بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنحرفت الأمة عن الطريق القويم الذي رسمه لهم الله سبحانه وتعالى عبر رسول الله (ص) ، وهذا الإنحراف أنطلق من سقيفة بني ساعدة التي أخرجت خليفة جديد غير الخليفة الذي أختاره الله سبحانه وتعالى وبايعته الأمة في يوم الغدير 18 ذي الحجة من عام 10 هجري ، فهذا الإنحراف غيّر الطريق الذي تسلكه الأمة من طريق الله الى طريق الإنسان المملوء بالأخطاء والإنفعالات والنزوات والغرائز  لهذا قال الله سبحانه وتعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)... (1)، فقامت فاطمة الزهراء عليها السلام في مواجهة هذا الإنحراف بكل ما تملك من طاقات وآدوات لكي تعيد الأمة الى طريق الله القويم الذي لا عوجاج فيه وهو ولاية محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فأول الخطوات التي قامت بها هي إثبات عدم مشروعية الحكومة الجديدة من خلال فكرة الوراثة ( علماً إنها كانت تعلم بأن الخليفة الجديد لايمكن أن يستجيب لها في إعطاءها حقها بالإرث لأن ملكها في فدك أغتصبوه فكيف يعطونها الإرث ؟؟؟) التي كانت مترسخة في عقلية الشخصية العربية وأتى الإسلام فثبت هذه الفكرة في المجتمع وأكد على مشروعيتها وهي من الحدود التي رسمها الله سبحانه وتعالى ولايمكن تجاوزها قال الله سبحانه وتعالى (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهين )...( 2) ، فقد أرادت أن تثبت عدم المشروعية هذه أمام الأمة الإسلامية قاطبةً فختارت أن تكون المواجهة في مقر الحكومة وأمام مسمع ومرأى الناس جميعاً فكان المسجد النبوي أنطلاقة الثورة الفاطمية بوجه من تقمص الخلافة ، ( بعد أن أثبتت عدم مشروعية هذه الحكومة من خلال أغتصاب مكلها وأرضها (فدك) التي نحلها لها رسول الله (ص) في عام سبعة هجرية بعد فتح خيبرعندما نزلت آية القربى ( وآت ذي القربى حقه ) اي كانت تحت ملك فاطمة عليها السلام لمدة أربع سنوات تتصرف بها والرسول (ص) يقول ( البينة على من إدعى واليمين على من إدعى عليه)... (3) لهذا فطلب أبو بكر منها بالدليل على ملكيتها قد خالف قول الرسول (ص) وأخذه فدك منها يعتبر تعطيل لحدود الله سبحانه وتعالى وأغتصاب للحقوق ) ، فخرجت بحفنه من نساءها ولم تخرج وحيدة بل أرادت من الناس أجمع أن يعلموا بخروج أم أبيها سلام الله عليها ، فقبل أن تخطب وتتحدث آنت آنة أبكت العيون وآرقة القلوب وآخافتها في نفس الوقت وآذهلت العقول كيف لا وهي تمثل رضا الله وغضبه في هذه الأرض قال رسول الله (ص) (أن ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة )....( 4) ، فخطبت في الناس وذكرتهم بعقائد الإسلام وثوابته وفضله على البشرية وفضل أبيها رسول الله (ص) وكيف أنقذ الأمة ووحدة كلمتها وجعلها قويةً تهابها الأمم بعد أن كانت ضعيفة تتلقفها الأخطار من كل مكان وأشارت بزوجها علي بن أبي طالب عليه السلام وما قدمه لتثبيت ونشر الدين القويم ومن ثم أظهرت مظلوميتها من خلال أغتصاب حقها في فدك وقدمت أدلتها من القرآن القويم قال الله سبحانه وتعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ..)...(5) ولقوة الدليل ووضوحه جعل أبو بكر يقف مذهولاً أمامه فأختلق حديثاً يقول فيه ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ) ....( 6) فكان صوت الصديقة مجللاً بدليلها على هذا الحديث بآيات من كتابه الكريم قال الله سبحانه وتعالى (وورث سليمان داود ...)....(7) ، ( يرثني ويرث من آل يعقوب وأجعله رب رضيا)..... ( 8) ، فأصبح الدليل الذي طرحه أبو بكر ( الذي لم يسمعه من رسول الله (ص) غيره؟؟؟) يتضارب مع كتاب الله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( إذا جاءكم عني حديث فأعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فأقبلوه وما خالفه فأضربوا به عرض الحائط )..... ( 9) ، فبهذه الأدلة التي طرحتها فاطمة عليها السلام من كتاب الله في إثبات حقها في فدك أمام المسلمين قاطبةً وعدم رجوع الحكومة الى كتاب الله في تطبيق الشرع الإلهي قد رسخت سيدة نساء العالمين عليها السلام للمسلمين في زمنها وللمسلمين قاطبةً الى قيام الساعة ثلاث عناوين جميعها تثبت عدم شرعية كل من تقمص الخلافة  قال الله سبحانه وتعالى ( ....ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ،...... ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ، ......،.........ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )....(10) قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).....(11)  قال الله سبحانه وتعالى ( ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من آولياء ثم لا تنصرون )...(12) قال الله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )....(13) ، فخرجت سلام الله عليها من مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن وضعت النقاط على الحروف وأثبتت للأمة الإسلامية قاطبةً بعدم شرعية كل من تقمص الخلافة من خلال مطالبتها بحقها من فدك ، ورسخت العناوين الثلاثة (الكفر والظلم والفسوق) لكل من لم يحكم بما أنزل الله للمجموعة الإنقلابية ، وبهذا عادت فاطمة عليها السلام الى بيتها بعد أن أكملت مهمتها في تحذير الأمة من إتباع هذا الإنحراف الخطير الذي يقودهم الى غضب الجبار ونيرانه المستعرة لكل عاصي وظالم وفي نفس الوقت بينت ووضحت طريق الهدى الذي يجب على الأمة سلوكه والسير فيه وهو طريق الولاية وهو طريق محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين .

(1) سورة آل عمران آية 31 (2) سورة النساء آية 13،14  (3) مختلف الشيعة للعلامة الحلي ج8ص382- جامع المقاصد للمحقق الكركي ج8ص166- مجمع الفائدة – المحقق الأردبيلي ج12ص114 (الحاشية) ،،، مسائل الإفهام – الشهيد الثاني ج13 ص453 ( الحاشية)  (4) معاني الأخبار ج2ص303 (5) سورة النساء آية 11(6) المسائل الصاغانية للشيخ المفيد ص99(7) سورة النمل آية 16(8) سورة مريم آية 6(9) التبيان للشيخ الطوسي ج1ص5(10) سورة المائدة آيات 44،45،47(11) سورة النساء آية 144(12) سورة هود آية 113(13) سورة الحجرات آية