نزاع اقتصادي بين المثنى وذي قار

نشب نزاع بين مواطنين من محافظتي المثنى وذي قار بشأن منطقة نفطية تقع على الحدود الادارية بينهما وكأنهما بلدان مستقلان وذوو سيادة والحفاظ على ارض كل منهما واجب مقدس وليس هما من جغرافية العراق الذي مايزال موحداً.
في زمن الادارة المركزية كانت الثروات الطبيعية ليست موضع نزاع بين ابناء البلد الواحد برغم التوزيع غير العادل في الموازنة والاستثمار فيها .. هذه الثروة تدار مركزياً وليس لادارة محلية ان تتدخل فيها وكان المواطنون يحتجون على الخطط التنموية السقيمة والمنهج الاقتصادي الخاطئ.
اما الان بعد الاطاحة بالنظام الشمولي الذي لم يأخذ منه بعض ايجابياته الادارية والبنائية وتم رميه كله طبعا هذا بسبب المساوئ والعذابات والهدر وتبديد الثروة والفقر الذي يلف غالبية الشعب بكل مكوناته، ولكن الدستور الجديد تضمن صياغات مبهمة وشكلت نقاط خلاف منذ كتابتها، ولم يتحسب الى تداعياتها، لانه وليد ظروفه والتوافقات واستمرار عدم الاستقرار السياسي اسهم في التعجيل وبروز تناقضاته التي تتطلب الحل والمعالجات السريعة.
ان الدستور ينص على ان الثروات الطبيعية ملك لكل الشعب العراقي، وفي ذات الوقت اكد اسهام الاقاليم والمحافظات في استغلالها ومن هنا التناقض بين مادتين لم تتمكن القوى من التوافق على معالجة الخلل فيهما وما نشأ من امر واقع. 
لو تمكنت العملية السياسية من تشريع قانون النفط والغاز وتأسيس شركة النفط الوطنية وكل القوانين المتعلقة بتنظيم الثروة على وفق النظام الاداري والسياسي الاتحادي لما نشبت هذه المشكلات.
بقيت القوى الحاكمة هاملة للتحديات ولتنظيم استفادة الشعب العراقي كله من ثرواته الطبيعية.. بل انها اذكت الصراعات بين هذه المحافظة او تلك ناهيك بين المركز والاقليم بتعطيلها لعدم اعطائها الاولوية في الحلول بغض النظر عن الاسباب.
ان التفاوت في وضع الخطط لتنمية المحافظات وراء هذا النزاع وربما المقبل منه فالمثنى محافظة هي تتصدر قائمة المحافظات الفقيرة ولم تنل نصيبها من الثروة والتنمية.
ربما يكمن الحل في العودة الى تأسيس شركة النفط الوطنية او الاستثمار في المناطق الحدودية من قبل شركة عابرة لحدود المحافظات الجنوبية لان  هذه المشكلة قد تتكرر بين محافظات اخرى ولاسيما ان المجتمع تسود فيها نزعات محلية ضيقة والانسجام فيه يواجه صعوبات كبيرة جراء السياسات الخاطئة ونظام المحاصصة والتحصيص الذي اخترق مجتمعنا افقياً وعمودياً.
ولابد من تطمين الشعب وايلاء المحافظات الاكثر فقراً  اهمية مناسبة ومساعدتها على تخطي محنها الاقتصادية من خلال التوزيع العادل للثروة النفطية بين جميع العراقيين.