Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
العم راضي
السبت, نيسان 11, 2015
ثامر مراد

 

إرتبطت علاقتي مع الشيخ راضي المحمود منذ كنتُ طفلاً صغيراً لايتعدى عمري الخامسة أو السادسة. قذف بنا القدر لنسكن جوارهم.

 

منذ أن أبصرتُ النور وأنا أشاهد الشيخ راضي المحمود يجلس قريباً من الساقية الصغيرة التي تغذي المساحات المزروعة بأنواع مختلفة من الفواكه وأشجار النخيل والحنطة والشعير. لم أتخيل يوماًما أن – العم راضي – هو إنسان ينتمي الى قبيلة أخرى تختلف عن قبيلتي- كنتُ أعتبرهُ عماً حقيقياً . كانت صفة – العم- تُطلق على أي رجل كبير يسكن تلك المنطقة. جميع ألأطفال وحتى الشباب يطلقون هذه الكلمة على الرجال الكبار. مثلا ” عمي راضي. عمي علي المحمد، عمي صبيح، عمي يوسف، عمي عبدالله، عمي فارس، عمي طه، عمي يوسف، عمي عبد الجابر، عمي حمد وعمي كامل” . فيما يتعلق بالعم راضي..كان إنساناً هادئاً ذا صوت هامس بالكاد تسمعه وهو يتحدث. كلما اشرقت الشمس أراه يحمل فراشاً بسيطاً وعصا وينتعل حذاء أحمر جلد . يفترش ألأرض تحت شعاع الشمس في الشتاء بالقرب من شجرة النخيل السامقة ويتمدد على – مرفقة- ويسترسل في تدخين سكائر- المزبن- في ذلك الوقت ويرسل نظراته الى ألأفق البعيد والى قمم ألأشحار العالية في صمتٍ وسكون وكأنة يسترجع ذكريات بعيدة منسية عصفت بحاله وأحوال أُناسٌ كثيرين مروا بتجارب في الحياة تمتزج بكل أنواع العذاب والفاقة والحاجة الى شيءٍ مفقود . كلما خرجت من البيت – كطفلٍ صغير- لاأجد طفلاً العب معه أجلس قربه وأبدأ بعد أعقاب السكائر التي إحترق تبغها قبل قليل بين أنامله المتجعدة من سنوات العمر الطويلة ومصاعب ومصائب الحياة التي مر بها مع رفاق وأعمام ذاقوا مرارة العيش يوما ما وهم يقاتلون ساعات ولحظات عصيبة ضد المحتل البريطاني القادم من خلف البحار ..جاء من هناك ليحتل ألأرض الطيبة ويستولي على كل الثروات المكنوزة تحت ألأرض وفوقها. حينما يأتي رجل ويجلس قربة تبدأ أحاديث متنوعة تتضمن الحديث عن ألأرض وأشياء أخرى كثيرة. يتطور الحديث ليشمل الصراعات المختلفة بين قوات ألأحتلال وأهدافهم البغيضة. يتحدث عن معاناة الرجال الذين كانوا معه وهو ينتقل من العراق الى منطقة خارج البلاد كاسرى حرب. كنت طفلاً لااستوعب بعض الكلمات التي يقولها لأنني لاأجد لها تفسيرا في مخزون ذهني الصغير. يتحدث عن اشياء كانت بالنسبة لي كأنها حكايات عن العصور المظلمة وعن قساوة ألأنسان. يتحدث عن شيء إسمه التعذيب النفسي والجوع والعطش وكيف كان السجان يجبرهم على الخوض في مياه القاذورات – المرافق الصحية- كنوع من ألأذلال الروحي والنفسي لرجال أشداء على الكفار رحماء فيما بينهم. كانوا صلدين اقوياء لاتؤثر فيهم تلك المعاملات اللاإنسانية . حينما أستلقِي على فراشِ في الليل كانت والدتي رحمها الله تحكي لي ولأشاقائي وشقيقاتي حكايات كثيرة. حينما كنتُ أوجه لها سؤالا بريئاً عن العم راضي بأنني سمعته يتحدث عن شيء إسمه ألأسر والعدو ومياه القاذروات والجوع والتعذيب واشياء أخرى أتمنى ان تشرحها لي كي لا أبقى حائراً أتخبط في عبارات لاأفهم ماذا تعني.

