في الوقت الذي يتقاضى المسئولون "صناع القرار" مرتبات شهرية خرافية، يكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، "إن 22.9% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر بواقع ستة ملايين و900 ألف عراقي من مجموع 32 مليون نسمة".
ويقول التقرير: أن 40% من سكان المحافظات هم من الفقراء، حيث تبلغ نسبة الفقر في محافظة المثنى 49 %، تليها محافظة بابل بنحو 41%، وصلاح الدين 40%.. وهناك ما نسبتهم 13% من الفقراء يتركزون في عموم العاصمة بغداد و11 % منهم بمحافظة البصرة.. ويشير التقرير إلى أن 57% من السكان في سن العمل هم خارج دائرة النشاط الاقتصادي..!
هذه الإحصائيات الرسمية تبدو ضرباً من الجنون حين يجري الحديث عنها في بلد كالعراق تتجاوز ميزانيته السنوية العامة (129) مليار دولار.. وقد يصبح الجنون هستيرياً حين تكون هذه الميزانية لبلد يفتقر لخدمات الكهرباء، ومياهه ملوثة، وطرقه مدمرة، ومدارسه متهالكة تفتقر معظمها حتى لزجاج النوافذ، ومستشفياته أشد بؤساً من مرتاديها. بل إن هذا البلد صار يستورد حتى البصل والثوم بعد انهيار مشاريعه الزراعية والاروائية..!
حين يتحول بلد نفطي كالعراق إلى سوق لقمامات المصانع الشرق- آسيوية، ويتسول شعبه لقمته ببطاقة تموينية لنفايات الأسواق التجارية الخارجية، في نفس الوقت الذي تواصل المفخخات وجيوش الارهاب اجتياح مدنه وحصد أبنائه، يصبح من حق كل مواطن عراقي أن يسأل: أيــــن ثرواتنـــا الوطنيــة!؟ أيـــن المشاريع التنموية!؟ أيــن خطط مكافحة الفقر والبطالة!؟ أيــــن الأمـن!؟ أيــن التغيــير الذي تتحدثون عنه، وتربعتم الكراسي باسمه!؟
لكـــن الأسئلة الأهـــم ينبغي أن نوجهها للأحــزاب، والكتل البرلمانيــة الذين صدعوا رؤوسنا بشعاراتهم الوطنية، ومزايداتهم السياسية باسم الشعب في الفضائيات.. فلنسألهم: ماذا قدمتم لقواعدكم الشعبية غير الثرثرة بالهتافات، والوعود الكاذبة التي تحقنون بها الشعب كعقاقير المورفين!؟ هاتوا موقفاً شجاعاً واحداً حققتم به إنجازاً يعز كرامة المواطن العراقي ويحسن ظروفه الانسانية!؟
إن الحقيقة التي يجب أن نثق بها هي أن كل القوى السياسية الحاكمة والمعارضة جعلت من العراق مشروعاً استثمارياً تتقاسم أسهمه نخبها القيادية، وكلاً منها يشارك الآخر في تمرير صفقات الفساد، واللعب بالأوراق الأمنية في جعل الارهاب هو "السعلوة" التي كانت جداتنا وأمهاتنا تقص علينا ليلاً مغامراتها لنغمد رؤوسنا في أحضانهن من الخوف ونغفو، فيتخلصن من تذمرنا وإزعاجنا..!!
مقالات اخرى للكاتب