مفهوم المجتمع المدني

 

قد يجهل الكثير الفهم الحقيقي الجوهري لمفهوم المجتمع المدني مما دفعه الى التخندق هنا وهناك في مواقع اطلق عليها اسم مؤسسات المجتمع المدني,وجدت هذه المؤسسات اولاً بدوافع ذاتيه تطوعيه من اجل الانسان مهمتها الاولى الدفاع عن حقوقه وعلى جميع الاصعدة والوقوف بوجه كل القرارات ذات الاسقاطات السلبيه على حياته ومستقبله وهكذا تنوعت هذه المؤسسات بواجباتها الانسانية ومنها ما لم يكن محلياً فقط بل عالمياً فهناك حقوق الانسان والصحه ورعاية المكفوفين وهنالك الطفولة والمرأة وغيرها, هذه المنظمات او المؤسسات تقع عليها مسؤولية تاريخية ومن هذا المنطلق كان عليها إلزاماً ان تقف بوجه القرارات والتشريعات التي تضر الانسان فهي تشبه السد الذي ينظم مرور الماء والذي يحتوي على بوابات داخلها صفائح من الحديد تغلق وتفتح ايضاً هذه المؤسسات تغلق جميع ابوابها بوه التعسف وقهر الانسان وعدم احترامه وإقصائه وتهميشه وهذا يعني ان الانسان او فلنقل المواطن قد فوض هذه المؤسسات ليكون شريكاً في القرار السياسي ومنع هيمنة القرار السياسي الذي يعرقل مسيرة حياته نحول الافضل وفي هذا الجانب يركز المواطن بصورة خاصة على الحاجات الاستهلاكية واسعارها و كذلك على تعطيل ارضه ومصانعه عن الانتاج المحلي والذي يلعب الدور الكبير في القضاء على البطالة واحترام ذات الانسان اذن فهناك وجه سياسي لهذه المؤسسات على الدستور ان يكفله وهي احدى السلطات والتي تسمى السلطة الخامسة فكما يحق للسلطات الاربع واخرها الصحاف هان تساهم في العملية السياسية بآليات الديمقراطية للوصول الى البرلمان يحق للسلطة الخامسة ايضاً وهكذا وصلت احدى هذه المنظمات او النقابات او المؤسسات الى السلطة في بولندا مثلاً,وكم من نقابات العمال او الفلاحين او الصناعيين او الاقتصاديين او الاطباء او المعلمين وصلوا الى السلطة ونحن نعلم ان جميع النقابات هي من مؤسسات المجتمع المدني.

اولاً نريد ان نذهب الى البحث التاريخي والاكاديمي و ميثولوجية هذه المؤسسات نرى انها متجذرة في كل العصور وانها كانت احدى المواد الدسمة التي تعرض لها كبار الكتاب والمفكريين ومما يقال ان المفكر انطونيو غرامشي قد كتب عنها بوضوح في كتابه ((دفاتر السجن)) عندما سجنه موسليني كذلك جاءت في كتابات ((هيكَل)) و ((ديكارت)) ولانريد ان ندخل هذا المدخل بقدر ما نريد ان تصل المعلومة التي تؤكد ان بناء المجتمع والحفاظ عليه تم عبر المؤسسات ولقد استنكرت هذه المؤسسة وفي كتابات نشرت ان عسكرة المجتمع المدني في العراق سيؤدي الى نتائج وخيمة وان المظاهر العسكرية والاستعراضات والمعابر التي انشأت في الشوارع ستعطي مردوداً سلبياً في نفسية المواطن العراقي وان الامن والاستقرار لايتم فقط بالتسلط والسلاح وان وجود هذه المظاهر وكذلك المواقع الكبيرة للافواج العسكرية والبوليسية داخل الاحياء السكنية يبتعد عن موضوعية العمل العلمي مما ادى باطفالنا الى توجيهات وانحرافات بعيدة كل البعد عن الطرق التربوية وعن صحة السلوك والاداء واخذ الطفل يميل الى الالعاب النارية ويؤمن بالقوة ولما كان والده او معلمه في المدرسة هو القدوة اصبحت البندقية والمسدس ,هذه تحولات تربوية للاطفال والناشئة والمراهقين و الشباب وقد ندفع بهم الى الانحراف وفعلاً وجد هذا على الساحة العراقية وتكونت مليشيات وعصابات اصبحت حجة لاصحاب فكر السلاح بينما هي احدى افرازات هذه الظاهر الغريبة على مجتمعنا ,

واذا ما ذهبنا الى علم الاجتماع نرى ان وجود هذه الظواهر يدفع بها الى ما يسمى ((صراع الظاهر)) وقد حذرت هذه المؤسسة الفكرية من هذه التداعيات ولما كانت هذه التداعيات ثؤثر سلباً على حياة الانسان والمجتمع وانها بقرار سياسي تبعد هذه المؤسسات عن المشاركة في القرار السياسي او المساهمة في العملية السياسية لذلك نقول ان من يعتقد ان مؤسسات المجتمع المدني لا علاقة لها بالعملية السياسية يقع في خطأ علمي وفلسفي وان ادعائه هذا لايستند الى المنطق ويبتعد كل الابتعاد عن الحقائق الموضوعية وعن الواقع الموضوعي لفهم المجتمع المدني ومؤسساته في ظل العمل الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية التي تعتمد على عمل المؤسسات الرسمية منها وكلمة الرسمية نعني بها الحكومة والغير رسمية نعني بها مؤسسات المجتمع المدني فيتكون حس جماعي مجتمعي لدى الفرد والمجتمع بان هناك مؤسسات تدافع عن حقوقه المشروعة وان الدولة غير غافلة عن ذلك عن ذلك وهذا هو الخط الفاصل بين الدولة التي تعمل بآلية ديمقراطية وبين الدول ذات التسلط والديكتاتورية وقد يسأل سائل ان هنالك دول وحكومات متسلطة على شعوبها وفيها مؤسسات المجتمع المدني ,الجواب على هذا السؤال هو جملة الاضطرابات والحراك السياسي والاجتماعي والتهاب الشارع في هذه الدول التي تبتعد عن الممارسات الديمقراطية وان اكثر المؤسسات فيها موالية للسلطة وتحت خيمتها بعبارة اخرى ان الكثير منها ذات طابع شكلي كما نذكر ان مجموع المواقف لمؤسسات المجتمع المدني لا يأخذ الطابع السلبي او المزايدة على السلطة والدولة بالعكس عليها ان تشيد بالقرارات الايجابية للسلطة التي تصب في منفعة الفرد والمجتمع وتعمل على ترويجها ومساندتها .

ان ابجدية العمل في المؤسسات لها الحق في التقدم البناء وكيفية توجيه القرار فعليها ايضاً واجبات اولها الوقوف مع الدولة في مجمل اعمالها الايجابية التي تتخندق وتصطف مع مصلحة المجتمع.