مَنْ يستقرىء تاريخ العراق المعاصر يتبدى له أن العراق طوال هيمنة الإنكليز عليه ظاهراً أو باطناً إستعانوا بالعقول وذوي الخبرات في حكمه .. إذ يندر أن تجد وزيرا مدنياً أو عسكرياً إلا وذو خبرة عالية في مجال إختصاصه إضافة إلى كونهم من أصحاب الشهادات العالية والخبرات المشهود لها ، فهم طبقة متنورة كفوءة ذات خبرة وممارسة ، وكان فيهم من يرقى إلى مستوى العلماء ( كمحمد فاضل الجمالي –  وزير وسياسي ومفكر عراقي مختص بالتربية , أصبح رئيسا للوزراء من عام 1953-1954, حكم عليه بالإعدام بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالملكية في العراق عام 1958، ولكن لم يعدم بل عفي عنه., توفي في تونس 1997 عن عمر يناهز الـ95 سنة، حفلت بالعطاء السياسي والعلمي. ) وحتى نوري السعيد بغض النظر عن موقفه السياسي كان محاضراً في كلية الأركان العراقية التي خرجت مئات الكفاءات من خيرة الضباط سلوكاً وممارسة آنذاك , ولنوري السعيد كتاب عن تأريخ الجيش العراقي لم ينل حظه من الشهرة بسبب موقفه السياسي _ أنا هنا بعيد عن السياسة _ وقريب من الواقع الذي لا يمكن غمطه . وحتى عبد الكريم قاسم إستعان بخبرات مشهود لها بالكفاءة كالاقتصادي ( محمد حديد مثلاً. – تعلم  محمد حديد مبادئ الدين وحفظ القرآن ، فادخله والده المدرسة الاحمدية عند  الملا سعيد ، فقضى فيها سنتين من 1913- 1914 أنهاهما بختم القرآن ، بعدها  دخل مدرسة العرفان الابتدائية الرسمية وتدرج إلى أن  حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الاقتصادية بدرجة شرف وعين كوزير للمالية في حكومة عبد الكريم قاسم , وبعد سقوط نظام عبد الكريم قاسم في شباط 1963 ، تعرض للاعتقال ووضع في محنة وجرد من  كل امتيازاته . ) .

 هؤلاء كانوا طبقة متنورة بالثقافة يدخلون وزاراتهم بلا حمايات مدججة بالسلاح ويذهبون إلى بيوتهم كما يذهب الناس .

غير أن الأمريكان بعد 2003 استعانوا بالطبول .. والطبول فارغة !! لم يستعينوا بخبرة ، والذي كان مظنوناً فيه الخبرة وهم نفر قليل كشفت الأيام خواءهم ، ولهذا ساءت أحوال العراق بلد الثروات  لم يستطيعوا إدارة البلد لأنهم بلا خبرات ولا كفاءات ، جاءت بهم الصدف والمحاصصات وهم بلا خبرة ولا كفاءة ، يأتون إلى وزاراتهم بحماية مدججة كأن الواحد منهم قيصر زمانه ، وما كان لقيصر حماية .

 المحاصصة دمرت البلد فالوزير ينتقل من وزارة الخارجية إلى المالية , والآخر من النفط إلى التعليم العالي , وذاك من الاسكان إلى الداخلية  وهكذا كأن الوزارات سلع متبادلة ولهذا ساءت أمور البلد ووصلت إلى حافة الانهيار الذي تحدثنا عنه في أكثر من عمود . ويمكنكم مراجعة أعمدتنا الصحفية : (العراق إلى الهاوية ) و ( ضاع كل شيء في العراق ) و ( لك الله ياوطن الجراحات ) و ( بين الحكومة والبرلمان سقط الحياء )  والمنشورة في أهم الصحف والمواقع العراقية .

أما النواب فلهم شأن وأي شأن اغلبهم جاءوا بأصوات مزورة أو بالخديعة فأصبحوا بين ليلة وضحاها يتبخترون كالطواويس بين أفراد حماياتهم التي لم تتهيأ لحاكم في أي بلد ، بالإضافة إلى شهادات بعضهم المزورة وتفرعنهم الكاذب.

ويا أيها العراق لك الله أولاً وأخيراً .