الدكتور ماجد كنون علي.. قصة مأساوية لطبيب عراقي.. Muhammed Saad

الدكتور ماجد كنون علي ، خريج كلية طب الموصل عام 1990 ، أكمل بعدها سنتي اﻷقامة الدورية ليبدأ سنوات التدرج الطبي ، كان رجلا هادئا متزنا ، و لغاية الليلة البارحة كان شاهدا حيا على قسوة و بطش اجهزة النظام البائد ، فبدلا من ان يشق طريقه الى الدراسات العليا كي ينال درجة اﻷختصاص كما يتمنى اي طبيب ، وجد نفسه في سجن من سجون صدام المقبور بتهمة التوجهات الشيوعية لبعض افراد عائلته وكان يتعرض في فترة سجنه الى اقصى درجات التعذيب و التنكيل ، و كما تعرفون فأن من يخرج حيا من سجون صدام يعتبر محظوظا الى ابعد الحدود لكن لم يكن هذا هو الحال مع الدكتور ماجد ، فقد خرج الى العالم شخصا مختلفا تماما ، خرج في حالة نفسية و عقلية صعبة للغاية ، ولم تمض مدة بسيطة حتى كان ماجد يهيم في شوارع الرميثة بلحية كثيفة و ملابس متسخة ويتكلم بكلام غير مفهوم او يكون مفهوم احيانا لكنه غير مترابط ، نعم لقد قضى دكتور ماجد 20 سنة على هذه الحال لكن رغم الحالة التي كان يعيش فيها إلا ان اهل الرميثة كانوا يقدرونه و يحترمونه حتى عندما كانت تتدهور حالته ليصبح عدائيا بعض الشيء ، كان لتجوله في شوارع الرميثة نكهه خاصة خصوصا انه كان يتواجد في منطقة شارع اﻷطباء بشكل شبه يومي ، وكان بعض اصحاب الكافتيريات يقدمون له اللفات كما كان يعجبه جدا ان يدعوه احد اصحاب المقاهي الى تناول استكان شاي ليجلس و يضع رجل على رجل بطريقة ارستقراطية جدا و يرتشف الشاي وهو يحدق في الفراغ وان لم يتلق مثل هذه الدعوة كان يدعو نفسه بنفسه و يأتيه استكان الشاي دون ان يطلب ، و اغرب ما في حالة هذا الرجل انه لم ينس مهنته السابقة التي درس ﻷجلها و عمل بها بضع سنوات ، وكان بإمكان اي شخص ان يستوقفه و يسأله عن حالة طبية معينة فيبدأ الدكتور ماجد بسؤال الشخص اسئلة طبية دقيقة ثم يكتب له وصفة طبية صحيحة تماما ، وكنت شخصيا اكن له اﻷحترام وكم من مرة سلمت عليه عندما يمر بقربي بجملة ( شلونك دكتور ) فيرد علي بوقار غريب ( هلا هلا أغاتي ) و احيانا يختصرها بكلمة ( اغاتي ) فقط ، عثر الليلة البارحة على جثة الدكتور ماجد وقدر وقت وفاته بثلاثة ايام ، ارتاح اخيرا من هذه الدنيا بعد ان سلبه ازلام صدام عقله لكنهم لم يستطيعوا ان يسلبوه روحه الطيبه و العلم الذي درسه لسنوات ، رحمك الله ايها الزميل المظلوم و لعن ظالميك الى ابد اﻵبدين ..



Muhammed Saad