المواجهة الأمريكية –الإيرانية حتى آخر فلس خليجي

 

بعد أن دخل الرئيس الأمريكي الحالي /شريك العرب والمسلمين الإقتصادي المستثمر دونالد ترامب ، مارثون الإنتخابات مرشحا للرئاسة وتحدديا أوائل شهر آب /أغسطس الماضي،وجه تحذيرا شديد اللهجة للسعودية واليابان  على حد سواء، بأن عليهما دفع المال لواشنطن مقابل الحماية التي توفرها لهما بناء على الإتفاقيات الموقعة بين الجانبين.

المكتوب مقروء من عنوانه ،فالرجل مستثمر وتاجر وقد كبرت تجارته ونما رأسماله  بفضل شركائه العرب والمسلمين وفي المقدمة الوليد بن طلال ،ولكنه وبعد أن جيء به رئيسا لأمريكا ،إنقلب على العرب والمسلمين ،ونصّب نفسه خصما لهم،ولذلك فإن الرعب دبّ في قلوب الخليجيين وفي مقدمتهم السعوديين بعد إعلان النتائج.

قبل الغوص في التفاصيل لا بد من التنويه إلى أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تعمل على شيطنة السعودية  بإتهامها  باطلا ،أنها صدّرت "الإرهابيين " إلى أمريكا  لتفجير البرجين ،علما أن الشعب الأمريكي إكتشف وإن متاخرا أن عملية البرجين  الإجرامية كانت  من تدبير وتنفيذ الموساد الإسرائيلي واليمين الأمريكي،لإضعاف أمريكا  وإبعادها عن الشرق الأوسط حتى لا تضط على مستدمرة إسرائيل ، من أجل التوصل إلى حل يرضي الفلسطينيين ولو بالحد الأدني ،ولن يتأتى ذلك إلا بإضعافها ،ولذلك ورطوها في عهد المجنون بوش الصغير في ثلاثة حروب في أفغانستان والعراق وفي العالم على ما يسمونه الإرهاب.

بعد مجيء ترامب قلب الطاولة  بعقلية التاجر والمستثمر ،وحول الدفة بإتجاه إيران  بدلا من السعودية ،وبقدرة قادر أصبحت إيران هي  الدولة الإرهابية الأولى في العالم ،ولذلك هدد قبل المجيء به رئيسا لأمريكا بتمزيق الإتفاق النووي  مع إيران المعروف ب"5+1"،وهكذا تنفس السعوديون الصعداء وتخيل للعامة أن الضغط كله الآن على إيران.

حسب القياس والتطبيق فإن أمريكا ترامب لن تجرؤ على غزو إيران ،لأنها أولا وقبل شيء –وهذا ما يؤلمنا أن نكون هكذا كعرب-ليست دولة عربية تقبل المذلة والإهانة ،كما أن الشعب الإيراني يتوحد مع قيادته ضد الغزو الخارجي عكس العرب الذين يشجعون الآخر على غزوهم للتخلص من حكامهم ،لعدم وجود إنتماء لديهم بسبب إنعدام المواطنة الحقة والعدالة الإجتماعية وتساوي الفرص.

إبان حكم الثنائي المجنون للعالم "السفاح شارون والمجنون بوش الصغير " سمعنا عزفا ونشازا على وتر العداء الأمريكي لإيران  ،ودخلت مستدمرة إسرائيل على الخط ووزعت  العديد من السيناريوهات عن   رغبتها بضرب إيران ،ووصلت بها الأمور إلى توزيع خارطة مسار الطائرات الإسرائيلية ،وانها ستعبر الأجواء الأردنية والسعودية ،ولكننا وبعد إنصرافهما من المشهد ،لم نسمع عن ضربة أمريكية لإيران،وقد صمد المجنون بوش أمام ضغوط السفاح شارون وقال له :"أرجوك إبعدني عن إيران فهؤلاء فرس وليسوا عربا،ولقد نفذت رغبتكم ودمرت العراق  ".

قلنا أن الأمور في عهد الرئيس السابق أوباما مرت بسلام ،نظرا لأن عقلية الديمقراطيين  تقوم على عدم شن الحروب ،والإكتفاء بعمليات تأديبية بسيطة  للي ذراع الخصم ،وقد فعلوا ذلك مع النظام العراقي السابق، لكن الأمور تغيرت عندما تسلم الجمهوريون الحكم ، وتوجه دون كيشوت الأمريكي بصحبة رامبو إلى العراق ومن قبله أفغانستان ،ويقيني لو أن الديمقراطيين كانوا في سدة الحكم بعد تفجيرات البرجين في 11 سبتمبر 2001 ،لما قاموا بغزو أفغانستان والعراق ،ولما رأينا حربا  تشن على ما يسمونه الإرهاب وهم صانعوه.

مختصر القول فإن الرئيس ترامب جاء ليحكم بلاده  مؤفتا  بطريقة الربح والخسارة ،وهو دائما يسعى للربح ولذلك سيبني جدارا يفصل أمريكا عن المكسيك ليربح ،وها هو يسخن بين السعودية على وجه الخصوص وإيران ليربح ،وسينتقل إلى بقية دول الخليج ليجهز على ما تبقى في خزائنهم ،ولا بأس إن إقترضوا من البنك الدولي وصندوق النقد بضمان النفط المرهون أصلا، وستنتهي ولايته كما هو مرسوم لها ،بدون  ان يطلق رصاصة على إيران التي أظهرت  قوتها وإستخدمت ورقتها  بضرب مستدمرة إسرائيل ، بقولها أن الزمن الذي   يفصل الصواريخ الإيرانية عن تل أبيب لن يزيد عن السبع دقائق،ناهيك عن  القواعد الأمريكية في المنطقة وأقربها بطبيعة الحال  قواعد البحرين.

الإيرانيون والعرب عموما  وفي مقدمتهم دول الخليج العربية ،مطالبون بإعمال المنطق ،فأيا كان الرابح  فإننا خاسرون جميعا ،ولذلك نتمنى  على من يتمتع بالحكمة أن يدعو للتهدئة بين إيران ودول الخليج العربية ،لأنه لن يكون هناك رابح في الحرب ،مع انها لن تقع ،لكن المرعب  يتمثل في الإبتزاز الذي يمارسة ترامب ضد دول الخليج العربية،ونتمنى أن تكون النظرة لمستدمرة إسرائيل جدية كعدو يتوجب تطهير المنطقة منه ،أما أن ترفع ورقة إسرائيل في مثل هكذا مواجهات  دون تنفيذ ،فإن ذلك مستهجن.