الأردن .... الوصفة السحرية للخروج من عنق الزجاجة

 

لسنا مدن ملح ،ولم نكن يوما شعبا أميا جاهلا،وأرضنا مباركة خصبة،ولكننا لم نحسن  إستخدام طاقاتنا،ومكامن القوة عندنا ما أكثرها ، فالقوي عنده مكمن ضعف ،كما ان الضعيف لديه مكمن قوة ، ونحن على إعتبار أننا ضعفاء لدينا  مكامن قوة كثيرة أهمها موقعنا الإستراتيجي ،وطبيعتنا وعلمنا  وكبرياؤنا .

لكن علينا الإعتراف أن ما أوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه ،هو نحن ، لأننا لم نحسن تقدير قوتنا وطاقتنا  وموقعنا الإستراتيجي،وأتقنّا فن تقديم الخدمات للآخر أي آخر بدون ثمن ،وإن كان هناك ثمن فضئيل لا يساوي واحد بالمئة من الخدمات التي نقدمها للآخر.

علمني صيد السمك قبل ان تتفضل عليّ بسمكة ربما تكون غير صالحة للإستهلاك البشري ، ونحن بطبيعة الحال نعرف كيف نصطاد السمك والفيلة والذئاب والضباع وحتى الأسود ،لكن لا يوجد لدينا القرار السياسي الذي يسمح لنا  بذلك.

لدينا مناطق زراعية تمثل سلة غذاء ليس لنا فقط بل للمنطقة بأسرها وهي الأغوار، ووادي رم وسهول مادبا وسهل حوران الأردني والشمال وحتى مناطق واسعة في الجنوب ، ولكننا لا نزرع ، ليس لقلة حيلتنا بل لعدم الرغبة في الزراعة  ،والغريب أننا نستورد الفواكه والخضار من مستدمرة إسرائيل ،ونحن لا نعلم عن وجود نص في تلمود بابل يقول:"أرسل لجارك الأمراض".

وصلت بنا الأمور أن نقبل قمح الآخرين المفأرر، وما هو أكثر فظاعة  من ذلك أن نائبا مطبّعا مع مستدمرة إسرائيل ،حاول إدخال شحنة قمح إسرائيل غير صالح للإستهلاك البشري ، وهو هنا يرتكب مخالفة مزدوجة  ،فهو نائب شعب لكنه تعامل مع مستدمرة إسرائيل وحاول تسميم الشعب الأردني بشحنة القمح التي حاول إدخالها للأردن.

مشاكلنا ليت عويصة ولا هي عصية على الحل ،وما نسمع عنه بخصوص الوضع الإقتصادي ليس بهذا السوء الذي يحولنا في نهاية المطاف إلى دولة فاشلة ، فلدينا من الأغنياء العدد الكبير ،لكنهم قاموا بتهريب اموالهم إلى الخارج ، ولجأوا للبنوك المحلية وصاروا يصرفون بالقطارة ، ناهيك عن فسادهم وإفسادهم، كما ان تفعيل قانون الزكاة  له مفعول السحر في محاربة الفقر.

والمطلوب هنا ضربة مزدوجة للقضاء على الفساد وجلب الفاسدين  والوصول إلى تسويات  مرضية معهم ،وإخضاعهم للقانون ،وإجبارهم على دفع الضرائب المستحقة عليهم، ويقيني أن التعامل مع 40 فاسدا فقط  بما يحقق مصلحة الوطن ،سيكون كفيلا بحل الأزمة، لكن ما نراه أن قانون الضرائب  يعنى بالفقراء ومحدودي الدخل ولا علاقة له بالأثرياء.

الأردن ليس بلدا صحراويا قاحلا بل أكرمه الله كونه من أكناف بيت المقدس بالعديد من الثروات في باطنه، أهمها الدفائن التي تركها الغزاة على مر التاريخ ، والنفط والغاز والإعتراف بتقارير شركة "غلوبال ون" الأمريكية بخصوص وجود نفط بكميات تجارية في الأردن ، وإستغلال المعادن الثمينة مثل الذهب والنحاس واليورانيوم والبلوتونيوم ، وغير ذلك مما حبانا الله به حتى نحفظ كرامتنا  ونبقي على شموخنا وعزتنا بدلا من إرسال نداء إستغاثة للأثرياء .

مطلوب منا إعادة النظر في سياستنا الخارجية واول خطوة في ذلك إعادة النظر بتموضع قواتنا على الحدود ،والإعلان رسميا عن هيكلة الجيش وقوات الأمن توفيرا للنفقات ، وأن على المعنيين أن يتدبروا امرهم مع المخدرات والهجمات المسلحة ، عندها سنرى قوافل الحج السياسي للأردن من البعيد قبل القريب.

هناك قصة لا يتحدث عنها احد وهو أننا  ورغم الفقر الذي نعاني منه ،نتصدر قائمة الدول التي تعتمد على العمالة الوافدة ، ولا أدري كيف يعقل من بلد يشكو من الفقر ان يكون عماله وحتى عمال خدماته وعدد من عمال النظافة فيه  من الوافدين ، ناهيك عن حجم  الخادمات الآسيويات والإفريقيات المتزايد في الأردن .

هذه العمالة الوافدة  تلهف مئات الملايين من الدولارات  سنويا لتحويلها إلى الخارج ، ناهيك عن  واقع شبابنا العاطل عن العمل وتبعات ذلك  ،وما يحدث من قبل الخادمات في بيوتنا .

لدينا ملف جديد أرهقنا وهو ملف اللاجئين السوريين الذين تعبطناه بناء على وعود لم تنفذ، ومع ذلك فإن إمكانية تصحيح المسار ممكنة في حال توفرت الرغبة لدينا في إصلاح اوضاعنا والخروج من عنق الزجاجة .

نستطيع إظهار انيابنا في وجه المجتمع الدولي الذي أشعل النار في سوريا ليتحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين ،بدلا من أن يكون الحمل برمته فوق اكتافنا، ولا يخفى على احد أن الأخوة السوريين قد أصبحوا مواطنين أردنيين بحكم القانون الذي أتاح لهم العمل والإستثمار ومنافستنا .

أختم بأن على الحكومة أن تعدل من مسلكيتها وتقوم بمكافأة الشعب الأردني الذي لم ينزلق لما إنزلقت إليه شعوب دول الإقليم المجاورة ، بدلا من فرض الضرائب واللجوء إلى جيوب المواطنين الخاوية ، علما أنني انادي منذ زمن إلى  إلغاء الحكومة والبرلمان وإعتماد مجلس ملك مكون من عشرة شخصيات كفؤة نزيهة تخاف الله .