مغالاة على صفحات الفيسبوك طوق ظلم دستوري مغلف بإرهاب دولة

 

 

·         قطع صدام صلة الرحم حد كتابة الزوجة تقريرا أمنيا يؤدي الى إعدام زوجها والأب يقتل إبنه: "تريد تموت موت"

 

معلقون على صفحات الفيسبوك، يبالغون.. مغالين، في الحنين لعهد الطاغية المقبور صدام حسين؛ كنوع من ردة فعل على فساد السلطة الراهنة، وسوء أداء الأجهزة التنفيذية، وغياب الخدمات.. الامنية والصحية والتربوية والبلدية والثقافية و... كل شيء.

قسوة الحاضر، جعلتهم يسربون أوجاعهم بمدح الماضي، ناسين ويلات البعث وصدام؛ وتلك فطرة بشرية، جبلها الخالق، في المجتمعات؛ كي لا ينفجر الفرد.. نفسيا وعضويا، من خلال المقارنة، بين أمن كان مستتبا بقوة السلاح، لا تتربص به دول الجوار ولا حاضنات داخلية.

المقارنة حال واقعة، فالعراق لم يكن بخير في عهد الطاغية، لكن سوء الحاضر ينسي الناس ما كان فيهم؛ لأن ذاكرة التاريخ تخر ما علق بها، يمحوه أسى الأيام المرة التي نعيشها، ظنا بأننا كنا في "حلاوة" و"كلما دخلت أمة لعنت أختها" فلا أحد يتذكر العوائل التي إنتحرت جماعيا؛ جراء جوع الحصار الذي كرسه صدام على الشعب؛ عقابا.. نظير إنتفاضة آذار 1991.. الشعبانية، فتضخم الحصار تجاوز الـ 25 ألف في المائة، وراتب الموظف 2000 دينار شهريا، يتسلمها ويضيف عليها ألفا؛ ليشتري طبقة بيض! بينما الراتب الآن موازٍ لغلاء المعيشة.

هل نسي الأخوة المعلقون على الفيسبوك، حروبه الهوجاء، وطروحاته القومية، التي أثراها وأفقر العراقيين، بحيث رأينا بأعيننا، عرب، يتقاضون رواتب مجزية من صدام، في الجامعات العراقية، تحت هاجس "قومية البعث" ومعاقبة الشعب، بل أصدر قانونا "يصوج" أي عراقي يصطدم بعربي، من دون معرفة الأسباب؛ فقس على ذلك كيف كان يهان العراقي.. داخل وخارج وطنه.

حتى قال صدام في إحدى رسائله، قبل إلقاء القبض عليه، في الحفرة الشهيرة، على هامش فيافي تكريت: "أشبعت الكلاب وجوعت الإسود" وكان لسان الحال يقول: غزوت الكويت؛ يوم 2 آب 1990 مدعيا أنها تقطع الرزق؛ الذي (قد) يؤدي الى النيل من العراقيين الذين سفحت حياتهم بالتجويع بعد إنتفاضة 15 آذار 1991" دافعا لكل جريح فلسطيني، يقاوم إسرائيل 25 الف $؛ ما جعل الفصائل الفلسطينية تتفق مع إسرائيل، على تسريب قوائم وهمية بأسماء جرحى وقتلى لا وجود لهم؛ إنما هو شفط لثروة العراق، المحاصر حينها، إستغفالا لصدام الذي أنشأ مستشفيات ذات مواصفات سياحية فائقة، للفلسطينيين في الأردن وإسرائيل، اللتين رحبتا بالفكرة، وسهلتا تنفيذها؛ لأنهما تعرفان بالنتيجة تؤل ملكيتها لهما.. وفعلا آلت... بحياته، وهو في الحكم.. قبل السقوط!

حينها كان العراقيون يموتون بالملايين؛ جراء شحة الادوية والغذاء.. تخبطات جعلتنا حتى هذه اللحظة ندفع المليارات، كتعويضات للكويت الشقيقة، وأيضا قفز الفلسطينيون برفع قوائم للأمم المتحدة، يدعون فيها أن هؤلاء شغيلة فلسطينية تعمل في الكويت اثناء الغزو.. الأمر الذي لم تقدم عليه دول أخرى مثل باكستان والفلبين والهند وسواهن، من دول لها يد عاملة، في الكويت، تضررت...

قتل خيرة رجال الدين والعلم والادب والاعلام والفن والرياضة.. سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة وأيزيديين، من عرب وكورد وتركمان و... كل من لا يسير في ركبه، حتى من أراد المكوث على الحياد؛ تطبيقا للشعار البعثي: "من ليس معنا.. ضدنا".

لم يكن أحد آمن في زمن صدام، وكل من يعيش لا بد أن يخترق القانون، من جهة ما؛ لأنه أحكم طوق الدستور حول الشعب، مصادرا وجوده وحقه بالحياة، فارضا طوق ظلم دستوري، يجري ميدانيا بتكييف من إرهاب الدولة للمواطن.. تخنقه بقلق مستمر، لا يتيح له التفكير إلا بإستنشاق الهواء من خرم إبرة؛ كي يديم قوت عائلته،...

قطع صلة الرحم، حد كتابة الزوجة تقريرا أمنيا يؤدي الى إعدام زوجها؛ كما حصل مع الفنان الشهيد صباح السهل، او الأب يقتل إبنه، ويكرمه صدام على شاشة التلفزيون؛ تشجيعا لفصم عرى العائلة؛ كما حدث لـ (أبو العزيزية) الذي إشتهر بعبارة "تريد تموت موت".

في حين الدستور العراقي، يقضي بعدم محاسبة، ذوي القربى، من الدرجة الأولى؛ لتسترهم على مجرم؛ كي لا يقطع صلة الرحم، وإذا بصدام يشجع الأب على قتل إبنه إن لم يلتحق بالحرب ضد أيران.

تعريفة السفر 400 الف دينار.. وسلم رقابنا بيد أقربائه الأميين.. صحيح الحال تكررت الآن، لكن هذا لا يعني الحنين لعهده؛ فإذا دمر صدام ثلث البلد، فتبعاته أجهزت على الثلثين المتبقيين.. لن أدافع، لكنه ليس أسهل من الآن، حيث نستطيع السفر بحرية، وراتب الموظف موازٍ لغلاء السوق، ويمكننا أن نفرج عن كمدنا بشتم رموز السلطة، وفي زمنه أٌعِدم ضابط لأنه حلم بتنصيبه وزيرا للدفاع، وليس رئيسا بدل صدام!

لا راد لطيش عدي وقصي وحمايات الطاغية، يقتلون ويعتدون على الأعراض، من دون حساب،... هل حدث مثل ذلك الآن!؟

إستعراضنا ظلم وحماقات وطغيان صدام، لا يعني أن سلطة ما بعد 2003 (زينة) بل ضيعت فرحتنا بسقوطه؛ جراء فسادها؛ لذا أتمنى الا تنطلق تعليقات التضامن مع صدام من إنحياز فئوي؛ فهو لم يكن سني الهوى، إنما بلدوزر يكتسح من يقف في طريقه، من أيما طائفة أو قومية.

شارك صدام في إبادة السنة، وتشريدهم، كما فعلت "داعش" الآن، من دون أن تختص الشيعة بأكثر مما شملت سواهم به، فإتقوا الله ولا تعلقوا إنطلاقا من ثأر موتور، ولا تغالوا مدحا بذاك الزمان؛ بغية ذم هذا الزمان.