منذ سنوات بعيدة نشر الكاتب الأميركي أرفنج والاس روايته " الجائزة " تتحدث بواقعية ساخرة عن الفائزين بجائزة نوبل من الصعاليك والسكارى والمومسات والمجانين والشحاذين والحشاشين ، وتجيب عن السؤال : أين كانوا يوم الإعلان عن فوزهم ؟!.
فهذه الجائزة التي أصبحت رشوة سياسية في كل عام ، أعطيت للأديب الايرلندي صمويل بيكت وكان هارباً من منزله ولم يعرفوا مكانه إلا بالمصادفة في تونس ، والناشطة في حقوق الإنسان أونغ سوتش من بورما كانت محبوسة في بيتها ، والكاتبة الجنوب افريقية نادين جورديمير التي فازت برواية ( شعب يوليو ) كانت تتمدد تحت سيارتها منهمكة بتصليح إطارها المعطوب حين ركلها بقدمه أحد المارة العابرين ، ليقول لها : إنها حصلت على مليون دولار !.
لكن تظل الأديبة النيوزلندية الشقراء " كري هولم " الفائزة بجائزة " بوكر " البريطانية أغرب الأدباء الفائزين بجائزة في حياتهم . يومها كانت تسبح في البحر وركب أصدقاؤها الزوارق وراحوا ينادون بصوت عال ( كري .. كري ) وهي تسمعهم وترفض أن تلتفت إليهم ، فقد حدث أن سقط " المايوه " في الماء ، وظنت أن الذين ينادون باسمها إنما لاحظوا أنها عارية تماماً ، فغضبت واندهشت لقدرة الناس على النظر من بعيد .. وفقدانهم الحياء أيضاً !.
وهذه الجائزة رفضها الأديب الايرلندي برنادرشو وكان يقول : إنه يغفر للفريد نوبل اختراعه الديناميت ولا يغفر له هذه الجائزة ، واحتقرها جون بول سارتر لأنه كان يحتقر الكاتب عندما يتحول إلى حزب ، واعتذر عنها الأديب الروسي بوريس باسترناك ، ورفضها بابا الفاتيكان بولس السادس لأن نشر السلام في العالم من واجبه البابوي ، وتسلمها سيد مرعي نيابة عن الرئيس المصري أنور السادات فقد كانت مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغين ، وكانت الحرب والجريمة والاعتداء على شرفنا كل ما يملكه بيغين من رأسمال !.
ولقد فاز بنوبل للسلام اثنان من العرب : الرئيس أنور السادات والقائد الفلسطيني ياسر عرفات ، وكلاهما كان له شريك إسرائيلي في الجائزة ، وفي الحرب والسلام .. وكلاهما مات اغتيالاً !.
الأديب العربي تتيبّس أنامله من الكتابة ، وتتخشب شرايين قلبه ، ويتقاعد ويشيخ ويبقى حالماً بنوبل . على إنني أنصح جميع العرب أن يغسلوا أيديهم إلى المرافق من نوبل كما غسلوا أيديهم من كل شيء بعد أن حاصر حياتهم ، بكل أسف ، القحط والجدب والجفاف العظيم .. ولأنني أدرك تماماً أن جميع الخيول العربية ستبقى تصهل خارج التاريخ ، وخارج السباق !.