Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
وثيقة المدينة ، وشرعية الدولة ..بمناسبة مولد الرسول الأعظم (ص)
الخميس, كانون الثاني 1, 2015
د. عبد الجبار العبيدي

كلمة النظم تطلق على كل شيء يراعى فيه الترتيب والانسجام والارتباط.ونظم اية دولة تتكون من مجموعة القوانين والمبادىء والتقاليد التي تقوم عليها الحياة في تلك الدولة. فهل كانت دولة محمد (ص) دولة مدنية بالمعنى العام والخاص ...؟.

ان النظم تعتبر مظهرأ لشخصية الامة من حيث تقدمها ومدى تأثيرها في مجرى التاريخ الانساني والحضاري للشعوب الاخرى، وهي تكشف عن الطبيعة العملية التي تنتجها وتطورها من اجل الكمال الفكري والحضاري في العالم،ومنها النظام السياسي والقضائي والامني التي بها تسود الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبدونهما لا دولة . وهذا ما اراده محمد لدولته المنتظرة...؟ لذا كانت الاسس الاولى لتنظيم الحياة العامة وحقوق الناس لدولته هي الشاغل الرئيسي لفكره وعمله فكانت الوثيقة منذ السنة الخامسة للهجرة.

ومن يقرأ النظم التي أنشأت منذ بداية عصر الجماعة الاسلامية في المدينة على يد الرسول الكريم (ص) يدرك تماما ان بعداً سياسياً وفكرياً قد طرح على الساحة العربية الاسلامية لتنظيم امور الدولة وبنائها على مبدأ الحق والعدل بين الناس ،ولم يكن الدين - المستغل اليوم لصالح الباطل - الا وسيلة لتحقيق هذا الهدف السامي الكبير..فالدولة كانت مدنية منذ البداية وليست دولة دينية بالمفهوم العام .

ومن خلال التنظيات الادارية التي جرت في عهد الرسول نستطيع ان نعرف كيف جرت الحياة عند الجماعة الاسلامية الاولى، وكيف استطاعت ان تنجح وتحقق كل ما رأيناه وسمعناه عنها في مراحلها الاولى. لقد كانت البداية مع وثيقة المدينة ،هذا الوثيقة التي وضعت فيها كل حقوق الناس وواجباتهم ، وكتبت بقرار متزن واضح لا لبس فيه ولا غموض ، وبأستشارة كل الصحابة دون أستثناء ، ولا تحتاج الى تأويل للغتها العربية السليمة واهدافها الحرة النبيلة وكيف استطاع الرسول ان يحدد بين سلطات الدولة وحقوق الناس فيها. كتبت يوم اراد الرسول (ص) ان تتخلى الحياة الاسلامية من المذهبية والكتلية والتحالفات السياسية المصلحية ،فهل من حق احد اليوم الخروج عليها ؟ وهل ان كاتبها كان يجهل الاسلام وهورائده ...؟ .

هذه الوثيقة القانونية التاريخية انتهت بوفاته (ص) وهو لم يدفن بعد ، واصبحت القاعدة الجديدة عندهم :منا أمير ومنكم أمير ،فالمحاصصة قديمة والتخلي عن المبادى رافقت التغيير منذ النشأة الأولى . فالدولة الاسلامية متهمة منذ البداية في التقصير.

دستور الجماعة الاسلامية (الوثيقة).
في اثناء بحثي لشهادة الدكتوراه عام 79ا طلعت على الوثيقة من مصادرها الاصلية،فذهبت الى لندن واستطعت قراءة نص الوثيقة المودعة في المتحف البريطاني في لندن.وبعد جهد جهيد استطعت ان اطلع على هذا الذي نكتبه اليوم.ومن ساعتها أدركت لماذا الأنظمة العربية أخفت أو اهملت الوثيقة العظيمة ولم تدرجها في مناهج الدراسة،لانها لا تتوافق وحكمهم المتسلط على الناس بالباطل في أمة الأسلام.لذا نقول :
---------------------------------
بعد بناء المسجد في السنة الأولى للهجرة واعتباره مقرا سياسياً لادارة الجماعة الجديدة،ومقراً دينيا لاداء الواجبات الشرعية ، جاءت الخطوة الثانية وهي ترسيخ مبدأ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار،وهي الخطوة الاساس في سبيل تثبيت مبدأ الوحدة الداخليةللأمة واعتبارها مبدءً شرعيا لا يجوز الخروج عليه حين ساوى بين الحقوق ل لأفراد الجماعة الاسلامية دون تفريق.

