الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما، هو الحفيد الرمزي، المنسول من ظهر العبد الاسود كونتا كونتي، الذي جاءت به السفن الامريكية، في رواية "جذور – 1976" لألكس هللي، مع افواج "النكرو" من مجاهل افريقيا، رقيقا يخدمون البيض، قطعوا سيقانهم؛ كي لا يهربوا.
لم يكتفِ سود امريكا بتجاوز عقدة اللون، انما حققوا وجودهم، مواطنين من الدرجة الاولى، يتبوؤن المناصب التي يشاؤون.. بل ويسهمون في الحفاظ على الديمقراطية المفلترة في الولايات المتحدة؛ واقول مفلترة؛ كي لا تتحول حرية الرأي البناءة الى انفلات مخرب.
وهذا ما وصل به اوباما الى دفة الرئاسة مرتين، سيدا للبيت الابيض، واجداده عبيد سود...
بينما شوه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، تطبيق الديمقراطية، حين حصرها بجماعته ومحسوبيه، يسيرون شؤون العراق لمصالحهم الشخصية، فسادا، بينما البلد كله مهصور تحت حد مقصلة الديكتاتورية، لا أحد يعنى به، ويتفهم معاناته، الا على قدر الايام االقليلة التي تسبق الانتخابات، ثم يتنكرون له.
بل تنكر لحزب الدعوة الذي اصوله الى منصب رئيس الوزراء.. سبح المالكي بدماء شهداء "الدعمة" نحو المنصب، مثلما تنكر لمدينته طويريج التي خبأته عن أعين طالبيه، ايام صدام وسواها.
ماذا قدم لحزبه ومدينته وبلده وشعبه، بينما رفع اوبما رؤوس السود، بحسن امساكه المنصب، وهبط المالكي رؤوس من راهنوا على الفئة المستضعفة، بل دمر البلد وفئته التي يمثلها.
إذ قال لي صديق منصف: "عاد خل يفيدكم الكم" فهو لا نفع فيه، لأحد، إنما :"أنا وجماعتي ومن بعدنا الطوفان" وفعلا العراق يمر بطوفان، جراء الاهمال الحكومي المتعمد، الذي نحت في جذور البنية العراقية واساساتها، عاث خرابا بالدستور، متجاوزا صلاحيات رئيس الوزراء، قفزا على صلاحيات سلطات مجاورة له، وابسطها اضافة دورة انتخابية ثالثة، لرئيس الوزراء، من دون مسوغ ضروري عام، ومن دون الرجوع الى القنوات النظامية، المتبعة في تمرير اي قانون جديد.
قطع علاقات العراق الدولية، ولم يبق من محيطنا الاقليمي من يحن علينا، كما لو ان الوجود من حولنا غابة وحوش او صحراء ضوارٍ؛ بما استفزهم به من تصرفات، آلت الى ما نحن عليه من تصحر انساني محيق.
جوهر المشكلة، يتكامل مع اعراضها المظهرية؛ فالعراق يدار من قبل افراد، غير معنيين به، كما هو عهده، منذ عهود ودول مضت، حتى بات يعاني من شحة محروقات، برغم انتصابه فوق اعمق نقطة في بركة النفط العالمي، اي ان ادارة ثرواته تتلكأ متعثرة بخصيتيها، اللتين أكلهما الفساد وتخبطات الرؤساء، بدءاً من... (منطقة محظورة) تعاقبوا على حل مشاكلهم بسوق العراقيين للحروب، قسرا، يدافعون عن مكوثهم على الكراسي، تحت عنوان "جمجمة العرب".
وها هو المالكي، يهمش فئاتٍ ويقصي أحزابَ ويحل قوىً ويقرب أخرى، تخبطا، يضعف العراق عموما، ويقوي المالكي شخصيا.
ما يطرح سؤالا تلقائيا، عما قدمته الحكومة للعراقيين على مدى عشر سنوات من سقوط الطاغية، وماذا افاد العراقيون من الديمقراطية، غير شتم رئيسي الجمهورية والوزراء، من دون عقاب، بعد ان كانت لصدام قدسية فائقة ،... ، الشتيمة هي الفرق بين ديكتاتورية ما قبل 9 نيسان 2003 وديمقراطية ما بعدها، انما الخوف والحرمان والعذاب، ذاتهما يتكرران، بل "ما مر عام والعراق ليس فيه جوع".
باراك اوباما هدية التاريخ الملتبس، في العلاقة بين سوق الافارقة عبيدا، الى امريكا عام 1750 حسب "جذور" هللي، ومن المؤكد عمليات صيد العبيد، كان الامريكان يشنونها على افريقيا قبل هذا التاريخ الذي وثقته الرواية، والمالكي هدية حزب الدعوة وطويريج للعراقيين، انهما براء من اخفاقاته الصميمية ومنافعه العرضية؛ لأنه يسيء لتاريخ حزب الدعوة المشرف ولمدينة طويريج الطاهرة.