ماهو النسيء: ادلة وبراهين على خطأ التقويم الهجري الحالي.. بقلم فادي بلقاسم

لغويا النسيء هو ما يأتي في الآخر.

والشهر النسيء هو شهر لا يعدّ من الأشهر الإثنتي عشرة القارة بل يأتي مرة كل 32 شهر لتغطية الفارق الذي تكوّن عن انزلاق الأشهر القمرية من مواضعها في الفصول التي تنتمي إليها.


ونستطيع فهم هذا الشهر الذي يضاف فنحن نعرف أنّ 12 شهر قمرية تنقص عن السنة الموسمية\الشمسية بقرابة 11 يوم. فإذا اعتبرنا 32 شهر قمري سيتراكم هذا الفارق ويصبح شهرا قمريا كاملا عندما يضاف يجعل الفصل القمري الموالي يأخذ مكانه من جديد في موسمه (في فصله).


كل الحضارات التي تعتمد على العد بالأشهر القمرية تستعمل شهر نسيء للتقويم. ومن هنا جاءت عبارة التقويم القمري أو تقويم الأشهر العربية ثم أصبحت التقويم الهجري مع ظهور الإسلام.


الروم بحثوا كيف يقسّموا الـ 11 يوم (هو أكثر بقليل) على الـ 12 شهر القمرية (لتفادي تتبع الهلال كل مرة وعند انتشار الغيوم في منطقتهم) فأعطى ذلك أشهر طولها بين 30 و31 ما عدى شهر ينقصه يوما مضافا. تلك هي الأشهر الڤريڤورية (وكانت تسمى في الأوّل الجوليانية نسبة لجوليان ثم صحّحها من بعد ڤريڤور). وبما أنّ الفارق هو أكثر بقليل من 11 يوم فيضاف كل بضع سنين يوم إلى فبراير.


بالنسبة إلينا كمسلمين، نحن في حاجة إلى أشهر قمرية. لذلك يستوجب علينا تقويمها بإضافة شهر النسيء على الطريقة المذكورة (كل 32 شهر قمري) كما أنّه أدقّ من التقويم الڤريڤوري :-)

أدلّة وبراهين

إضافة لما نقرأه في المقدَمة أعرض عليكم بعض الأدلة الأخرى :

1) من المشاهد التي حولنا والقرآن الكريم الذي (إذا) نقرأه :

هل يعقل أنّ فرائض الإسلام تُطبّق على المسلمين في شتّى أنحاء العالم فيتساوون في ممارستها باستثناء الصوم فتأتي مواسم تجد من يصوم قرابة يوم كامل (قرابة 22 ساعة) بينما يصوم الآخر بضع ساعات في اليوم !؟

 

الآن إذا أضفنا شهر النسيء سيأتي رمضان في الخريف بالنسبة لسكان النصف الشمالي من الكرة الأرضية (فوق خط الإستواء) وفي الربيع بالنسبة للنصف الجنوبي وسبحان الله تتّسم هذه الفصول بتقارب طول الليل والنهار وفي كل أنحاء العالم كما يكون الطقس معتدلا فلا شدّة حرّ ولا شدّة برد .. سبحان الله المقسط الذي لا يكلف نفسا إلا وسعها ويحذّرنا : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

 

ثمّ كيف نطبّق الآية التالية "وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" (2 - 187) عندما نعرف أن في اقترابنا من القطبين لا يوجد في بعض المواسم لا شروق أو لا غروب خاصة إذا دار رمضان الغير مقوّم فناسب تلك المواسم، أم إنّ الإسلام يقتصر على جزيرة العرب فقط ؟!


تقول الآية : "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" (2 - 183) ولكن الحضارات التي من قبلنا تقوّم أشهرها القمرية بإضافة شهر التقويم.


تقول بعض التفاسير أن الأشهر الحرم هي محرم (رمزا لبدايتها) ثم صفر (الفارق بين الليل والنهار صِفر) فربيع الأول وأخيرا ربيع الثاني والله سبحانه وتعالى حرّم الصيد البري في هذه الأشهر فإذا ألغينا شهر النسيء ستخرج هذه الأشهر عن موسم توالد الحيوانات المستهدفة في الصيد البري فيختل النظام وتنقبض الحيوانات والبيئة التي من حولها (كانت جزيرة العرب خضراء وتعج بالحيوانات في عهد الرسول، وكيف هي الآن ؟)

 

2) من كتب التفاسير أو التآويل :

 

الخطأ المشاع عند بعض المفسرين أو المؤوّلين يكمن في عدم قراءة الآية التالية إلى آخرها والإكتفاء بأولّها فهم يقفوا إلى "إنما النسيء زيادة في الكفر" كمن يكتفي بقراءة "ويل للمصلين". عندما نتابع القراءة نجد أولا أن الضلالة بالقرائتين (يُضَلُّ ويَضِلُّ) على الذين كفروا وليس المؤمنين ثم بمواصلة القراءة نفهم سبب الضلالة إذ يحلون ويحرمون النسيء في غير موضعه.


لتيسير الفهم يمكن قراءة آية النسيء كالآتي : "إنما النسيء (يصبح) زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا (عندما) يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زيّن لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين".


كما استشهد بعض المفسرين أو المؤوّلين بروايات كلها تصف كيف قدّم أو أخّر بعض المنافقين تحريم الأشهر الحرم باستعمالهم شهر النسيء ولكن أخطؤوا التأويل لمّا جعلوا الخطأ في استعمال النسيء في حين أن الخطأ ليس في النسيء بل في تحريم الحلال وتحليل المحرم من الأشهر العربية/الهجرية.

3) من كتب التاريخ :


لكم الآن حجة علمية / محسوسة لكلّ ما قيل في هذا الموضوع : في كتاب البداية والنهاية لبن كثير (الديمشقي) - الجزء السابع - وقعة اليرموك، يذكر الّناقلون للحدث أنها كانت في شهر رجب سنة 15 هجري  ويذكر الغرب من تاريخ الروم أنّ تلك الواقعة كانت في شهر أغسطس (آب) سنة 636 ميلادية.


ولا يتوافق التاريخان العربية مع الرومانية إلّا بشرط استخدام شهر النسيء أي بقي العرب يستخدمون شهر النسيء بعد وفاة الرسول رغم زعم بعض المفسرين ميئات السنين بعد ذلك أنّ الرسول ألغاه في حجة الوداع سنة 9 هجري سنة نزول سورة التوبة بما فيها آية النسيء.



ختاما :

كل هذه التعارضات التي يعيشها المسلم بسبب هذا الخلل في الأشهر الهجرية اليوم تختفي فجأة بتفعيل شهر النسيء. فتعود لأشهرنا الهجرية جدواها (عمليّا) ونكون قد استمرنا على ما كان عليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والرسل من قبله وإلى ما كان عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وليس على الحال التي نحن فيها من بعدهم.



ملاحظة :

 

بالنسبة لتحريم وتحليل الأشهر عند إضافة شهر النسيء فالقاعدة بسيطة : شهر النسيء يكون محرما إذا عقب شهرا محرّما.