يدهشني عندما اجد رؤساء كتل سياسية, واعضاء برلمان, ووزراء ومختصين بالسياسة والقانون يتحدثون عن الثلث المعطل في الدستور, اي ان الكتلة التي تملك ثلث اعضاء البرلمان (110 مقاعد) تستطيع تعطيل اجراءات تشكيل الحكومة او عمل البرلمان في تشريع القوانين او انجاز الصلاحيات المخولة له وفقا للدستور.
تنص المادة رقم 55 من الدستور العراقي على مايلي: "ينتخب مجلس النواب في اول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً بالاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر", اي ان انتخاب رئاسة البرلمان تحتاج الى موافقة نصف اعضاء البرلمان زائد واحد (165 نائبا فقط), لذلك لا دور للثلث المعطل بهذا الامر.
تنص المادة رقم 70 من الدستور العراقي على مايلي"اولاً : ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية باغلبية ثلثي عدد اعضائه. ثانياً : اذا لم يحصل اي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على اعلى الاصوات ويعلن رئيساً من يحصل على اكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني ". اي ان حسب نص الفقرة ثانيا من هذه المادة فان انتخاب رئيس الجمهورية يحتاج الى نصف زائد واحد من النواب الذي حضروا الجلسة, لذلك لا دور للثلث المعطل بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية او نوابه.
تنص الفقرة رابعا من المادة 76 من الدستور العراقي على مايلي" يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري، بالاغلبية المطلقة".
لذلك فان اختيار الرئاسات الثلاثة والوزارة بحاجة الى موافقة 165 نائبا (اي النصف زائد واحد) ولادور للثلث المعطل هنا.
اما بخصوص عمل البرلمان فأن المادة رقم 59 تنص على مايلي" اولاً : يتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب بحضور الاغلبية المطلقة لعدد اعضائه. ثانيا: تتخذ القرارات في جلسات مجلس النواب بالاغلبية البسيطة، بعد تحقق النصاب ما لم ينـص على خلاف ذلك" .
لذلك فان تشريع القوانين واتخاذ القرارات يتطلب اولا اكتمال النصاب القانوني (اي حضور 165 نائبا) ثم بعد ذلك موافقة الاغلبية البسيطة من عدد الحضور, اي لو حضر 170 نائبا, فان البرلمان يستطيع تشريع قانون ما او اتخاذ قرار ما في حالة موافقة نصف عدد الحضور زائد واحد (اي 85 نائبا فقط).
طبعا هناك قرارات معينة تحتاج الاغلبية المطلقة (اي موافقة 165 نائبا) وهذه القرارات معرفة بنصوص المادة 61 من الدستور العراقي وكما يلي:
الفقرة خامساً من المادة 61 : الموافقة على تعيين كل من :
أ ـ رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي بالاغلبية المطلقة، بناءً على اقتراح من مجلس القضاء الاعلى .
الفقرة سادساً :أ ـ مساءلة رئيس الجمهورية بناءً على طلبٍ مسبب بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب .
ب ـ اعفاء رئيس الجمهورية بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء مجلس النواب،
الفقرة ثامناً :
أ ـ لمجلس النواب سحب الثقة من احد الوزراء بالاغلبية المطلقة.
3 ـ يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه.
هـ ـ لمجلس النواب حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقا للاجراءات المتعلقة بالوزراء وله اعفاؤهم بالاغلبية المطلقة .
لذلك اي تكتل برلماني يكون بحوزته 165 نائبا, يستطيع تشكيل هيئات الرئاسة الثلاث وتشكيل الوزارة وتشريع ما طاب له وما شاء له من قوانين وتشريعات واتخاذ قرارات بدون ان تسطيع باقي الكتل تعطيله او منعه عن ذلك حتى اذا كانت اصواتها مجتمعة تصل الى 163 صوتا وليس الثلث.
طبعا الثلث المعطل يكون له دور في تعطيل عمل البرلمان في حالة اخذنا بنظر معدل حضور النواب لجلسات البرلمان خلال الثماني سنوات الماضية والذي كان بمعدل 200 نائبا, بهذه الحالة اي كتلة او كتلتين مجتمعتين بحوزتهما 36 نائبا ملتزمين بالحضور تستطيعان تعطيل عمل البرلمان.
في الختام, النص القانوني الوحيد في الدستور العراقي الذي يحتاج الى اغلبية الثلثين هي اعلان الحرب وحالة الطوارئ (اي الفقرة الثامنة من المادة رقم 61).
مقالات اخرى للكاتب