مقتل عقيد طيران في الحرس الثوري الايراني في العراق خلال الايام الاخيرة، وقبل ذلك مقتل أفراد آخرين من الحرس الثوري او قوات التعبئة التابعة لها، أعطى إنطباعا للمعنيين بمتابعة الشأن العراقي ـ الايراني بأن النظام الايراني في صدد إعادة إستنساخ السيناريو السوري في العراق.
إلقاء نظرة سريعة على تأريخ تدخل النظام الايراني في الشأن السوري، يجعلنا وجها لوجه أمام الانکار المستمر من جانب النظام الايراني لأي تدخل له في الشأن الداخلي السوري بل وانه قد طرح نفسه في کثير من الاحيان کوسيط للسلام و الاستقرار في سوريا، لکن الايام أثبتت بأن هذا النظام قد کان أبعد مايکون عن الامن و السلام و الاستقرار في سوريا، بل وانه کان بمثابة العامل المباشر و الرئيسي في دفع الاوضاع في سوريا بإتجاه المزيد و المزيد من التوتر حتى وصلت في الاخير الى أخطر مفترق من نوعه في تأريخ سوريا المعاصر.
إنتشار تقارير خبرية بخصوص مقتل أفراد من قوات تابعة للنظام الايراني في العراق، يثبت و يؤکد حقيقة الدور الخطير الذي يلعبه هذا النظام في المنطقة و سعيه من أجل ربط منطقة الشرق الاوسط الحساسة بمصيره و جعلها ورقة للمساومة مع مفاوضيه الدوليين، مع أن معظم الاوساط المطلعة و المعنية بالشأن العراقي تعلم جيدا بأن السبب الاساسي للتطورات و المستجدات الاخيرة في العراق انما کانت السياسات الخاطئة و المشبوهة التي إتبعها نوري المالکي في العراق و التي کانت بالاساس بنائا على طلب و رغبة النظام الايراني، وان إنتشار أنبائا عن مقتل أفرادا من قواته في الاشتباکات الدائرة في العراق(على الرغم من التکتم الشديد من جانب النظام على ذلك)، يأتي کإثبات لکل تلك التقارير و التحليلات التي أکدت بأن النظام الايراني سوف يتدخل في الاوضاع بالعراق بعد سقوط نينوى و صلاح الدين، لأنه يتخوف کثيرا من نتائج و تداعيات ذلك خصوصا في حالة تنحي المالکي"رغم أنفه"، والذي سيکون وبالا عليه لأنه سيشکل عدا تنازليا لهيمنته و جبروته في المنطقة.
السيناريو السوري الذي يحاول النظام الايراني الان إعادة إستنساخه في العراق، هو سيناريو يمکن إعتباره منتهي الصلاحية و الاستخدام، لأن الظروف و الاوضاع التي تولدت بعد سقوط الموصل و تکريت، تجعل من الصعب على النظام الايراني أن يلعب نفس الدور الذي لعبه في سوريا بل وان هناك وجهات نظر أخرى ترى في الاوضاع الجديدة في العراق بمثابة رمال متحرکة يتم من خلالها إستنزاف قدرات النظام الايراني و جره الى مواجهة لاطاقة له من ورائها، والاهم من ذلك کله، ان مخططات النظام الايراني قد صارت مکشوفة بالکامل و لم يعد بوسعه أن يمارس تلك السياسة السابقة التي خدع بها قطاعات کبيرة من الشارع العربي.
مقالات اخرى للكاتب