من خلال هذا الواقع الجديد وشعوراً بالمسئولية الشرعية والوطنية ظهرت(الوثيقة) في السنة الخامسة للهجرة التي نظمت العلاقات ، وأقرت الحقوق والواجبات والحدود والقواعد بين الناس حتى لا تخترق.وهي مُلزمة كألزامية النص القرآني في التطبيق . وبذلك اصبح التطبيق الرسولي يحتل مكانة المثل والأسوة، رغم ان الظاهرة الجديدة ظلت محكومة بظروفها.من هنا كانت الوثيقة على حداثنها مشروعا جديدا وجديا على مستوى الرؤية التاريخية ،حتى تحولت خلال خمس سنوات من عمر الدعوة الى ان تكون مشروعا قابلا للفعل في ظرف العصر، لكن المشروع فشل بعد موته مباشرة والى اليوم . فلا تصدق اخي القارىء ان اليوم لدينا اسلام محمد (ص) بل لدينا اسلام الفقهاء ووعاظ السلاطين بعد حولوا التأويل القرآني الى تفسير،فأوجدوا لنا الفرق المذهبية وهي ليس لها في الأسلام من أصل. .

وقد حوت الوثيقةعلى مواد قانونية ودستورية لتنظيم حياة الجماعة الاسلامية نقتطف منها ما يلي مع أمانة التصرف .
-----------------------------------------------------------------------------

2
-ان المؤمنين الذين اشتركوا في تكوين أمة الاسلام يكونون وحدة اعتقادية وسياسية واجتماعية واقتصادية واحدة مستقلة بذاتها من دون الناس. وبهذه المادة تقررت المواطنة المتساوية وثبتت (حقوق اليهود وغيرهم على دينهم ،وللمسلمين
على دينهم وأموالهم) ، اي لا فرق بين الناس مطلقا لان الله آله الناس جميعاً ،وبذلك تم التوقيع على حرية الاديان وحماية الاقليات من منطلق لكم (لكم دينكم ولي دين ).فلا يقتل مؤمن مؤمنا ًفي كافر والعكس صحيح .هنا تأمن الشرط الاول من الدعوة وهو شرط الامان على النفس والمال والعِرض.

- أقرت الوثيقة : ان افراد الجماعة الاسلامية متكافلون فيما بينهم ،يتعاقلون معاقلهم الاولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وهنا يظهرمفهوم المتغيرالأجتماعي نفسه من وجهة نظر جدلية تاريخه كقانون. ألغي هذا الشرط بعد وفاة الرسول مباشرة ،اي بعد السقيفة ،فضربت الاحتجاجات بحجة الردة على الاسلام وماهي بردة ولكن مطالبة بالحقوق القانونية في انتخاب الأصلح لأدارة الدولة.بالشورى المقررة بالقرآن .

- حدد القانون الجديد مقتضيات أمتصاص مخلفات الماضي واسدال الستار عليها،كالثأر والأنتقام بعاطفة قبلية او نزعة عشائرية ،والغرض الاساس هو ألغاء قوانين مجلس الملأ القبلية ،واحلال القانون المدني وعدم العودة الى ما كانوا عليه قبل الاسلام ،لأن العودة عبر الزمن اصبحت مستحيلة. وهنا تحقق الشرط الثاني في الأطمئنان على الرزق والعيش بمؤاخاة حقيقية بين المسلمين وغيرهم، دون ان يكون لأحد حق حجبه على الأخر.

- جميع افراد الجماعة الاسلامية متساوون في الحقوق والواجبات ، بعضهم على بعض اي متكافئون في الحقوق وحتى في الدماء. وهذه نقطة مهمة جدا حيث اصبح التأسيس القرآني للمجتمع ،هو بحث في ظاهرة ميلاد مجتمع جديد يؤمن بالحقوق والواجبات لكل الناس دون تمييز . وبهذا الشرط تحققت الشروط للدعوة نظريةً وتطبيقا.

