منذ أيام والدراسة معطلة في كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية , والسبب ان الطلبة قاموا بتنظيم إعتصام ردا على اجراءات اتخذتها عمادة الكلية تتعلق بغلق احد المداخل ومنع احتفالات التخرج وغيرها من الامور , وسواء كانت تلك المطالب مشروعة او غير مشروعة فإنها بحاجة الى من يستمع اليها ويرد عليها سلبا او ايجاب , وتلك من مسؤولية العميد او من يخوله وفي حالة القصور في ذلك فإن رئاسة الجامعة من حقها التدخل لحل الموضوع , لان الاصوات التي يطلقها الطلبة باتت تعطل الدوام وتتسبب بحرمان الطلبة من المواظبة عليه , وهم بمستوى علمي وكل ساعة من المحاضرات او التطبيقات لها وزنها في اعدادهم العلمي ليكونوا مهندسين عند تخرجهم , والمهندس يفترض ان تكون له قيمة في الاعمار والبناء في مختلف الاختصاصات .
لقد إطلعنا على جزء من مطالب الطلبة في احد برامج قناة البغدادية الفضائية كما تم الاطلاع على رد العمادة على جزء من الموضوع , واعتقدنا ان الموضوع قد انتهى عند هذا الحد ولكن وسائل التواصل الاجتماعي نشطت امس مطالبة بتصعيد الاعتصام باعتبار ان المطالب لم تتم الاستجابة لها بعد , وهو ما يعني بان المظاهر المتشنجة لا تزال سائدة في الكلية , وهو ما يتطلب العمل على انهائها بأقرب وقت ممكن لغرض إستثمار الوقت وعدم اضاعته , سيما وان الخصومة محصورة بين الطلبة والعمادة , والجميع يعلم ان العميد هو الاب والأخ للطلبة كما ان الطلبة يجب ان يتعاملوا مع العمادة والأقسام على اساس الاحترام , فهذه التسلسلات الادارية وجدت لخدمتهم وانجاز مهامهم العلمية والإدارية في الأساس , بمعنى انها ليست سلطات فوقية وإنما وجدت لغرض التسهيل وليس من باب التعسف والاضطهاد .
المهم في الموضوع , ان هذه المظاهر الديمقراطية التي لم يألفها الكثير في ظل الانظمة الشمولية السابقة , يتوجب ان توظف وتوجه لأغراضها المحددة بموجب الدستور الذي كفل حق التعبير عن الرأي , بمعنى ان لا يتم التعامل معها بفوقية وشخصنة ولغرض اثبات القوة والذات , كما ان النتيجة النهائية يجب ان لا تصل الى حد التعارض المطلق , لان القضية ادارية بامتياز ويمكن حلها من خلال التفاهم وعرض المواقف بشفافية ومرونة تسمح برحابة الصدر , وفي ظل مثل هذه الحالات التي اوصلت تفاصيلها إلى الفضائيات ووسائل الاعلام , نستغرب غياب دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , وهي المسؤولة عن التعليم الحكومي في العراق , فقد كان من الاجدر ان يصدر تصريحا من الناطق الرسمي بإسم الوزارة لتوضيح حقيقة ما يجري وما سيتم اتخاذه من اجراءات , او ان تقوم احدى دوائر الوزارة بزيارة ميدانية لمعاينة ما يجري بحق .
نتمنى مخلصين ان تتم معالجة مثل هذه الحالات , من خلال فهم الممارسات الديمقراطية لشبابنا والاستجابة لها على انها حالة ايجابية ولا تستوجب العداء , فهؤلاء هم ابنائنا وشركائنا في الوطن وهناك متسع من المرونة لفهمهم واستيعابهم والاستجابة لطلباتهم العادلة وتصحيح اخطائهم ( ان وجدت ) , باعتبارنا تربويون وقد تقبلنا وقبلنا هذه المسؤولية الجسيمة بعد ادراك جميع ما يترتب عليها من اعباء , كما نأمل من ابنائنا الطلبة سلوك الطرق الصحيحة في التعبير عن الرأي من دون احداث اية اضرار بالمصالح العليا والمال العام وتعطيل الاعمال , وتلك أوصاف اطلقها السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عند تحديده لمعايير التظاهر الصحيح , وفي كل الاحوال فان من الواجب الوطني الاستماع الى مطالب المتظاهرين من خلال اللقاء مع ممثليهم , ومن ثم الاتفاق على الممكن وغير الممكن في ضوء التعليمات , وهي قضية تدخل في الاطار الديمقراطي لمن يؤمن به بحق .
مقالات اخرى للكاتب