غريبة من بعد "عين البرلمان"

بسرعة البرق بل ابرق من البرق سارع البرلمان الى تشكيل لجنة تحقيق بشأن تصريحات النائب مشعان الجبوري عن فساد الطبقة السياسية, كلها كما قال في تصريح متلفز. قبل اللجنة صدرت تصريحات غاضبة من بعض الأطراف السياسية إعتراضأ وإحتجاجا على ما بدا إنه "تعميم" غير صحيح من قبل النائب. وهذا الكلام من حيث الظاهر صحيح على الإقل إستنادأ لمثلنا الشعبي "من خليت قلبت". لكن التصريحات الإحتجاجية تطورت الى مطالبات برفع الحصانة البرلمانية . رأس الخيط في قضية تصريحات الجبوري إمتدت الى ماهو أكثر من المنطقي والمعقول. فإذا إفترضنا أن الجهة التي إحتجت أول الأمر بريئة من تهم الفساد حيث كان الأولى بها  لا الإحتجاج بل التحدي فإن ذلك فتح الباب أمام الجميع للإحتجاج بحيث بدا مشعان هو وحده الفاسد بين الكل والجميع مع انه قال ذلك فعلا بعظمة لسانه في حين بدا سواه  أبرياء, بل جاءوا على قميص مشعان بدم كذب.
أحد النواب ممن ظهر أكثر من مرة على الهواء حاملا ملفات خطيرة كما قال تطال  مسؤولين كبارا مدعومين من مسؤولين أكبر سرقوا وغسلوا أموالا بمليارات الدولارات, هذا السيد النائب "برجمها" على مشعان الجبوري. فالجبوري من وجهة نظره منتحل صفة عضو لجنة نزاهة وهو ليس بعضو, كما أن مشعان في حال كان صادقأ فقد إعترف بالسرقة وهو ما يتطلب محاسبته على ما إقترفته يداه الملطخة حسب عضو لجنة النزاهة الأصيل باموال الشعب العراقي. أما في حال كان  كاذبأ كما قال فإنه حنث بالقسم وهو مايتطلب رفع الحصانة عنه ومحاسبته.
يالله.. ماهذه الهبة الوطنية لمحاسبة من اعترف بالفساد ولم ينف ماصدر عنه حتى الان,ناهيك عن إنه أقسم بشرفه. فاللجنة البرلمانية التي تمت الموافقة عليها بالإجماع بدا أن هدفها الاول والأخير ليس التحقيق مع الجبوري بشأن ماصدر عنه بكل شفافية من اجل بلوغ الحقيقة مهما كانت مرة بل محاسبته ظالما أم مظلوما لأنه فضح ما عبرت عنه المرجعية الدينية تعبيرأ دقيقأ حين قالت "بح صوتنا" ونحن نطالب بمحاربة الفاسدين وما من مجيب. وها هو أحدهم يقول .. ها أنذا .. هل من مبارز؟
 المفارقة الأكثر لفتأ للنظر أن الجبوري أرسل من دمشق رسالة الى زملائه النواب يقول فيها بالنص كنت قد عزمت العودة الى بغداد لحضور جلسات البرلمان لكنني عرفت أن هناك من يقف بالباب لا لكي يمنعني  من الدخول بل لكي يودع رصاصة في قلبي تسكتني الى الأبد.
في ملتي وأعتقادي ليس المهم الآن رفع الحصانة عن الجبوري أم لا , بل حتى محاسبته ام لا. فالرجل في النهاية إعترف والإعتراف سيد الأدلة وحاجها ومعتمرها. المطلوب من قبل الجهات التي ترى نفسها فعلا لا قولا خارج دائرة الفساد التحقيق النزيه بعيدا عن التهديد والوعيد فما قاله مشعان سواء له او عليه حقيقة ناصعة ساطعة .. لايختلف عليها إثنان ولا يتناطح كبشان.