نظرية تداخل الطلب: تجارة الغاز الطبيعي العراقي مثالا

ربما يسأل سائل كيف يجوز للعراق استيراد الغاز الطبيعي من ايران وهو يصدره الان ؟ فقد أعلنت وزارة النفط العراقية يوم 20 اذار 2016 عن تصدير او ل شحنة من الغاز المكثف (السائل) من انتاج شركة غاز البصرة عبر مرفأ تصدير الغاز في شركة غاز الجنوب . لا تسال سياسي من ائتلاف العراقية او متحدون للإصلاح واحدا من وقف على منصات "الذل والعار" لان جوابهم سيكون حالا " هل بقى في العراق شيء اسمه عربي ؟, وهل بقى شيء في العراق ليس بيد ايران ؟ لعنة الله على الامريكان الذين سلموا العراق لإيران , والذي اصبح جزء لا يتجزأ منها" . ان لم تصدقونني اقروا ما يكتبون , لقد اصبحوا يحشرون اسم ايران حتى لو مات حيوان "الموس" في الاسكا من جراء سقوطه من مرتفع او اكله الذئب .

رجوعا الى صلب الموضوع , هل يجوز لبلد استيراد وتصدير نفس البضاعة او الإنتاج , كان تقوم الولايات المتحدة الامريكية تصدير سياراتها الى مختلف العالم وبالمقابل تستورد سيارات من مختلف بلدان العالم ؟ الاقتصادي السويدي Linder يقول نعم بالإمكان التجارة بنفس البضاعة إذا كان الطلب ما بين البلدين متشابهان. نظرية هذا الاقتصادي والتي اثبتتها الدراسات الاقتصادية جاءت كرد فعل على ما عانت نظرية Heckscher-Ohlin من انتقادات نظرية وعملية. بموجب هذه النظرية فان الدول ذات الفائض في رأسمال يجب ان تصدر بضائع رأسمالية (مكائن ومعدات ثقيلة) , بينما الدول ذات الفائض من العمال يجب ان تصنع وتصدر بضائع تحمل طابع الاستهلاك (منسوجات , اثاث منزلي , ومنتجات زراعية ) . هذه النظرية قد تحداها الاقتصادي الروسي المولد Leontief , , . هذا الاقتصادي وجد ان الولايات المتحدة الامريكية على الرغم من كثرة رأسمالها وتوفره الا انها تستورد البضائع الرأسمالية وتصدر البضائع الاستهلاكية. أي بكلام اخر بدلا من ان تصدر الولايات المتحدة الامريكية بضائع رأسمالية وتستورد بضائع استهلاكية فان ما يجري هو العكس تماما. هذه العكسية في التجارة سماها الاقتصاديون حيرة Leontief .

Linder طابق Leontief في استنتاجه و عرض نظريته والتي تقول ان تساوي الدخل الفردي بين الشعوب سوف يؤدي الى زيادة التجارة بين البلدان بنفس البضاعة . ولكن لماذا؟ الجواب هو ان عندما يتساوى الدخل بين مواطني الولايات المتحدة الامريكية وكندا , على سبيل المثال , فان المواطن الكندي سوف يستورد سيارة أمريكية لأسباب كثيرة منها المتانة , الحجم , النوعية , اللون , اسم الشركة , المواصفات, و الخدمة بعد البيع . الأمريكي هو الاخر سوف يستورد سيارة كندية ولنفس الأسباب. وهكذا على سبيل المثال عند النظر الى تفاصيل استيرادات وصادرات الدول , نجد ان هناك بضائع معينة تصدر الى دولة بينما تستور الدولة المصدرة نفس السلعة منها.

