Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
المرض والسلطة: قرارات تاريخية مهمة اتخذها رؤساء مرضى أي علاقة بين السياسة والطب والسياسيين والأطباء؟ (الحلقة 1)
الخميس, كانون الثاني 15, 2015
محمد امين

 

تأليف: د. ديفيد أوين

ترجمة واعداد: محمد حسن ومحمد امين

يقدم كتاب «المرض والسلطة» لمؤلفه وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد ديفيد أوين دراسة للمرض وأثره في رؤساء الدول. وينظر في كيفية تأثير المرض والعلاج البدني والنفسي٬ في عملية إدارة الحكم وفي اتخاذ

القرارات التي قد تقود إلى التصرفات الحمقاء أو الغبية أو الطائشة.

ويهتم الكاتب بصفة خاصة بالزعماء الذين لا يعانون من المرض بالمعنى العادي٬ ومن تعمل وظائفهم الإدراكية بصورة جيدة٬

ولكنهم أصيبوا بما يطلق عليه «متلازمة الغطرسة»٬ التي أثرت في أدائهم وتصرفاتهم. ومثل هؤلاء الزعماء يعانون من فقدان القدرة

والوثوق المفرط في النفس٬ وازدراء النصيحة والمشورة التي تتعارض وما يعتقدونه٬ بل وحتى رفض أي نصيحة مهما كانت.

ولقد ظل الدكتور ديفيد اوين ومنذ فترة طويلة يهتم بالعلاقة المتبادلة بين السياسة والطب٬ وهو يستخدم في الكتاب معرفته الواسعة في

المجالين للنظر في المرض ضمن حالات مختلفة في حياة السياسيين٬ وما إذا كان من الممكن حماية المجتمعات من مرض زعمائها!

لقد فتنتني العلاقة بين السياسيين والاطباء وبين السياسة والطب٬ طوال حياتي. وما من شك في ان خلفيتي كطبيب وكسياسي غّذت

اهتمامي٬ واثرت في وجهة نظري. لقد كنت مهتماً٬ بشكل خاص٬ في تأثير مرض رؤساء الدول على مسار التاريخ. فمثل هذه

الامراض٬ اثارت الكثير من المسائل المهمة مثل تأثيرها في عملية اتخاذ القرار والخطر الناجم عن التكتم على مرض الزعيم

وصعوبة ازاحة المسؤولين المرضى عن السلطة في كل من الانظمة الديموقراطية والدكتاتورية٬ والمسؤوليات المترتبة على الاطباء

المعالجين للزعماء المرضى. فهل يكون ولاؤهم مقتصراً على المريض فحسب٬ كما هي الحال في المعتاد؟ أم ان عليهم الالتزام بأخذ

الصحة السياسية لبلدانهم بعين الاعتبار؟

وعلى مدى أجيال٬ مارس افراد من عائلتي الطب٬ أو عملوا في مهن لها صلة به٬ وكثيرون منهم ايضاً٬ مارسوا العمل السياسي على

مستوى محلي بشكل اساسي٬ وبعضهم انخرط في الطب والسياسة معاً.

 

الطب والسياسة

وربما يكون هذا هو السبب الذي جعلني ارى من الطبيعي ان يلعب

الطب والسياسة دور الشريك الطبيعي في الحياة العامة. وعلى الرغم

من طغيان السياسة على الطب لدي احياناً٬ فإن حبي للسياسة لم يفتر

ابداً. وحين شغلت منصب وزير الخارجية٬ كنت اصف نفسي في

الوثائق الرسمية بـ«الممارس الطبي» وكأني لا اجد في وظيفتي

السياسية الا كونها مؤقتة٬ بل انني لم آخذ السياسة ابداً كمهنة٬ وكنت

اخوض الانتخابات تلو الانتخابات. وفي كل مرة لم اكن واثقاً انني

سوف اترشح في الانتخابات التالية٬ ولكنني في النهاية٬ مكثت عضوا

في مجلس العموم لمدة 26 عاماً٬ وكانت الاطول من بين كل زملائي

النواب.

البداية

وقد بدأت حياتي كمزيج من الطب والسياسة٬ حين ترشحت لاول مرة

للانتخابات البرلمانية عام 1962 وانا طبيب مبتدئ في مستشفى سانت

توماس على نهر التايمز مقابل قصر ويسمنستر في لندن. وكان الطب

­ بشكل أو بآخر ­ هو الذي ادخلني عالم السياسة. ففي عام ٬1959 وحين كنت طالباً في كلية الطب٬ انخرطت في حزب العمال

بسبب الفقر ونقص المساكن في جنوب لندن٬ وهي المنطقة التي يخدمها مستشفى سانت توماس. وبعد تخرجي عام ٬1962 طلب مني

الحزب خوض الانتخابات في منطقة ريفية كبرى٬ ومازلت اشعر بالحيرة حتى الآن٬ بقبول فكرة الترشح٬ ولكني اعتقد ان السبب هو

للحيلولة دون ان اصبح منهمكاً في الطب وحده٬ حيث رأيت عدداً من زملائي الذين تخرجوا واصبحوا لا يعرفون شيئاً عن الحياة

العامة سوى الطب. لقد توقفوا عن قراءة الصحف او الاستماع الى الاذاعة او مشاهدة التلفزيون.