 

كانت تمسح على راسي- كنتُ طفلها المدلل- وتخبرني من أن زوجة العم – حسنة الراضي- والغريب أن اسماء النساء في ذلك الوقت تكنى باسماء ألأزواج وليس ألآباء. كانت قد أخبرتها أشياء كثيرة عن حكاية ألأسر .وتقول لها ” دادة عذبوهم كلش هواي وجانوا يخلوهم في ماء المراحيض ويطمسون أجسادهم الى الركَبة” ..وباللغة الفصحى ” عزيزتي كان البريطانيين يجبرونهم على غمر أجسادهم في قاذورات المرافق الصحية حتى العنق” .

 

كانت تردد والدتي بأنهم كانوا في الهند ولأ أعرف إن كان هذا المكان هو الصحيح لعملية ألأحتجاز وألأسر. كانت والدتي تخبرني دائما من أن رجال – الجنابات- هم شجعان ويقاتلون بضراوة كل من يحاول ألأعتداء عليهم ولكنهم في نفس الوقت رجال كرماء أعلى درجات الكرم والغيرة وحسن ألأخلاق. عاصرت العم راضي حتى اللحظات ألأخيرة. حينما إنتقل الى العالم ألآخر – الى رحمة الله- كنتُ أركض الى جانب الرجال الذين يحملون نعشة الى مقبرة ألأحيمر والعم عبد الجابر يصرخ بأعلى صوته يتقدم الجميع -لا إله إلا الله والله أكبر- ويتناوب الرجال على حمل التابوت المكون من قطع طويلة من أغصان ألأشجار. لم أبك في ذلك الزمن لأنني كنت أعتقد أن العم راضي سيعود عند المساء لوحده. سبعة أيام كانت مراسيم الفاتحة.

 

في اليوم التالي ذهبت الى نفس المكان الذي كان يجلس فيه العم راضي كي أجلس قربه. لم يأتِ بقيتُ ساعات أنتظره ولكنه لم يأتِ. سألت والدتي لماذا لم يعد يجلس العم راضي قرب شجرة النخيل. بكت وأخبرتني أنه سافر الى مكان بعيد ولن يعود.

 

حينما قذف بي القدر لأكون أسيرأ أحد عشر عاما خلف الحدود لجرم لم أرتكبه سوى أنني عراقي. لم تغب عني صورة العم راضي لحظة. كلما شعرتُ بالجوع كنت أحدث نفسي وأقول ” كان العم راضي يجوع مثلي ولم يمت هناك خلف الحدود وعاد يوما ما الى أرضه الطيبة..من يدري قد أعود يوما ما مثله حينما كان المدرس يشرح لنا أسباب قيام ثورة العشرين لم تفارقني صورة العم راضي لحظة واحدة. قرأت الكثير عن ثورة العشرين لأفهم ماذا كان يحدث للعم راضي ولماذا إشترك فيه.

 

من خلال دراساتي الكثيرة ينبغي ذكر شيء مقتضب عن تلك الثورة ” ثورة العشرين ثورة اندلعت في العراق ضد الاحتلال البريطاني وسياسة تهنيد العراق تمهيدا لضمه إلى بريطانيا كسلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي جراء عدم ايفاء الحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال كدولة عربية واحدة من الهيمنة العثمانية. واتخذت الثورة بادئ الأمر شكل العصيان المدني ثم المواجهات المسلحة التي ادت إلى عقد مؤتمر القاهرة الذي حضره وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل لمناقشة موضوع الانتفاضات العربية كثورة 1919 في مصر وثورة العشرين في العراق وانتفاضة اليمنيين والسوريين والفلسطينيين، وتقرر منح هذه الدول استقلالا ذاتيا محدودا تنفيذا لمعاهدة سايكس بيكو بتجزئة الولايات العثمانية ومنحها استقلالا شكليا. وربطت تلك الدول بمعاهدات تَسْهُلُ من خلالها هيمنة بريطانيا وفرنسا عليها. “

 

سلاماً لكل من شارك في تلك الثورة وتحية إجلال لكل الشهداء الذين كانوا النواة ألأولى لبناء مستقبل جديد لأبناء العراق في كل مكان. سيبقى العم راضي مع بقية الذين شاركوا معه من الجنابيين شمعة مضيئة في تاريخ العراق ولن ينساهم التاريخ مادامت هناك حياة على كوكب ألأرض.

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.39043
Total : 101