هل يمكن التجارة بين الدول الفقيرة والغنية؟ الجواب هو أيضا نعم. كيف؟ لان في الدول الغنية هناك اغنياء وهناك فقراء , وكذلك في الدول الفقيرة هناك اغنياء وفقراء . الدول الفقيرة تصدر بضائع الى الدول الغنية لإشباع حاجة الفقراء فيها , بينما تصدر الدول الغنية بضائع الى الدول الفقيرة لإشباع حاجات الأغنياء فيها . على سبيل المثال , الولايات المتحدة الامريكية تصدر السيارات , المعدات الثقيلة , الطائرات , البتروكيماويات الى جمهورية مصر العربية , وبالمقابل تقوم مصر العربية بتصدير بعض انتاجها والذي يحمل طابع الاستهلاك للمواطن الأمريكي .

وماذا عن استراد وتصدير نفس المواد الأولية , مثل الغاز , النفط , السمنت , الحنطة والشعير , الرز , القصدير , الصلب و الحديد, النحاس , ومواد أخرى كثيرة ؟ لماذا على سبيل المثال يستورد العراق مادة السمنت من إيران بينما ان هذه المادة تصنع محليا ومتوفرة في الأسواق العراقية؟ الجواب يأتي بسبب كلفة الشحن. سيكون استيراد الاسمنت من المحمرة , المدينة الإيرانية المجاورة الى محافظة البصرة اكثر اقتصاديا (ارخص سعرا) من شراء الاسمنت من محافظة المثنى وهي المحافظة العراقية التي تنتج الاسمنت . وهذا ينطبق أيضا على جميع المنتجات الموسمية. على سبيل المثال , ان الاستهلاك العراقي من ثمار الطماطة هو على مدار السنة ولكن العراق لا يستطيع انتاج الطماطة في موسم الشتاء وعليه يجب استيرادها من الدول المجاورة وغير المجاورة . وما هي قضية استيراد و تصدير الغاز الطبيعي ؟ الجواب يأتي من سياسي وخبير نفطي. نائب رئيس لجنة النفط والطاقة النيابية علي معارج البهادلي يجيب على هذا الاستفسار قائلا " هذا الإنجاز (تصدير الغاز) يسجل للعراق برغم تأخر هذه الخطوة , لكن في المقابل ما زلنا نعاني من القطاع ذاته فنحن بحاجة الى نوع معين من الغاز وهو الجاف من اجل تشغيل محطاتنا الكهربائية وهذا النوع غير متوفر بشكل كبير في العراق فنضطر الى استيراده". أما الخبير في الشؤون النفطية السيد حمزة الجواهري فيقول ان " الغاز الذي يصدر هو غاز سائل (الأجزاء الثقيلة من الغاز) , والتي تكون على شكل سائل وهذا ما تقوم به شركة غاز البصرة مع شركة شل ومتسوبيشي" , مبينا ان " الغاز الذي يأتي من ايران لتشغيل المحطات الغازية الكهربائية هو غاز جاف طبيعي فيه نسبة عالية من الميثان ".

بالطبع النظرية لم تنجو من انتقادات الاقتصاديين الجدد , حيث كانت اول انتقاداتهم للنظرية انها تتجاهل الإنتاج الكبير (انخفاض في كلفة الإنتاج) ونسبة العائد الربحي للإنتاج . ولكن على العموم فان النظرية تعطي الشرح الوافي حول سؤال لماذا التجارة بنفس البضاعة. كما و ان التجارة بالبضاعة الواحدة تعطي الفرصة للمنتجين التوسع في الإنتاج , تشجع المنافسة العالمية , واكثر مقبولية من قبل السياسيين , خاصة وان نظريات التجارة القديمة كانت تدعوا الى التركيز على انتاج عدد صغير من البضائع التي تحقق الفوائد للمنتجين وترك البضائع الأخرى لدول أخرى . بكلام اخر لقد انتهى عصر انت تصطاد السمك وانا أنتج الحنطة ولا يجوز لك الجمع بين الاثنين وفي الأخير انا اشتري منك ما احتاجه من السمك وانت تشتري مني ما تحتاجه من الحنطة , وبذلك تزداد المنفعة والإنتاجية لكلا الطرفين كما كان الاقتصاديون الأوائل يوعظون به.