- الامة في مجموعها مسئولة عن الامن الداخلي والدفاع عن حدود أرض الجماعة واختراقها في حالة الاعتداء الخارجي .وقد ثبت القرآن في سورة التوبة آية 43، 120 حقوق الوطن على المواطن أذ لا يجوز التخلي عنها امام العدو الخارجي ولاي سبب كان .فالوطن مقدس مثل النفس الانسانية المقدسة التي لا يجوز قتلها الا بفساد مشهود تستحقه بموجبه، يقول الحق : (من قتل نفساً بغير نفسٍ او فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعا، سورة المائدة آية 32) . لذا كلما يعتقد به الجهاديون اليوم باطلا ويتناقض مع القانون. وهذا الشرط يتنافى والجهاد الكفائي الذي به يتفاخرون.

- التأكيد على مبدا الاخلاق السامية في التعامل بين افراد الجماعة الاسلامية ومع الاخرين. ويقصد القرآن الكريم بالأخلاق السامية هي الالتزام بطريق الاستقامة في كل صغيرة وكبيرة، وعدم الأخلال بمفهوم الحق المطلق، ومنها الامانة والصدق والوفاء بالعهد والقسم واليمين وعدم التجرأ على الخيانة ،لأن الحق في الاسلام مطلق . لذا فالمفرط بالحقوق الوطنية والاجتماعية والقسم واليمين مرفوض ولا يستحق ولاية المسلمين .

- تحديداً للمسئولية القانونية ،تقرر ان لا يؤخذ انسان بخطأ يرتكبه اخر بدلالة الاية (7 ) من سورة الزمر"ولا تزرُ وازرةُ وزر اخرى". فالجريمة المرتكبة تخص صاحبها ولا غير، وان التشريع الآلهي يعطي نقطة المسئولية وتوجيه الهدف لتحديد المسار بحدود التقوى،وبذلك يتحقق التزكي فيكون الفلاح بين الناس،ليمتص كل ضغينة من شيء.هل تحقق شيء من هذا عبر الزمن ؟ لا... أقرأوا التاريخ ...؟

- حرمت الوثيقة الاقتتال بين اهل المدينة حفاظاً على الوحدة الداخلية للجماعة الاسلامية. ليكون الوعي المجتمعي وعيا تاريخيا مستوعبا ومتناميا ومتسعا ومتجاوزا كل اشكالية نفسية او مجتمعية متمثلا في الأستيعاب والشمولية من الجميع. فلا مذهبية ولا محاصصية ولا كتلية توافقية في الاسلام،ولا ندري من أين جاؤنا بها اليوم، والتي اصبحت عنوانا لفرقة المجتمع وتدميره وهم راضون .

- الرسول هو المرجع الاعلى والاول في حل الخلافات بين افراد الجماعة الاسلامية. لأن منطلقات المشروع المحمدي كانت منطلقاته وتوجهاته محددة بسمات التوجهات القرآنية التي هي كلمة السماء الى الارض وراعيها صاحب الدعوة. ولم تكن دكتاتورية بل في منتهى تصرف الحرية الفردية والجماعية . وبعد وفاته تحددت بقانون.هذا لم يحصل ابدا ،بل ظهرت (نظرية منا امير ومنكم امير)،لكن تغليب روح المؤاخاة أمكنتهم ان يجتمعوا على خير ،لكن هذا كان لأجل قصير..

- ثبتت الوثيقة أنه لا يحل لمؤمن آمن بالله واليوم الاخر ان ينتصر لظالماً ظلمه ، ويؤويه خلافا للقانون ، ولا يجوز التستر عليه بحجة العملية السياسية او امن الدولة مطلقاً ،ولا يجوز وضع القوانين الخاصة والمزدوجة لمصلحة
3
المسئولين دون رضى الشعب ،لان ذلك يعتبر تجاسرا على الحقوق العامة واستغلالا للثروة وهو محرم شرعا وقانونا كما نراه اليوم في أمتيازات الرئاسات الثلاث الباطلة عرفا وقانونا لكونها استغلالا للمال العام ،ولا بد من ان تكون الجماعة يدا واحدة عليه ،تجنباَ لاي انحياز عصبي او عنصري،كما لا يجوز ايواء المجرم داخل الجماعة الاسلامية ولاي سبب كان، ولا يجوز التعامل معه حتى يؤخذ منه الحق.والهدف من هذا الشرط ضرب الرؤية القديمة المبنية على العادة والتقليد والأقاربية العشائرية لتغير المفهوم القانوني للمجتمع وازالة المصالح الشخصية من التكتم على الباطل . فأين نحن اليوم من هذا القانون ؟ ولا شيء .

