زيارتي الأولى لباريس كانت في العام ٧٨ ، أقمت فيها لأقل من عام . زيارتي الاخيرة كانت قبل ايام. العمران والحداثة أتت على حساب المساحات الخضراء والفضاءات واخترقت حتى معالم باريس التاريخية والسياحية .
بين زياراتي المتعددة لمتحف اللوفر في العام ٧٨ وزيارتي الاخيرة له قبل ايام لاحظت تطورا وتحديثا كبيرا حصل، كما حصلت فوارق شاسعة في نوعية الزائرين .
لم الحظ صينيا واحدا في زياراتي السابقة في حين غصت صالات وقاعات متحف اللوفر بافواج ومجاميع من الصينيين، مثلما غصت بهم باقي المعالم السياحية والتاريخية في عموم فرنسا ، هذا انعكاس لحالة التطور الاقتصادي والرخاء .
لاحظت غياباً شبه تام للزوار من بلدان الخراب العربي العراق وسوريا ومصر وتونس ، واقتصر حضور الخليجيين على اماكن الترفيه ! .
في قاعات حضارة وادي الرافدين انتابتني مشاعر لايمكن حصرها بمقال، وانا اشاهد كنوز حضارتنا وبالخصوص وانا اشاهد الثور المجنح، شاهدت ابو بكر البغدادي وعصاباته، احسست ان الثور المجنح لاذ بجدران متحف اللوفر فرحا بعدما شاهد معاول داعش تدمر شقيقه في مدينة النمرود الاثرية وآثار متحف الموصل . في اللوفرعادت الى الذاكرة صور الحواسم وهم يسرقون ويدمرون موجودات المتحف العراقي بعد إطاحة صدام .
بعد انتهاء زيارتي لمتحف اللوفر توجهت بالشكر والعرفان لمن سرق آثارنا من الفرنسيين ومن غيرهم من الغربيين ، الذين احتفظوا بشواهد حضارتنا بمتاحفهم وصانوها ، ربما هي المرة الاولى التي يشكر فيها مسروق سارقه ، بعدما شاهدنا ما حل بآثارنا وشواهدنا التاريخية على ايدي داعش ومن سبقهم ومن لحقهم من تدمير وإهمال .
نشكر داعش لان جرائمها أيقظت فينا روح القتال والثورة ولأن جرائمها أشعرتنا بخذلان واهمال وفساد ساستنا .
عام ونيف فقط هي فترة دمار وجرائم داعش بحق العراقيين ، ألهبت في قلوبنا حالة رفض لكل اصناف الظلم والقهر الذي مارسته داعش والذي مارسه و يمارسه ساستنا منذ ١٢ عاما .
مثلما شكرنا فرنسا والغرب على سرقاتهم ومثلما شكرنا داعش ، لابد لنا ان نشكر بجد ساستنا لان إيغالهم بسرقتنا وخراب بنيتنا التحتية ومجتمعنا ، لان إهمالهم ودونيتهم وفسادهم وو .. ايقظ المارد العراقي من غفوة أرادوها ان تكون كرقدة اهل الكهف ليستمروا في غيهم ، لكنهم أيقظوا فتيل نار ثورة شعبية وانتفاضة ستأتي على عروش خاوية بنوها بسحت سرقوه.
شكرا لكم ايها اللصوص الظلمة لقد قربتم اجلكم بأيديكم ألا سحقاً لكل فاقد ذمة وضمير .
ايها الثوار اياكم والسماح باندساس مجاميع احزاب السلطة بينكم، لأنهم مثلما سرقوكم يريدون سرقة ثورتكم او تغيبها.
اسمحوا فقط لمن قاتل داعش في ساحات المواجهة لأنهم ثوار مثلكم .
شكراً لمن سرق جيبي وأيقظ ثورتي.
"روح الثورة لن تموت ، مادامت قلوب المشاركين فيها راغبة في النصر"
مقالات اخرى للكاتب
