في الأعراس والأحزان , تتزايد ظاهرة اطلاق العيارات النارية في الهواء وهي ظاهرة قديمة وملازمة لنشأة مجتمعنا , ويعتقد مطلقوا هذه العيارات انها أفضل وسيلة للتعبير , ولكنهم دائما ما ينسون بان الطلقة التي تقذف من السلاح الناري مهما كان عياره , لا بد وان تعود الى الارض بموجب قانون الجاذبية الارضية الذي أوجده نيوتن و يعرفه الجميع حتى لغير المتعلمين , ولو كانت هناك جهات معنية في الاحصاء في العراق لأظهرت ارقاما مخيفة عن عدد الضحايا الذين سقطوا بين جرحى او قتلى نتيجة اطلاق العيارات النارية بالطرق العشوائية , فالضحايا هم الابرياء الذين تأتيهم طلقات تائهة من حيث لا يعلمون او انهم من غير المتدربين على الاستخدام الجيد للسلاح , وبعد كل فوز المستحق او غير المستحق للمنتخب الوطني العراقي بكرة القدم دون غيره من الألعاب , تتعالى الصيحات والنداءات للحد من هذه الظاهرة من قبل الجهات الرسمية والشعبية , لدرجة ان أعضاء المنتخب الكروي غالبا ما يوجهون نداءاتهم للشعب للامتناع عن هذه الظاهرة المتخلفة لكي لا يتحملوا إثم هذه الجرائم ضد العراقيين , وفي الوقت الذي يقف فيه الجميع لإيقاف نزف الدماء والموت من الاطلاقات النارية في الهواء في المناسبات , فمن حق الجميع ان يتساءل من هم مطلقو العيارات النارية وما هو مصدر السلاح والعتاد بعد نفاذ الأوامر التي لا تسمح بحمل وحيازة السلاح من غير المرخصين رسميا ؟ , وللأمانة نقول ان أغلب المطلقين هم من العاملين في الاجهزة الحكومية , سواء المنتسبين في الاجهزة الامنية او الحمايات او المنتسبين للأحزاب , فالنسبة الغالبة منهم يمثلون القوى التي تتمتع بحصانات غير قانونية أي التي لا تستطيع الاجهزة الامنية محاسبتها حتى حين تجدها متلبسة في الجرم المشهود ( اطلاق العيارات النارية ) , وتشير هذه الظاهرة الى عدم تمكن الدولة في السيطرة على الشارع العراقي باعتبار ان مستخدمي الاسلحة اكثر نفوذا من القائمين على رصد ومنع اطلاقات العيارات النارية وإلقاء القبض عليهم , فواقع الحال يشير الى التغاضي عن المطلقين المحسوبين على الاجهزة الامنية والأحزاب والتشدد على غيرهم رغم ان الأخيرين يشكلون حالات محدودة , ويقول بعض السكان ان أغلب الاطلاقات تخرج من اسلحة خفيفة ومتوسطة من قبل بعض العاملين في الاجهزة الامنية وهم في الواجب الرسمي اثناء حدوث المناسبات في الافراح والأحزان , وقد وصل الامر الى ان بعض العاملين في السيطرات يقومون بمشاركة مواكب الاعراس اطلاق العيارات النارية من باب التخلف والجهل لا غير , كما ان تشييع الشهداء يشهد اطلاقا للعيارات النارية بشكل مكثف ينم عن التعبير الخاطئ عن المشاعر , ونعتقد بان انهاء هذه الظاهرة المرضية وحماية الناس من نتائجها الكارثية غير ممكن حتى وان صدرت دعوات من أعلى المستويات الرسمية وغير الرسمية لإنهائها , لأنها تعبر عن الفوضى الخلاقة التي تعم البلاد من حيث تعدد مراكز القوى وعدم تمكن الدولة في السيطرة على كل الامور التي تمت وراثتها من العقود الماضية , فمن الممكن ان يقل وجودها ولكنها لا تنتهي في المستقبل القريب , لأن البعض يسعى لإثبات وجود قوته على الارض من خلال ممارسة هذه الظاهرة بالذات , لقد تطرقنا الى هذا الموضوع اليوم لأننا غالبا ما نتحمس لطرح هذه الحالات والظواهر السلبية في حينها ولكننا نغض الطرف عنها بعد تجاوزها , فبعد النداءات والكتابات الوفيرة التي ملأت الصحف والمواقع الالكترونية التي رافقت الفوز الأخير على منتخبنا الوطني على منتخب ايران , اختفت المناشدات بعد خروج منتخبنا الوطني من بطولة كأس آسيا بعد ان اكتفى بالمرتبة الرابعة , رغم ان منتخبنا كان البطل في هذه البطولة سنة 2007 ( وهي السنة التي كانت الأكثر ضراوة وقسوة على حياة العراق والعراقيين ) , والتي عدها البعض إنجازا كبيرا رغم ان الفائز الثالث هي دولة صغيرة تعلمت من بلدنا كرة القدم , وان ما نرميه من هذه المقالة , ان تقوم الأجهزة المعنية في الدولة بوضع ضوابط لحمل وحيازة وإستخدام الاسلحة واطلاق العيارات النارية , ليس في المناسبات فحسب وإنما في حياتنا اليومية بمناسبات او بدون مناسبات , لكي نحفظ أرواح الناس ولا وننتقل بشكل تدريجي مقبول من دولة مناسبات الى دولة مؤسسات .
مقالات اخرى للكاتب