ان اهمية الوثيقة تتلخص في:
---------------------------------------
- تعتبر الوثيقة اول تشريع دستوري يتظمن المبادىء السياسية السامية في حكم الناس والتي لم يعرفها العرب من قبل.سوى ما تعارفوا عليه في مجلس الملأ في عصر الجاهلية. ولو اطلع القارىء على قرارات مجلس الملأ لوجدها ارحم من قوانين المسلمين بعد وفاة الرسول(أقرأ القانون في المفصل لتاريخ العرب قبل الاسلام للمرحوم الاستاذ الكتور جواد علي ،طبعة بيروت).
- حرص الرسول (ص) على تثبيت وتدوين الحقوق والواجبات والقواعد والحدود العامة بين الناس كتابةً تأكيداً لجعلها قاعدة قانونية يمكن الرجوع اليها عند الحاجة لضمان حقوق الناس وولاء الرعية. وهو اول دستور يدون في عهد المسلمين .

- أظهرت الوثيقة ان الجماعة الاسلامية الاولى كانت منظمة على اساس قانوني ) وليس ديني حسب(،لا يمكن التخلي عنه مستقبلا . وبذلك أقرت الوثيقة مدنية الدولة القادمة وليست دينية الدولة، لاعتراف القرآن بحقوق كل المسلمين أنظر الآية 35 من سورة الأحزاب........ً ًوكل ماجاء في حقوق غير المسلمين والعبيد في تراث الفقهاء مرفوض في الاسلام لوحدة الخلق دون تمييز.لأن الله اله الناس جميعا.

- فالحكم والمال من حق الشعوب وحين اخل بها كان التدهور حتى وصلنا الى نقطة كان فيها معدل النقص يعلو على القوة فظهر التدهور المتناقض مع اسس تكوين الدولة الاولى للمسلمين.لذا فقد كان اساس الضعف منذ البداية وظل يتعايش مع الدولة الى اليوم،وباستمرارية الزمن فقدنا الاسلام وقوانينه معا وبقينا نتعايش مع قوانين الجاهلية .فليس من حق اية فرقة اسلامية تدعي افضليتها في تطبيق قوانين الاسلام.

- برهنت الوثيقة على العبقرية السياسية والتنظيمية لقائد الجماعة الاسلامية الجديدة. لان التوجه آلهي صرف لذا ظل هدى الانبياء والرسل قدوة . ان من يدعي العودة للقديم فهو يدعو لعود العدم الى الحياة وهذا غير ممكن. فالسلفية والجهادية وكل الفرق الاخرى اصبحت امام امتحان صعب لا يستطيعون الاجابة على الاسئلة الصعبة.

- منحت الوثيقة الحرية التامة للناس بحدود قانون الاسلام الخلقي. حسب النظرية الآلهية (لكم دينكم ولي دين). وكذلك يقول الحق : (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرـانا اعتدنا للظالمين نارا،الكهف 29 ) ،ولم يقل سبحانه وتعالى للكافرين،لأن الظلم قد يقع من الأثنين معا) .

- حددت الوثيقة ان تكون مسئولية الدفاع الجماعي عن الوطن بالمشاركة الجماعية ولا يسمح لاي فرد او جماعة اخرى من الاخلال بالحق الوطني للوطن والمواطن استنادا الى ما ورد في سورة التوبة ]قول الحق :عفا الله عنك لم َ آذنت لهم حتى يتبينلك الذين صدقوا وتعلم الكااذبين آية (43 ) ،وهذا التوجه الآلهي يتناقض مع مفهوم الجهاد الكفائي المعلن اليوم.بل يجب ان يعلن جهاد فرض العين ليشمل المسئول والمواطن دون تمييز.
- مثلت الوثيقة القانون الحقيقي للجماعة الاسلامية الجديدة ،وان صدورها نتج عن تنظيم قانوني لا يخترق يشمل الجميع بما فيه صاحب الدعوة.

