مع إستمرار الاوضاع الوخيمة في العراق و عدم تمکن نوري المالکي، رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته من حسم الامور لصالحه و عدم وجود أي مؤشر يدعم إمکانية تبوأه لمنصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة، فإن الانظار کلها ستتوجه لطهران و تعتبر عدم تمکن المالکي من تحقيق هدفه بالبقاء لولاية ثالثة بمثابة فشل صريح للنظام الايراني و إلحاق الهزيمة به لأول مرة منذ إستشراء نفوذه في العراق في عام 2003، بعد سقوط نظام حزب البعث.
إستمرار التوتر في الاوضاع الامنية في العراق و عدم تمکن المالکي من کبح جماحها و السيطرة عليها، وبدأ الحديث في اوساط کتلته ذاتها عن بديل آخر له، يجعل من موقف المالکي حرجا جدا و يضع النظام الايراني في نفس الوقت في موقف صعب و معقد، خصوصا وان أوضاع المنطقة تسير نحو مفترق حساس جدا من الممکن جدا أن تقود الى مستجدات و امور طارئة قد تساهم في إعادة الحسابات و تغيير المعادلات القائمة، ولهذا فإن النظام الايراني کما يبدو وکما فعل مع بشار الاسد، يحاول الاستمرار في قضية دعم المالکي الى اللحظة الاخيرة دونما ملل او کلل من أجل
تفادي أوضاع و مواقف جديدة لم يعد بإمکانها مواجهتها و إحتوائها کسابق عهده.
الاوضاع الجديدة في العراق، تضع النظام الايراني وجها لوجه أمام مهمة غير مأمونة العواقب في العراق، خصوصا وان الولايات المتحدة الامريکية لم تتمکن من التحکم في العراق المتوتر، وان العراق هو غير سوريا تماما ولهذا فليس بمقدور طهران أن تضبط الامور و الاوضاع في العراق کما فعلت في سوريا، بل وان هناك مؤشرات متباينة تؤکد بأن النظام بالکاد يتمکن من السيطرة على الاوضاع في سوريا و تسييرها بما يتوافق مع مصالحه.
الملفت للنظر، أن الاوضاع الداخلية في إيران نفسها تسير بإتجاه التوتر، ولاسيما وان هناك تقارير تؤکد بأن 67% من الوحداط الصناعية في إيران قد تم إغلاقها وهبوط العملة الرسمية"الريال"، بنسبة 80% و کون النظام المصرفي في حالة إفلاس و تدهور النظام الزراعي مع کون نصف المدن الايرانية تعاني من شح المياه مع إنتشار الفقر الذي صار کظاهرة عامة حيث باتت أغلبية الشعب الايراني تحتاج الى الدعم الحکومي، الى جانب أن نشاط المعارضة الايرانية يتعاظم يوما بعد يوم ويزداد دوره و حضوره الدولي و الاقليمي أکثر من اي وقت آخر، وان کل ذلك يؤکد بأن الاوضاع في المنطقة و إيران قد صارت فوق طاقة و تحمل و قدرة طهران، ولذا فإن کل الخيارات و الاحتمالات السلبية بالنسبة لطهران صارت قائمة.
مقالات اخرى للكاتب