زها حديد ولم يتعرّف عليها أغلب راثيها اليوم إلّا في الآونة الأخيرة ,حتّى انّهم لم يعلموا من قبل أن ملكة بريطانيا "إن صدق الخبر حينها" وقبل 30 عامًا قد منعت من تنفيذ جسر داخل لندن فازت بمسابقة تصميمه زها حديد ..
لم تفكر هذه المخلوقة المبدعة يوما بالعراق ,ولا بالعراقيين, ولا بالعرب عامّةً, فلماذا كل هذا الغلوّ العراقي بتصوّرات غير حقيقيّة هرعون يتسابقون رثائها بل على النقيض نوهم أنفسنا بأنّها منّا ولنا ؟.. لا ندري بالضبط من أين أتى العراقي كلّ هذا الرسوخ الذهني أنّ زها حديد مثلًا تفكّر بنفس طريقة تفكير العراقي التقليدي ؟.. فهل حضر الغلوّ العراقي في إسقاط مشاعره الفارغة حتّى في هذا ؟.. لو كانت زها تحمل ذرّة انتماء عراقي سوف لا ولم ولن تصبح بهذه السعة العالميّة في الحضور ..لازالت عنجهيّة التغنّي الفارغ ب"ميسوبوتاميا" وبلد الحضارات والخ تزيّف تصوّراتنا في حين تلاحق العراقي المهانة والذلّ في التعامل مع من يكبّلونه يوميًّا بمختلف طرق الاستعباد وهو مذعن لا يحسن التصرّف مع من يعتلون رقبته لا يجد بديلًا عن "مازوشست" قد يتخلّص منه كبقيّة شعوب العالم الحيّة ..
منذ ثلاثة عشر عامًا يسرقون ثرواته أمام عينيه ويسترضونه بالفتات وهو قابل وإن تصنّع التذمّر وكأنّه يحسد جلّاديه يتمنّى يحجز مقعدًا بينهم ,وفي حين أنّ أيّ شعب متواضع من شعوب العالم بات ومنذ قرون يفوقنا كثيرًا في فهم الحياة وأكثر عمقًا في التعامل معها ..
العراقيّون الّذين تغرّبوا أصبحوا على اطّلاع بهذه الحقيقة حقيقة تخلّفهم عن الركب لكنّ عراقيّو الداخل مقطوعوا الصلة بالعالم رغم توافر أجهزة الاتصال الحديثة فيتعرّضون كلّ لحظة لإعلام المهازل السياسيّة الفاسدة يكيلون له أمجاد زائفة وهو يصدّق ,شعب "قذف بقبقابه من باكستان الى بغداد" أو "فجرّد سيفه من غمده وقتل مئة ألف" ,كيف لا يصدّق أنّه يستطيع التغيير بمظاهرات خليط أنتجت أوهام خليط ؟ ..
لم يعر أغلب العراقيين أهمّيّة تذكر لزها قبل ثلاثون عامًا لوجود الكثير الّذي يشغلهم ,أمّا اليوم ومع استشراء البطالة في جميع مناحي الحياة العراقيّة وتوقّفها بات العراقي يلفت نظره ويسمع دبيب نملة فكيف بزها "العالميّة" ؟
مقالات اخرى للكاتب