ان الدارس لهذه الوثيقة يدرك ان ضوابطاً أدت الى صدورها:
---------------------------------------------------------------

- حددت الوثيقة تحديداً قاطعاً،عدم الانفراد بالرأي من قبل الحاكم،لأن الحُكم في الاسلام تراضٍٍ بين الحاكم والمحكوم ،لذا على الحاكم ان يصغي الى وجهات النظر المختلفة ولا يهملها او يسكت عنها بحجة القوة في يديه ،وان يكون رأيه في نهاية الامر معبرا عن وجهة النظر الصحيحة بموافقة الجماعة،ومن خلال عملية استفتاء لكافة اراء الناس ،،ومسئولية الحاكم جماعية ،وأتخاذ القرار امر لا يتعلق بالحاكم كفرد الا بقدر ما يكون ذلك معبراعن الصالح العام ،وليس من حق الحاكم تجاهل رأي المواطنين أو السكوت دون تلبية ما يريدون معرفته في حكم الدولة،فهو ليس في موقع التشريف بل التكليف الشرعي تجاههم ولا غير..

-
4
- الدستور هو الذي يمكن ان يضبط به سلوك الحاكم ،فهو الذي يحدد سلوك الدولة ومسئولية الحاكم ،لذا روعي ان تكون مواد الدستورواضحة لا لبس فيها ولا غموض ، ومعبرة عن ارادة صادقة في رفع شأن المجتمع ولتتجاوزكافة انواع الضعف أو الهنات في مواده الذي كان يعاني منها مجتمع المدينة قبل الدعوة. ولم ترد في الوثيقة اية اشارة الى الفِرقة والمذهبية والمحاصصية والعنصرية لمن يحكمون بعد الرسول ، فكل المذاهب الاجتهادية انتهى دورها اليوم في عصر التفتح الحضاري فاصبحت من التاريخ ،ولا حاجة لأية مرجعية دينية تفلسف لنا قوانين الناس دون اعتبارات الا ما يتوافق مع مصالحها الشخصية. ومصلحة الحاكم الطامع بحكم الدولة دون حق او قانون؟ ؟.

- بهذه الوثيقة حددت حقوق وواجبات الحاكم مثلما حددت حقوق وواجبات عامة الناس،ومن هنا بدأ المجتمع يشعر بالوحدة الداخلية وبالاستقرار الامني والنفسي والتحررمن الخوف بعد التخلص من قوانين الازدواجية على زمن القبيلة والعشيرة ،والانطلاق نحو تكوين دولة جديدة ،مغايرة تماماً لوضع القبيلة في المجتمع المكي. وحددت الوثيقة شروط انتخاب رئيس الدولة رغم انها لن تسرف في التفاصيل،لكن الشرط الصحي كان واجبا ألزاميا لمن يحكم دولة المسلمين.وهذا مفقود في دولة المسلمين اليوم.
- المال العام ،مال الجماعة ولا يجوز التجاسر عليه او تبذيره بغير سبب او لمصلحة ذاتية من قبل الحاكم والمسئولين من اجل تحقيق مكاسب شخصية بالمطلق . يقول الامام علي(ع) : كل مالٍ أعطاه الخليفة من مال الله فهو مردود في بيت المال،فالحق القديم لا يبطله شيء فأن العقل مضظر لقبول الحق .لذا فأن كل الذين تجاسروا على المال العام على الدولة شرعا وقانونا يجب جلبهم ومحاسبتهم واسترجاع اموال الدولة منهم ومن يتخلف عن هذا التكليف فهو آثم امام الله والحاكم مسئول عن التنفيذ...
- لم تذكر الوثيقة اي دور لما سميناه رجال الدين او المرجعيات الدينية ، فالدستور واضح والحقوق والواجبات فيه أوضح فلا فرقة بين المسلمين بالمطلق. والوثيقة النبوية والقرآن الكريم لم يعترفا برجال الدين ولم يخولهم حق الفتوى نيابة عن الناس ، وانما القانون المدني هو الحد الفاصل بينهم. فالفتوى انتهت بوفاة الرسول (ص) وكمالية القرآن الكريم . (اليوم أكملت لكم دينكم...).


