابني . قلت، لحد الان لم تفصح لي عن وضعك الخاص، و كيف تعيش هكذا في هذا الوضع و لديك ست اولاد و مصروفهم اكثر من هذا العمل . قال يدبرها ربك . ثم نبرى و قال، لا تهتم اننا عشنا في بداية التسعينات كل يوم على وجبة واحدة و وزعنا اولادنا على وجبات في غذائهم . و لكن ما يقهرني اننا ضحينا بالالاف من الشباب و لم نحقق ما ضحينا من اجله لحد الان . و قلت ماهو، الم تتحرر و لك اقليم فدرالي . فشهق ضحكا و قال: والله يا ابني، اننا لم نتقدم خطوة حقيقية اي اننا كما كنا قبل الانتفاضة و اسوء . قال تعرف لماذا. قلت لماذا؛ قال لاننا لم نضمن مستقبلنا و لازلنا كما كنا و لم نطمان على حياة اولادنا حتى لما بعد عقود . و اخيرا قلت له لماذا لا تعترض خالو و تتظاهر و تحتج ؟ تهكم من كلامي و نظر الي عيني بقوة النسر و بسخرية قال، و هل استفيد ام اتضرر اكثر، اليس ما نحن فيه اكبر من الاعتراض عليه باي اسلوب كان، الم نعترض يوميا . قلت و ما الحل . قال والله يا ابني لا ينقذنا شيء الا ازاحتهم جميعهم بعملية واحدة كيفما كان، انقلابا او باية صورة او تغييرا شاملا هنا و العراق ايضا، لاننا مرتبطون بهم لحد الان و لا يمكن ان نتغير و نحن ضمن نظامهم . و قال لي اخيرا، ابني انا كنت شيوعيا و لم يفدني ما قدمت رغم انهم علموني و ربوني على حب الفقير و العمال و الكادحين، الا انني لم انجوا من ظلمهم ايضا . قلت كيف ؟ قال دع القصة لوقت اخر سوف اكلمك عنه فيما بعد . قلت هل انت تطيق هذا الواقع المخزي و الازمة الاقتصادية الخانقة . قال لم يبق لنا كثيرا كي نتحرر، لان الواقع علمني كلما تشتد الحال تفرج. و انتظر قريبا نجاتنا سواء بهذا الاتجاه كان او ذاك . عدت خائبا بعدما اشتريت بعض الاحتياجات منه. و قلت انه هو المقيٌم الواقعي الجيد غير المنحاز، و ليس له اية مصلحة شخصية او حزبية، انه يستبشرنا بالنجاة النهائي لانه اشتدت الازمة و لا يمكن ان تُطاق. فيفرج بشكل او اخر . فهل اصدق ما قاله عمو ابو شيرزاد؟ ام يجب ان ينضج اكثر و ننتظر ما يتمخض عن هذا الغدر الذي يحصل للشعب الكوردستاني الذي لم يذق طعم الحياة في عقوده الماضية، و اليوم من بني جلدته . منكم لله يا اولاد الحرامية و السذجاء و المحصورين في اطار المصلحة العائلية و الحلقات الضيقة و الضحية دائما هي الطبقة الفقيرة المعدمة . و رددت كلام العم سوف ننجوا من هذه الحال لانه تعلم من الحياة الفرج ياتي بعد الكرب دائما .. و نحن في انتظار المنقذ .