أن من اهم عوامل القوة للبلدان و الدول هي تماسك شعوبها و وحدة لحمتهِ بوجه جميع الظروف و التحديات و التغيرات التي تمر بها ، و أن تكون مصلحة الوطن فوق المصالح الاخرى ، حتى يكون المجتمع كالجسد الواحد المنسجم و البعيد عن الانقسام و التفرق و التشتت و التناحر .
أن مشكلة الطائفية هي ليست بالانتماء ولا بممارسة الشعائر ، ولكنها تكمن في النظرة الدونية و الاحتقار و التضليل لبقية الطوائف التي تختلف عنه او لا تشبه في الممارسة او المنظور او التوجه ، بسبب الاعتقاد بانها تسير على المنهج القويم و الصحيح من دون الاخرين .
ان لنا في تاريخ الدول و الشعوب عبرة و اعتبار ، فالدول الاوربية عاشت الحرب الطائفية في القرن السابع عشر و لسنوات طويلة جدا و خصوصا بين الكاثوليك و البروتستانت ، نتج عنها دمار و خراب واسع لم يجني احد شيء منه لجميع الاطراف المتصارعة ، غير الماسي و الدمار .
أما الان فان هذه الدول استفادت من تجربتها المريرة و من تاريخها المؤلم لتصنع منه مستقبل باهر لأجيالها ، بعيدا عن الصراع و الحروب ، وهي الان تعيش التنوع بكافة اشكاله من دون ان يؤثر ذلك على مصيرها او مستقبلها .
أننا كمسلمين بكافة انتماءاتنا مهما تنوعت و تعددت افكارنا و توجهاتنا ، فأننا من مصدر واحد ، لا تفرقنا غير اجتهادات فقهية او روايات تاريخية ليس بالضرورة ان نتفق عليها حتى نتعايش .
فلكل منا وجهة نظر قابلة للصواب و الخطاء ، وهي بالتالي غير ملزمة حتى لمن يتبع الطائفة او المذهب نفسة .
ان مشكلة المسلمين الان هو التناحر و الانشقاق و التقاتل ، وهذا ما حذرنا منه نبينا الكريم محمد بن عبدالله صل الله علية وعلى اله و صحبة و سلم عندما قال في حجة الوداع ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) ، وفي حديث اخر عنه صل الله علية وعلى اله وسلم (قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ ، وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) ، لقد اشار النبي محمد صل الله علية و على اله و سلم الى ابسط الامور في التعامل مع المسلمين وهو ان لا يهجره بسبب الخصام الو الزعل ، فكيف بالتسلط و الاحتقار و النظر له بسخرية او دونية ؟!.
ان اهم اسباب انتشار التعصب و الطائفية المقيتة وجود المكاسب الشخصية او المنافع العائدة و المتحصلة منها و المصالح ، فنجد ان اهم ما يقوم به المتعصبون او الطائفيون هو تشوية صورة او سمعة المقابل و التشكيك به و التشهير و سوء الظن بنواياه ، حتى يتمكن من ابراز الجانب الذي ينتسب له او يؤمن به بانه الطريق الصحيح ، لكوننا من المجتمعات التي تتعايش على وجود شماعات نعلق عليها اخطائنا و نلصق بها عيوبنا ، حتى لو كان هذا الحدث شيء تاريخي ، فأننا سنلجئ الى التاريخ لنلصق بشخصيات ذاك الزمن التهمة .
وكذلك وجود التحريض ضد طائفة معينة او لمن ينتمي لها ، ويكون هذا التحريض بأثارة السخرية اولا ومن ثم اثارت الكراهية التي قد تتطور في اذهان النشأ الجديد او الشباب الذي لم يتعايش مع الطائفة الاخرى ، ومن ثم سيكون له ردت فعل قوية ترفض حتى الاقتناع ان جهة التحريض هذه قد تكون مدفوعة او لها اغراض معينة .
ومن مشاكل الطائفية و التعصب هو الظلم الكبير الذي سيقع على ابناء الوطن الواحد او على ابناء الجلدة الواحدة ، وبخس الحقوق ، والهدر في الطاقات ، وعدم استغلال الكفاءات او الاستعانة بها لكونها لا تنتمي الى هذه الطائفة .
ولو اننا استثنينا حالة الصراع و الحروب التي ستكون عليها الطوائف ، التي ستجلب للبلد الخراب و للمجتمع الدمار ، فان وجود الحالة هذه سيولد مجتمع متفكك قابل للانفجار تسري فيه النار من تحت الرماد تنتظر فرصة لهبوب الرياح حتى تتقد .
أننا مطالبون الان بان نراجع انفسنا جميعا قبل فوات الاوان ( او قد يكون فات الاوان ) ، ونسال انفسنا اولا هذا السؤال ، أننا مسلمون و الحمد لله .
هل ديننا او مذهبنا لله أم لمن ؟!.
أذا كان لله فأننا طبعا لسنا بحاجة الى مناصب او مكاسب حتى نتصارع عليها مع الغير ، فالإسلام اولا دين معاملة ومحبة و تسامح .
واذا كان ديننا او مذهبنا لغير الله ، فأننا على شفا حفرة وهاوية كبيرة تنذر باننا على صراع و اقتتال فيما بيننا الى قيام الساعة .
مقالات اخرى للكاتب