على هذا الاساس اصبحت الجماعة الاسلامية في المدينة تتمتع بشخصية قانونية ملزمة خلافا للعادات والتقاليد القبلية ،المستمدة من القانون القبلي الجاهلي ،وهذا رفض واضح لقانون العشيرة والقبيلة،ولا يجوز للحاكم والمحكوم الخروج عنها أبداً. والخروج يمثل سابقة فقهية لا تجيز للحاكم قبولها ،وليس من حقه فرضها على الناس.


الأهمية القانونية للوثيقة :
---------------------------
ان الذي يهمنا في هذه الوثيقة انها غيرت المفاهيم الخاطئة المتوارثة في اكثر من ميدان من ميادين قيادة الجماعة والمجتمع.لان كل الذين كتبوها كانوا بأمرة الرسول(ص) ومن اهل بيته واصحابه المتفائلين بمستقبل الجماعة الاسلامية الجديدة الذين نفضوا ايديهم من الماضي واشتركوا معاً في صنع رؤية جديدة لمستقبل الانسان قائمة على العقل والعلم والحرية والقانون واحترام انسانية الانسان،لذا وقفت الجماعة المعادية للدعوة الجديدة موقف العداء منها منذ البداية ،وحاولوا طمسها والرقابة الشديدة على من يتداولها بعد العهد النبوي الشريف،ورغم ان سلطة الخلافة الراشدة قد تمسكت بها نسبيا لكنها لم تنجح في تطبيقها، ثم عتم عليها وغيبت تماما في العصرين الاموي والعباسي لانهم ادركوا اهميتها في فكر الناس وحقوقهم ،وخوفا من انها ستحرك عجلة التاريخ في الطريق السليم وتنزع منهم شرعية السلطة التي بها يدعون. وقد عاشت الدولة الاموية والعباسية اكثر من 655 سنة بلا شرعية دينية رغم المحاولات التي بذلت من قبل الخلفاء دون جدوى.

وفي الوثيقة تحددت سلطة الدولة عن حقوق الناس ،ولم يعد ممكناً ان يغضب الحاكم على رجل ليقتله اويرميه في السجن كما كان في العهد القديم دون محاكمة او مسائلة صورية (فترة الخلافة الراشدة فقط) . فكسب الناس حرية الحركة و العمل والقول ،حينما اعلن الرسول(ص) بعد فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة مبادىء الدولة في حكم الناس القائمة على الامان والاطمئنان والكفاية والعدل لكل الناس دون تمييز،حين ردد بصوته الشريف"هذه امتكم امة واحدة ،ولا فرق بين ابيض واسود وعربي واعجمي الا بالتقوى " (انظر الخطبة بعد فتح مكة عند الواقدي في كتابه المغازي) .

5
وهذه ميزات ادركها العام والخاص واصبحت قانوناً في الحكم المقيد بسلطان الشعب،وبذلك خلق وعياً تاريخيا مستوعبا ومتناميا ومتسعا ومتجاوزا كل ظلم الماضي ،فكلمة لا الله الا الله التي جاء بها القرآن وارادها محمد قولا
وتطبيقًا انعكست فيها روحيا واخلاقيا ونفسيا واجتماعيا صورة القيم الاساسية وهما : حرية التعبير عن الرأي،وحرية الاختيار. لهذا كانت الوثيقة عقبة كبرى امام المنتزين على السلطة وحقوق الناس من الأمويين والعباسيين ومن جاء من بعدهم والى اليوم. لذا غيبوها عن الناس .
نخلص من الدراسة ان الدستور مقدس،وكاتبيه يجب ان يكونوا من المتفيهقين بالفقه الدستوري وهو ملزم التنفيذ.وان اي تجاوز على الدستورونصوصه يعرض المتجاوز للمسائلة القانونية التي لا يمكن الدفاع عنها الا اذا عدل الدستور بقانون؟
اذن من اين جاءت المحاصصية ، والطائفية ،والكتلية التوافقية ،وتمثيل الشعب بالتعيين والتعويض والمقسم الأنتخابي ،المبتكر،وأنتخابات الكتل الباطلة دون رضا الجماهير الشعبية، وتعيين المفضول على الافضل ،والسكوت على قتل الناس وسرقة اموال الدولة وتبذيرها،والتوافق مع الاجنبي ضد الوطن والوطنية؟،وهي ليس لها اصل في الدستور؟ ألم يكن هذا تجاوزا على دستور الدولة وحقوق الناس؟ ...؟.

