إقترن إسم رئيس الجمعيات الفلاحية في محافظة المثنى في سبعينيات القرن الماضي بالعديد من المفارقات والطرائف، تداولها في جلسات السمر الخاصة زملاؤه الفلاحون واصحابه البعثيون، من مرتدي بدلات السفاري أصحاب الشوارب الكثة، أكثر مما كان يتداولها الآخرون من ابناء مدينة السماوة واطرافها الطيبين، وهم يسخرون من "الحزب القائد" ورفاقه آنذاك.
ومما يحكى عن الرجل انه دعا ذات صباح الى اجتماع طارئ لاتحاد الجمعيات الفلاحية في المحافظة، وحين حضر زملاؤه تصدر الجلسة وراح يوضح اسباب الدعوة الطارئة: آنه دِعيتكم للاجتماع كودن وآنه جاي من "الزريجية" الصُبِح شميت ريحة خِذيف ورِجيف، من حِيثْ شِفتْ سيارات "الحزب" رايحة رادة لـ "آل ﭼروخي"، أَظِنَنْ الحزب ببغداد يا داعِـﭺ يا مَدْعوﭺ..!
ويدور الزمان دورته الثقيلة ويواصل حزب "ريّس الجمعية" حروبه الداخلية والخارجية، داعجا مرة ومدعوجا مرات، وفي الحالين كان العراق يدفع الثمن باهضا من ارواح بنيه وثرواته، ومن فرص تنميته واستقلاله وسيادته على اراضيه.
وتدور فلول الحزب المنحل واشلاؤه اليوم على نفسها، وتلتف على الشعارات والادعاءات المخادعة التي جلدتنا بها طيلة سنوات حكمها الاسود، وبدلا من ان يَدعج الحزب او يَندعج في بغداد، كما تخوف ريس الاتحاد حينها، ها هو يَدعج مع عصابات داعش الاجرامية مدن الموصل وتكريت وتلعفر وسنجار ومدن غيرها في عدد من المحافظات الاخرى، ويشيع " الخِذيف والرِجيف" فيها، ذارّاً رماد الفجيعة في كل بيت، وناشرا الموت والخراب في كل شارع ومنعطف، ولم يوفر تحالف "الداعجين" كنيسة او جامعا او معبدا او مرقد نبي في المناطق التي احتلها الا وفجّره، ولم يسلم من اذاه احد من ابناء هذه المناطق، مسيحين وايزيدين وشيعة وشبك وتركمان، وحتى السنة من الذين لا يبايعون الخليفة "رولكس".
وما دمنا في الموصل دعونا نتوقف قليلا مع محافظها الهارب، الذي لم ينكر حينها وجود عصابات داعش مع من احتلوا المدينة، لكنه طمأننا اكثر من مرة من منفاه الاختياري في ألقوش، أنه ومن يسميهم "الثوار" وضعوا خطوطا حمراء، ولن يسمحوا لداعش بتجاوزها، فاليوم وبعد كل الجرائم التي شهدتها مدن محافظة نينوى، اليس من حقنا ان نسال السيد المحافظ ان كانت خطوطه قد ساحت الوانها، ام اختلطت مع دماء ضحايا الذباحين والقتلة؟ وماذا سيفعل بعد أن تجاوز الدواعش وحلفاؤهم الدواعج الخـ.. "طوط" والتخـ.. "طيط" والمخططين؟ ام ان السيد المحافظ و"ثواره" لا يرون في فرض الجزية، ومصادرة الكنائس والممتلكات، وتفجير المراقد الدينية والمساجد، او في فتاوى ختان النساء، ومنعهن من الدوام في المؤسسات العامة، وفرض النقاب عليهن، وعمليات السبي.. لا يرون في هذا كله تجاوزا لخطوطهم الحمراء؟!
مقالات اخرى للكاتب