العراق تايمز
بغداد ــ تميل القائمة العراقية بكل قياداتها وكتلها المنضوية فيها يمينا وشمالا، باتجاه مصالحها ومكاسبها غير مكترثة ابدا بمصالح الناخب العراقي الذي أوصلها للحكم والسلطة والبرلمان، شأنها في ذلك شأن جميع الكتل السياسية الأخرى.
العراقية فشلت وللمرة الثانية في الوصول لقرار تاريخي يعيد لها هيبتها المفقودة، والإنسحاب من حكومة محمد رضا السيستاني برئاسة نوري المالكي، بالإنسحاب من هذه الحكومة المتشرذمة، وفضلت الإبقاء على مكاسبها ومصالحها على حساب الشعب العراقي المعتصم اليوم في ساحات العز والشرف مطالبا بحقوقه المشروع التي كفلها له الدستور العراقي.
لقد أرتضت العراقية على نفسها أن تتغاضى على الإهانة التي وجهها لها نوري المالكي وحزبه، بإشغال وزراء طوارئ لسد الفراغ في التشكيلة الحكومية الوشيكة الإنهيار، وإصدار المالكي قرار بمنع دخول وزراء العراقية لوزاراتهم ومباشرة عملهم المعتاد بشكل نهائي، وبقيت مصرة على البقاء في هذه الحكومة.
مصادر مقربة من زعيم القائمة العراقية أياد علاوي أكدت أن هناك أختلافا عميقا في التعاطي مع هذه المشكلة في داخل القائمة العراقية، ففي الوقت الذي طالب فيه رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، وهو القيادي في القائمة العراقية الوزراء الآخرين في قائمته الإستقالة فورا من مناصبهم أحتجاجا على قمع المالكي وتفرده بالسلطة، فضل هو أن يبقى في منصبه محافظا عليه متنعما بمكاسبه.
وقالت المصادر أن علاوي طلب من اعضاء القائمة العاملين في الاجهزة التنفيذية والتشريعية بمختلف درجاتهم بالاستقالة من مناصبهم ومن ضمنهم رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، الذي رفض هذا الطلب رفضا قاطعا لكنه وافق على استقالة الوزراء فقط على ان يبقى هو في منصبه.
ولا شك أن هذه المواقف خلقت حالة من الشرخ العميق في داخل القائمة العراقية دفعت بعض قادتها للحديث عن فخ كبير يحفر للقائمة العراقية لصالح محمد رضا السيستاني وشرطته الحاكمة، بأيادي أسامة النجفي من خلال تجيير مواقف سياسية لمصالح شخصية من خلال التضامن الجزئي مع المتظاهرين وتأليب الآخرين على مواقف لم يلزم النجيفي نفسه بها، فيتورطون هم ويستثمر هو بتلك الورطة، ليظهر النجيفي بمثابة "القائد الاوحد" في عيون المتظاهرين. وهو ما دفع عدد كبير من اعضاء القائمة للسعي فورا وبشكل جدي لعزل النجيفي من خلال تقديم طلب لاستبداله او سحب الثقة عنه.
وتفيد التسريبات الإعلامية إن مجموعة كبيرة من نواب وقيادات العراقية يسعون الى تغيير النجيفي، بتقديم طلب باستبداله، بالاضافة الى انشاء تحالف وقتي مع نواب من التحالف الوطني والكردستاني للتحشيد وجمع العدد الكافي لسحب الثقة منه، بسبب تفرده بقرارات ومواقف القائمة بالاضافة الى تحريضه وزراء القائمة على تقديم استقالاتهم من الحكومة دون أن يلتزم هو بالانسحاب معهم.
كما أقدم وزراء العراقية على سحب أستقالاتهم التي وضعوها لدى رئيس القائمة أياد علاوي، مشترطين أن تقديم رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي استقالته من رئاسة البرلمان، لإتمام عملية الإستقالة الجماعية.