اذن ؟ اين الفقهاء وقضاة الدين ؟ .ألم يكن هذا تناقضا منهم وتجاوزا على الحقوق وعلى الشرعية معاً...؟ واين دولة القانون التي تدعون؟ واين المحكمة الدستورية وقضاة التمييز الكبار؟ واين وزارة العدل ونقابات المحامين ؟ كلهم أستمرؤا الباطل من اجل المصلحة الشخصية؟ اذن علامة القسم واليمين ؟
نحن اليوم بحاجة الى التغيير الكلي في قوانين الدولة والتنظيمات الأدارية بعد ان تجاوزنا الزمن وأحتلت أراضينا ،وأنقسم شعبنا.الى مذاهب وطوائف شتى..حتى اصبح الاصلاح واللحاق بالأخرين مستحيلا من وجهة نظر التاريخ...؟


مقالات اخرى للكاتب

تعليقات
#3
ثائر عبد الكريم
02/01/2015 - 12:12
هذا هو تعليقي
شكراً الى الدكتور عبد الجبار العبيدي على هذا المقال الرائع جداً. و كما عودتنا ان كل مقالاتك رائعة و تصب في تصحيح فهمنا للدين الاسلامي الحنيف الذي مزقته المذاهب ؛ و ها نحن فرق متناحرة مع بعضها البعض. لقد وقعنا في الفخ.

لدي بعض الاسئلة عن هذه الوثيقة:

1- لقد ذكرت في مقالتك انك اطلعت في سنة 1979 على الوثيقة في جامعة لندن؛ هل ان الوثيقة كانت مترجمة الى اللغة الانكليزية؛ او انها باللغة العربية؟. و كيف وصلت الى جامعة لندن؛ ومتى؟. هل هذا مذكور "كمعلومات عن الوثيثة"؟؟.

- اذا كان اقرار هذه الوثيقة قد تم في زمن الرسول (ص)؛ و بحضور المسلمين الاوائل؛ و بضمنهم "الخلفاء الراشدين"؛ فكيف نفسّر خروج الخلفاء الراشدين عن فحوى هذه الوثيقة؟؟؟. هل اتعبوها ام حاولوا ذلك و لكنهم فشلوا في هذا الشأن؟؟.


3- هل ان اصحاب المذاهب اطلّعوا على هذه الوثيثقة؟؟.

4- و هل توجد دولة من دول المسلمين؛ او مذهب من مذاهب المسلمين (سابقاً و حالياً" اعتمدت هذه الوثيقة في تنظيم امور المسلمين وغير المسلمين لديها؟؟. او ان هذه الوثيقة ذكرت في المحتوى النظري للمذاهب الاسلامية؟؟


و شكراً مرة اخرى ايها المبدع

و مزيداً من المقالات التي تتناول المزيد من الامور المهمة و التي تخص امور المسلمين؛ و لكنها اخفيت بعمد او بدون عمد عن المسلمين؟

ارجو نشر هذا التعليق مع التقدير
#2
ثائر عبد الكريم
01/01/2015 - 10:57
لماذا لم ينشر تعليقي على هذا المقال؟؟
السيدات و السادة اعضاء هيئة التحرير المحترمين

لقد ارسلت صباح هذا اليوم1-1-2015 تعليق على هذا المقال و لكن للاسف الشديد لم ينشر لحد الان؟.

و ارسلت لكم رسالة اسألكم فيها عن سبب عدم نشر تعليقي ؛ و لكن للاسف الشديد لم استلم اي رد منكم. علما انني لم اتهجم على اي دين/مذهب/قومية او شخصية دينية او سياسية.

اذا لم ينشر تعليقي يرجى اعلامي عن سبب عدم النشر مع التقدير.

ثائر


#1
ثائر
01/01/2015 - 06:02
تعليق لم ينشر
الاخوة في هيئة التحرير المحترمين
لقد ارسلت تعليق على هذا المقال ولكن لم ينشر لحد الان لم ينشر
مع التقدير
ثائر
 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.39056
Total : 101