ليس تأبيناً وأكثر من رثاء

 

لا ادري ان كان مجرد شعور اقترن كما اقترن مع عدد من المقربين الذين اعرفهم سواء على الصعيد الاسري ام العملي ان في نهاية كل عام وخلال شهر كانون الاول بالذات يبدأ ملك الموت حملة تصفية كبرى لنشهد رحيل العديد من الاشخاص ، والعام الماضي لم يكن مختلفا عن الاعوام التي سبقته او على الاقل ذلك ما اشعر به بصرف النظر عن صحة او خطأ نظرية حملة التصفية المزعومة الا ان بداية العام الجديد 2016 وقبل ان ينتهي شهره الاول فقدت الكثير من الاقارب والاصدقاء والمعارف وما ان افتح صفحة الفيسبوك خاصتي حتى اصطدم برحيل شخص اعرفه وبيني وبينه درجة قرابة معينة.ولشدة التشبث بما هو حي وجميل اضطر الى الابتعاد عن المواقف الحزينة لكني اجد نفسي كما هو حال العراقيين عائدا للحزن لا مفر فكيف لا حينما تنام وانت لا تعرف في اليوم الثاني هل ستجد صديقك قريبك حبيبك نفسك ام انه سيتحول فجأة الى ماض وما على الاخرين سوى ان يعقبوا بعبارة الله يرحمه وانتهى؟.خلال الشهرين الماضيين فقدت كما فقدت الاوساط الادبية الاديب خضير ميري وابن عمتي الشهيد والد الشهيد الذي راح فداء للوطن وهو يقاتل ارهاب داعش وامس انتهى مجلس عزاء مدير قسم الاعلان في جريدة (الزمان) حيث اعمل منذ اكثر من 13 عاما الحجي كاظم دوحي السعدي ابو سحر كما رحل من رحل من اقارب واصدقاء ومعارف لهم مكانة في نفسي لافاجأ بتوجيه رئيس التحرير بضرورة تخصيص صفحة كاملة عن الكاتب والمؤلف متعدد المعرفيات معتصم زكي السنوي.وقد عرفت السنوي منذ نحو 7 سنوات تقريبا وكنت اتابع ما ينشره في الجريدة من مقالات ودراسات واجزم بانه من بين اكثر الكتاب نشاطا وحيوية ونتاجا كانت ثمرته نحو 9 كتب ومئات المقالات والدراسات بعضها بين طيات الكتب المذكورة ، وقد التقيت بالسنوي عشرات المرات بحكم عملي في الجريدة التي احتفت على مدى مسيرتها منذ انطلاقها في نيسان 2003 بالعراق مستكملة مسيرتها مذ صدرت عام 1997 في لندن مرتين بمناسبة اصدار اثنين من مؤلفات السنوي التي نشر معظم موادها ان لم تكن جميعها في (الزمان) وعلى الرغم من كبر سن الراحل واخذ الدهر ما اخذه من صحته وقوة جسده الا انه كان عجيبا في غزارة الكتابة وكان يواظب على التردد الى مبنى الجريدة حتى اصبحت له علاقات طيبة مع ملاك التحرير وتطورت لتصبح علاقات مع كتاب الجريدة الخارجيين الذين كانوا يتجمعون بين اسرة (الزمان) ليشكلوا ترسانة من خيرة كتاب المقالات والاعمدة.ولان المقام رفيع والمقال يعجز عن الوصف اختم كلماتي البسيطة هذه ببضعة تساؤلات  اليس جميعنا راحلون ؟ اليس الموت حق؟ الم يرحل الانبياء والرسل والقديسون والراسخون في العلم وكبار القادة والمناضلين وغيرهم من خلق رب العالمين؟ بالتاكيد انها النهاية المحتومة لكل انسان ، فالجميع فان لكن هل الجميع خالد؟ ان الجسد فان اما الروح والاثر فباقية وكل من ترك خلفه اثرا بعلم ينفع به الناس بصدقة جارية بخلف صالح يبقى حيا في الضمائر والقلوب وهنا لا ارثيكم يا احبتي ولن اؤبنكم وانما الرثاء لمن غاب وسيغيب جسدا وروحا وحسبي ان اغلبهم من المسؤولين وليس البسطاء الذين احبوا الله واحبهم على فطرتهم وسجيتهم.