هل يحتاج الله الى وطن؟

منذ بدء الخليقة بأعتماد النظرية الاسلامية لوجود البشرية كان وجود ادم عليه السلام على الارض كأول خلق لله عز وجل منذ عشرات الالاف من السنين، ومنذ ذلك الحين حتى خاتمة الاديان بظهور الاسلام كان الله يبعث للبشرية انبياء ورسل لايصال المفهوم الألاهي للبشرية والمقتصر على حسن تقويم السلوك الفردي للانسان، وان جميع الديانات السماويه وغير السماويه انتهجت ذلك مع بعض الاختلافات بالطقوس وجميعها لا تحتاج الى ارض معينه لنشرها، كون تأثيرها على الانسان نفسي وغير حقيقي " اقصد تلك الطقوس"، ويعتنق الانسان هذه الديانات حسب ضروف معينه منها الانتماء أوالقناعة التامة بها.

وجميع الانبياء كانوا اصحاب مهن يعتاشون منها مثلا ابراهيم كان بناءً، وداوود حداداً، وإلياس نساجاً وغيرهم وصولا الى النبي محمد (ص) الذي كان راعيا ومن ثم اتخذ التجارة كوسيلة لكسب قوته اليومي. الغريب من هذا كله ان الدين اصبح مهنة وتجارة مربحة في ايامنا هذه، ومن الماضي القريب ايضا، واصبح رجل الدين يكسب الاموال من كد وعرق الفقراء مدعيا ان ذلك من عند الله والى الله، وهو بذلك يصنف بأنه عنصر غير منتج. وبسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية في العراق وعلى المدى الطويل ولدت شريحة كبيرة من الفقراء استغلهم رجل الدين لكسب منافع اكبر، واهمها المشاركة في العملية السياسية وصناعة القرار السياسي، فحلت واستفحلت علينا هذه الطامة الكبرى التي انتهجت التقسيم على اساس الاديان والطوائف والمراجع وكأنما الله يحتاج الى وطن، او ان صح التعبير فكأنما لكل رجل دين اله يجب ارضاؤه. والحقيقة ان رجل الدين يحتاج الى سد طمعه وجشعه بامتلاكه القدر الاكبر من الاموال والسلطه ويقاتل ويحاول فرض سيطرته بكل ما اوتي من مكر وحيله على ارض ما وكأن الله في حاجة لها وهو له الحق الوحيد ليدافع عن وجود الله فيها.

الاديان مجموعة افكار نشرت وتطورت في الارض وعرفناها وقبلنا بها فاعتنقناها فطبقناها لارضاء الله تعالى، فما لها بشؤون ادارة الدولة ولماذا يريد دعاة الدين الهيمنة على نظام الحكم؟ اليس الاجدر بهم ان يهتموا بارضاء الله تعالى بالعبادة المستمرة لوجهه الكريم؟ وهل وكلهم الله للدفاع عن شؤون الدين والسماوات؟ ان استمر الامر على ذلك اي قبول الناس بالتدخل الديني في السياسة فأنا لا استغرب اشاعة ظهور معجزة قريبه ينشرها دعاة الدين بأن الله اوكلهم بأمور الناس اجمع وعليهم السمع والطاعة وكأننا قطيع خراف يقودها المدعين بالتدين. الدين مفسدة للسياسة كما ان السياسة مفسدة للدين وللمتدين.

لذا وبهذا علينا ان نعلن عن عصر النهضة العراقية وابعاد رجال الدين عن كل مفاصل الدولة وعدم السماح لهم بأي تدخل بأمور الدولة وحصر دورهم داخل الابنية الدينية وباوقات محددة وبكلام محدد وذلك للحد من الصراعات الطائفية ولتأخذ الدولة نفسها المدني بصنع قراراتها غير متأثرة بضغط ديني لمصلحة ما انما تكون المصلحة العليا للوطن والمواطن.