من خلال متابعاتنا لما نقرأه عبر وسائل الإعلام وخاصة الأنترنت , نلمس أنّ غالبية الشعوب العربية , إنْ لم تكن جميعها , تحنُّ الى الماضي القريب بكلّ ما فيه من أدب وفنون بأنواعها , ونتلمّسُ تذمّرها من الأوضاع الحالية التي تعيشها , في وقت يُفترضُ بحالة التغيير التي حدثتْ في أكثر من دولة عربية , أنْ يكون توجه هذه الشعوب نحو التعامل مع الواقع الجديد بتفائل أكثر, غير أنّ العكس هو الصحيح , ما يدعو للوقوف على بعض أسباب هذا الشعور بالإحباط . قطعاً إنّ الشارع العربي لديه مجسّاته التي ترفده عن حقيقة معطيات التغيير الذي جرى وهي معطيات صدمتْ الشعوب العربية بالصميم فولّدتْ لديها هذا الإحباط , فباتتْ تبحث عمّا يوفر لها , سايكولوجياً , نوعاً من السكينة والإطمئنان , فلجأتْ لتذكّرِ الزمن الجميل كما تسمّيه بعض وسائل الإعلام , وقد يكون هذا الزمن , فعلاً جميلاً , ولكنه بالتأكيد ليس هو الزمن المنشود الذي تبتغيه بل وتتطلّبه الحياة العصرية التي تبحث عن كلّ جديد من شأنه أنْ يواكب الشعوب المتحضرة وخصوصاً في الغرب . يبقى التساؤل المهم هنا : على مَنْ تقع مسؤولية هذا الإحباط الذي يعيشه العرب ؟ ومن المتسبّبْ به ؟ الساسة أم الشعوب ؟ أمْ كلاهما معاً , كلٌّ حسب مساهمته في صنع هذا الواقع المتردّي ؟ أسئلة تبقى تدور في الأذهان ورغم الإجابات التي تدور من حولها لكنها لم تشفِ جرحاً كما يُقال .. غير أنّ المقطوع به , أنّ سبب كلّ تردٍّ حاصل في عموم المنطقة , هو سببٌ سياسيٌ بالدرجة الإولى , يعود للساسة المتنفذين أنفسهم الذين يمسكون بزمام الإمور , فهم في الغالب , أقلّ ما يُقال عنهم , أنهم من سياسي الصدفة التي دفعتْ بمعظمهم وجعلتهم في الواجهة .. ولعلّ الكثير منهم لم يكن يحلم يوماً ما , أنْ يتسنّمَ بعشر العشر من حجم هكذا مناصب كبيرة .. وتلك هي واحدة من محنة شعوب المنطقة .