زوجة سقراط

 

كانت تشتمه كيفما طاب لها أن تشتم. تدخل الى حلقات الدرس وتكيل له سيولاً من السباب والشتائم ,وهو جالس مع طلبته يلقي عليهم دروسهم الفلسفية لا يجيبها ولا كأنه يسمع شيئاً من سبابها . تلك هي زوجة سقراط الفيلسوف اليوناني , وظلت سليطة اللسان لا تعي مايقول لمريديه , ولا تفهم شيئاً مما يقول , بل ان همها الاوحد هو اطلاق لسانها البذيء في محاولة منها للاقلال من شأنه واثارة غضبه والتشويش على افكاره دونما فائدة . فلقد ظل سقراط غائصاً في كل ما كان يفكر فيه ناسياً ان له اذنين وجدت على جبهتي راسه لكي يسمع بهما ما يقال !

 

ومع كل هذا فأن سقراط يقول ( لقد تعلمت ان الحكمة في الصمت) وهذا لايعني انه كان فيلسوفاً صامتاً بل كان ناطقاً من الطراز الرفيع وكانت آراؤه ونظرياته تدور في عقول طلبته دوران العاصفة في الفضاء المفتوح ولكنه يدلل في هذه المقولة انه لا يجد الا الصمت دواءً لما كانت تفعله زوجته به فيدخل بيته صامتاً لا يرد على اي من تخرصاتها بل ويلجأ الى سريره لكي ينام مضيفاً مقولة اخرى ( اني اجد السعادة في النوم)! ان كثيراً من الزوجات يفعلن ذلك نتيجة للثقل الاجتماعي ومتطلبات البيت والابناء فلايكون امامهن الا أن يفعلن كما فعلت زوجة سقراط خاصة اذا كان الزوج منشغلاً عنها وعن رعاية الاسرة وتلبية حاجات الدار , منشغلاً بالدرس الفلسفي الذي ترى الزوجة انه لايسمن ولايغني من جوع .

 

ولكننا نجد في المقابل كثيراً من الزوجات ممن يساندن ازواجهن الضالعين في الكتابة او الفن او الابداع عموماً فيقفن الى جانبهم موفرات لهم كل السبل الكافية لتحقيق طموحات الازواج في ميادين ابداعهم , وتوفر المكان المناسب لهم وتهيئة الاجواء الكفيلة بالتفكير والتأمل والقراءة والكتابة في مشغل بيتي بدلاً من الدوران على موائد المقاهي وارصفة الشوارع!. نذكر سقراط ولا نذكر زوجته الا تشبيهاً لدورها في حياة الفيلسوف والفنان والاديب , ولا نعير لوجودها أي اهتمام في السيرة الذاتية له الا من حيث كونها امرأة لم تقدّر انجازاته في المعرفة التي كان سيداً لها بلا منازع .