الراعي ...والرعية ...والذئب

يحكى أن أعرابية وجدت ذئبا ً صغيراً (جرو ذئب) قد ولد للتو ... فحنت عليه وأخذته وربته .. وكانت تطعمه من حليب شاة ٍ عندها ..وكانت الشاة بمثابة الأم لذلك الذئب ,وبعد مرور الوقت كبُر الذئب الصغير ..وعادت الأعرابية يوماً إلى بيتها فوجد ان الذئب قد هجم على الشاة وأكلها ..فحزنت الأعرابية على صنيع الذئب اللئيم الذي عرف طبعه بالفطرة ... فأنشدت بحزن قائلاً :بقرتَ شويهتي وفجعتَ قلبي ,وأنت لشاتنا ولدٌ ربيب ُ ,غذيتَ بدرها وربيتَ فينا , فمن أنباكَ أن أباكَ ذيب ُ,إذا كان الطباع طباع سوء ,فلا أدب ٌ يفيد ولا أديب ُ ,الكثير من الذين وضعنا ثقتنا بهم ومنحناهم تفويض التصرف بأمرنا وأموالنا ومقدراتنا ,لكنهم لم يكونوا بمستوى التحدي الذي يحيط بنا ,تلاعبوا بنا وبكراماتنا وبدمٍ بارد ,لم يأبهوا لنياح الامهات الثكلى وبكاء الآباء ودموع الاطفال وأنين الارامل ,كان همهم وشغلهم الشاغل كيف يجنوا الاموال من المنصب الذي وضعوا فيه ؟ لم يراعوا حرمة الامانة التي منحت لهم ,هي طباع الذئاب التي لا نرجوا منها الا الافتراس ,ما قيمة الراعي الذي من المفترض يحمي شاته وهو ذئبٌ عليهم ؟ سيقودهم لهاوية الهلاك ويعرضهم للمخاطر والمشاكل ويدخلهم في أتون الأزمات التي ليس لها حل ومخرج ,أي راعيٍ هذا وأي عهداً قطعناه معه ليقودنا لمذبح الموت ,نحن بذمة من ؟الراعي الحقيقي هو الذي يخاف على قطيعه من التحديات ويسهر عليهم ويدفع عنهم المخاطر ويحرسهم ليلاً ونهاراً أنهم جزء منه هم أسرته ,يخاف من الأذى والمكروه المحدق بهم؟يقاتل ويقتل ويعمل أي شيء في سبيلهم لحمايتهم من الأخطار نجده عندما تمطر السماء يسارع لإدخالهم لحظيرتهم (بيتهم ) ,ترى من سيسارع للحفاظ علينا من هذا الموت المنتشر هنا وهناك ,الكل يدعي انه المحافظ والمتصدي ,أذن من قادنا لهذا الهلاك !!! لوكان المسؤول عن حماية المواشي لا يعي حجم المسؤولية لوجدنا القطيع قد تهاوى بين الضياع والافتراس ,لكن المتولي على حمايتهم أدرك جيداً أنهم مسؤولون منه ولن يغمض له جفن عين حتى يؤمن لهم الحياة الآمنة التي يعيشون بها بطمأنينة ,اختيار الراعي يجب أن يكون دقيقاً ومستند لمعايير موضوعية ومهنية منها التحلي بالمسؤولية والشجاعة والتضحية في سبيل الجميع ,وليس الانتهازية والوصولية على حساب الجميع