البعض من السياسيين والإعلاميين والمثقفين العراقيين عندما يناقشوا أزمة ما تهدد مستقبل العراق
نرى أنهم يضعوا شعار في مستهل حديثهم ( أنا لا أومن بنظرية المؤامرة ) وكأن المتحدث يريد أن يبعد عن نفسه تهمة الخيانة العظمى ،وعندما يسترسل في تحليله للازمة يتضح للمتلقي خيوط المؤامرة كيف صيغت بشكل متقن ومتصاعد إلى أن تنفجر بوجه العراق والعراقيين ، ولكنه يبقى مصرا على إنكار المؤامرة ويؤكد ان التصريح بها هو من نسج الخيال العراقيين وجزء كبير من بناء شخصيتهم مسكون بالمؤامرة ، وان سبب تخلفهم السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي هو توجيه الاتهام لدول العالم بتأمر عليهم . وكان لسان حالهم يقول أننا وحدنا العراقيين قوضنا النظام الجديد في العراق ، ونهدم بمعاولنا العملية السياسية التي أهدتها لنا أمريكا ، ونحن من استدعى جيوش العالم لتقاتل على أرضنا وفي سماءنا نيابة عنا ،وان الغباء السياسي لقادة العملية السياسة خلق القاعدة وداعش والخارجين على القانون . و الشعب العراقي هو الذي ينادي بدولة المكونات والطوائف والفدراليات ، شعب متهور سادي جاهل يريد أن يمزق نفسه أمام العالم ، شعب يعشق الفقر والجوع حتى وان بلغت الموازنات مئات المليارات ، شعب يريد أن يقتل أبناءه تحت أي عنوان وفي أي زمان وعلى أي مكان . شعب يسئ إلى حكامه ، شعب ضيع الخيط والعصفور وحتى في هذا اختلفوا منهم من يريد استعادة الخيط ومنهم من يريد العصفور.
هذا هي ادعاءات الساسة وبعض المثقفين للأسف حتى لا يتهموا بنظرية المؤامرة وليبقوا انقياء أوفياء لأمريكا والغرب ودول الجوار كل حسب بوصلته حاملين راية الديمقراطية والحرية والشفافية مدافعين عنهم من أوهام وخرافات الشعب التي تعشش في مخيلته المؤامرات. محمد صلى الله عليه وسلم لم تتآمر قريش على قتله إنما كان ذلك من بنات أفكاره، ويوسف عليه السلام لم يتآمر عليه إخوانه إنما سقط في البئر بغفلة منهم ، والإمام الحسين رضي الله عليه لم يتآمر الملعون يزيد بن معاوية على قتله إنما قتله بعض جنود بن زياد دون علمه ، والربيع العربي لم تصنعه أمريكا وإسرائيل إنما حدث بسبب منخفض جوي ، والعراق لم تذبحه من الوريد إلى الوريد أمريكا والمتحالفين معها إنما ذبح نفسه بيده ، ونينوى وأخواتها ذهبت برجليها إلى وداعش لا سائل ولا مسؤول. لنهتف موحدين بلسان عربي فصيح نحن شعب لا نؤمن بنظرية المؤامرة حتى لا نتهم بالتخلف .