وراى النائب محمد الكربولي عضو كتلة الحل البرلمانية المشاركة في القائمة العراقية، أن قادة العراقية يفضلون الحفاظ على امتيازاتهم ومكاسبهم السياسية على حساب تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة، واستنكر الكربولي نتائج أجتماع القائمة العراقية الأخير برئاسة أياد علاوي واصفاً الأجتماع بـ"الفاشل" وغير المجدي، كونه لم يعر اهمية لبحث سبل أدامة الزخم للضغط على الحكومة والشركاء السياسيين من اجل تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة وعدم التفريط بدماء الشهداء، بل خصص لبحث السبل الكفيلة بأحتفاظ قادة العراقية بأمتيازاتهم الحكومية والسياسية على حساب حقوق المواطنين المنقوصة.
وأضاف الكربولي، كان على قادة العراقية التواصل والتقرب من جماهير القائمة العراقية الذين منحوهم ثقتهم وبشكل خاص في المناطق المحرومة والمهمشه لا الأكتفاء بالتخفي والتملص والظهور وقت الأزمات وأقتناص فرص العودة الى الحياة السياسية، حيث كان عليهم أن يكونوا كالأب الموحد والموجه لتوجهات وسياسات القائمة العراقية والمنظم لعمل قادة العراقية بدون أستثناء أو تحيز بعيداً عن المزاجيات والأهواء وهو ما لم نلمسه طيلة السنوات الثلاثة الماضية.
وشدد الكربولي، أن الذي يريد تقديم الإستقالة علية أن يتحلى بالشجاعة والمسؤولية والمصداقية وأن يتقدم الصف بتقديم الاستقالة رسمياً وفقاً للسياقات الرسمية المعهودة سواءاً لرئاسة مجلس النواب بالنسبة للبرلمانيين أو رئاسة مجلس الوزراء بالنسبة للوزراء وأن لا يقدموها شفاهة أو أعلامياً أذا كانوا جادين فعلاً.
وأكد الكربولي، أذا كانت القائمة العراقية جادة في الأنسحاب من العملية السياسية فعلى رئيس مجلس النواب ونائب رئيس مجلس الوزراء بأعتبارهم ممثلين للقائمة العراقية على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية التقدم بأستقالاتهما رسمياً حتى يكونوا قدوة ومثالاً يحتذي به باقي برلمانيي ووزراء القائمة العراقية.
وراى مراقبون ومحللون سياسيون أن قادة العراقية لا يملكون قرار الإنسحاب مما يسمى العملية السياسية أو تقديم إستقالاتهم، حيث أن القرار الوحيد بيد القوى التي تتحكم وتحرك القائمة العراقية وباقي الكتل والأحزاب السياسية المشاركة اليوم في الحكم، وهي بريطانيا وأمريكا. مشيرين أن لقاءات المسؤولين البريطانيين والأمريكان الأخيرة بقيادات القائمة العراقية أو باقي الائتلافات والقوائم والكتل سواء المعلنة أو السرية تكشف حقيقية التبعية لهذه القوى.
وبينوا أن ما يجري اليوم من إعلان شفاهي لتقديم أستقالة قيادات العراقية من وزاراتهم والبرلمان، هو مجرد ضحك على ذقون الشعب العراقي الذي يتصورون أنه مخدوع بتلك التصريحات الإعلامية، ولا توجد أية نية للقائمة العراقية لتقديم إستقالاتهم من الحكومة والبرلمان، بل ولا يملكون أن يفعلوا ذلك.
وأضافوا أن القائمة العراقية جزء من حراك سياسي عراقي يخضع لإرادة بريطانيا وأمريكا وإيران، وهو جميعا يعملون كل بحسب دوره على وصول البلاد إلى لحظة التقسيم التي يريدها الإحتلال الثلاثي المشؤوم (بريطانيا وأمريكا وإيران)، وبالتالي فلا تستطيع العراقية المضي قدما باتجاه تفعيل الإستقالة والإنسحاب من العملية السياسية.
