"لطم شمهودة" الشبك.. واجبات من دون حقوق

 

يستقر "الشبك" في سهل نينوى.. عراقيون أصلاء، ومسلمون.. منهم 75% شيعة و25% سنة، تعود أصولهم الى آر بن آدم.. أي من الأقليات القومية الآرية، إشتهروا بالتعايش السلمي والرفعة الحضارية، التي يتمتع بها، حتى القروي.. غير المتعلم منهم، مع تقدم معظمهم بشهادات عليا ووعي رصين وثقافة راكزة.

إذن هم إنموذج إيماني.. إسلامي، ونخبة قومية.. عراقية مشرفة، على كل الأصعدة الطبية، يتواصلون مع المكونات الاخرى منذ مئات السنين.. كانوا ومازالوا عامل إيجاب وثروة وطنية نوعية، تعرضوا للقتل والتهجير وتفجير دورهم في الموصل على يد تنظيم "القاعدة" الإرهابي، إستشهد خلالها اكثر من ١٥٠٠ مواطن شبكي منذ ٢٠٠٦ الى ٢٠١٣ وهُجِرت حوالى ١٠ آلاف عائلة، من داخل الموصل الى مناطق سهل نينوى.

أشارت وزارة حقوق الانسان العراقية، في تقريرها السنوي للعام 2٠١٠ الى أن الشبك من اكثر المكونات العراقية المتضررة بفعل العمليات الإرهابية؛ إذ عانى الشبكيون.. وما زالوا.. من سياسة التهميش والاقصاء، سواءً في ظل الأنظمة السابقة أو حتى بعد 9 نيسان 2003، الذي تبني فيه العراق (ما يسمى بالديمقراطية التوافقية) التي أغفلتهم، مسهمة بتخطيهم وعدم ذكرهم في الدستور الاتحادي لسنة ٢٠٠٥ النافذ، مروراً بالتهميش على المستوى التنفيذي وكذلك في مجال رسم السياسة الوطنية؛ فلا تمثيل لهم في الوزارات المتعاقبة.. الخارجية والداخلية والدفاع وسواها.

غياب التمثيل الشبكي في مفاصل الدولة، يعود الى (روح الأنا) التي تستحوذ بها اقطاب العملية السياسية، على السلطة، تفردا؛ لذلك فإن اغلب المراقبين في مجال حقوق الانسان عامة والأقليات خاصة يعتبرونهم عراقيين من الدرجة الثانية أو ..ان صح التعبير الجائر.. عراقيين مع وقف التنفيذ.

قدم الشبك دروساً ميدانية بليغة، في التضحية والإيثار، على مر الازمنة من اجل الوطن؛ لذلك يعدون من أول المكونات التي لبت نداء المرجعية الرشيدة، بمشاركة الآلاف من ابنائها مع قوات الحشد الشعبي المقدس، في سوح الوغى؛ لمقاتلة "داعش".. ما زالت وستبقى.. دماء شهدائهم تخضب أرض صلاح الدين وجبال حمرين وصحراء الأنبار وسهول الموصل؛ لتطهيرها من رجس "داعش" مثبتين بالتجربة والبرهان، انهم مكون نوعي همهم العراق، لكن القائمين على السلطة وضعتهم في خانة الواجبات من دون حقوق، حتى بات حلمهم هو مجرد ذكرهم في المحافل والوثائق وفاءً للتضحيات التي قدموها، توطيدا لإنتمائهم الوطني.. تضحيات لا تقارن بجبال من ذهب.

لكن ما يحصل، هو "لطم شمهودة مع الكبار وأكلها مع الاطفال" لذا فالحكومة العراقية مطالبة بكف الجور عنهم، ورفع الحيف الذي غمط حقوقهم، وضرورة الالتفات اليهم بالحماية والإنصاف، وتعويضهم عما فات.. دستوريا وماديا ومعنويا، وأبسطها إشعارهم بأنهم مواطنون من الدرجة الاولى، أسوة بالمكونات الاخرى، من خلال مراعاة التمثيل الحقيقي لهم في كل مفاصل الدولة.. نوابا ووزراء ورئاسة جمهورية، وإدراج اسمهم كمكون اصيل في البطاقة الوطنية، التي يجب ان تراعي المساواة وعدم التمييز، بعيداً عن أية إعتبارات آخرى وإلا فلا مبرر من إصدار هذه البطاقة التي تقصي أبناءً وطنيين أثبتوا صدق ولائهم للعراق، معمدا بالدم وسفح أعمار شباب الشبك.. كأزهار حديقة وأطيار جنة.

على الدولة العراقية.. شعبا وحكومة ودستورا، أن تشعرهم بالمواطنة، وتثمن تضحياتهم، ليس لمرة واحدة، من باب جبر الخواطر، إنما بشكل مطلق، يكفله الشرع والقانون.

يجب ان يثبت العراق، أنه لكل العراقيين.. مسلمين (بضمنهم الشبك.. بديهة بلا نقاش) ومسيحيين وأيزيديين وصابئة، من عرب وكورد وتركمان وشبك (من الجانب القومي، تضافرا مع الإنتماء الإسلامي الحق) ليكون العراق.. كما نعرفه ونريده.. خيمة لجميع أبنائه الأصلاء...