وحين حان موعد المعركة الانتخابية عام ٬1964 اخذت اجازة خاصة من دون مرتب لمدة ثلاثة اسابيع ولكني لم احقق الفوز.

وحين عدت الى المستشفى ركزت على الطب وتراجع اهتمامي بالسياسة. ثم طلب مني الترشح في انتخابات عام ٬65 وكنت ادرك

ان ذلك ينطوي على احتمال الاتجاه نحو العمل السياسي٬ مع اني لم اكن قد اتخذت قرارا نهائيا في هذا الشأن٬ ولكني فوجئت بالفوز

في عضوية البرلمان في عام 1966.

في البرلمان.. والمستشفى

وخلال العامين التاليين٬ بقيت اعمل في المستشفى اضافة الى عملي البرلماني. ولم يعد الوضع كذلك بعد تعييني وزيرا للبحرية عام

1968 بسبب تقليد مضى عليه وقت طويل لا يسمح للوزراء بالعمل لدى اية جهة أخرى. وفي عام ٬1970 وبعد ان خسر حزب

العمال الانتخابات بقيت عضوا في البرلمان وعاودت عملي الطبي٬ ثم عينت وزيرا للصحة عام 1974 ولم يحدث لأي عمل قمت به

او منصب شغلته ان حقق لي هذا القدر من الرضا الذاتي بما في ذلك شغلي حقيبة الخارجية من 77 ـ ٬1979 وزعيما للحزب

الديموقراطي الاجتماعي من 83 ـ 1987 ومن 88 ـ 1990 والرئاسة المشتركة للمؤتمر الدولي حول يوغو سلافيا السابقة من 92 ـ

.1995

العلاقة السرية

لقد مارست الطب لست سنوات عموما وتعلمت الكثير من هذه التجربة الجميلة٬ لقد عملت مع مجموعة من الاطباء في شتى

الاختصاصات ممن عالجوا سياسيين بارزين وشهدت بنفسي الضغوط والاجهاد للحياة السياسية في اطار العلاقة السرية بين السياسي

والطبيب.

لقد شاركت في علاج سياسي رفيع ادمن الكحول وآخر عانى من الاكتئاب الشديد٬ وقد رأيت بنفسي الضغوط التي عاشوا تحت

تأثيرها حتى بدأوا يتساءلون عن مدى تأثير الاجهاد على الاصابة بالمرض. وعالجت مرضى آخرين كانوا يعانون من الادمان على

المخدرات.

وفي تلك السنوات من عملي في الطب٬ بدأ يتنامى اهتمامي بمعرفة كيفية اتخاذ القرار في اعلى مستويات الحكومة. فقد تابعت تطور

ازمة الصواريخ الكوبية عام 1962 ثم حرب فيتنام٬ ثم الفت عام 72 بعد عملي في وزارة الدفاع٬ كتابا حول عملية اتخاذ القرار

وتعقيداتها والاخطار المترتبة عليها.

فالكل يعرف القول المأثور للورد أكتوز بأن «السلطة تفسد والسلطة المطلقة فساد كلي»٬ وقول المؤرخة باربارة توشمان بأن القوة

تولد الحماقة.

متلازمة الغطرسة

ومدى تأثير المرض على عملية اتخاذ القرار الحكومي هي مسألة واجهتها في كثير من المناسبات حين اصبحت وزيرا للخارجية٬

وحظيت المسألة باهتمامي منذ لك الحين. لقد كنت مفتونا بأولئك الزعماء الذين لم يكونوا مرضى وكانت حواسهم الادراكية تعمل

بشكل جيد لكنهم طوروا ما اصبحت اصفه بـ«متلازمة الغطرسة»٬ فالتصرفات الي تنم عن غطرسة شائعة لدى رؤساء الدول

الديموقراطية وغير الديموقراطية اكثر مما يعرف الكثيرون. وقد طورت المجتمعات الديموقراطية٬ لاسيما تلك التي كانت تخضع

لانظمة سلطوية٬ نظاما للرقابة في محاولة لحماية انفسهم من مثل هؤلاء القادة٬ ولكن آليات تحقيق ذلك ـ كالبرلمان والحكومة

والاعلام ـ ليست فاعلة دائما.

أما تحت الأنظمة الدكتاتورية حيث لا رقابة ديموقراطية ولا آليات داخلية للرقابة والضبط٬ باستثناء الانقلاب العسكري لاطاحة مثل

هذه الأنظمة٬ ففي الغالب يتعذر عمل الشيء الكثير٬ فقد ثبت أن التنديد والعقوبات الدولية ليست ذات فاعلية كبيرة٬ كما أن التدخل

العسكري الأجنبي هناك الكثير من علامات الاستفهام على امكانية نجاحه.

فساد السلطة

لقد كنت محظوظا للعمل في حكومة رئيس الوزراء هارولد ويلسون ورئيس الوزراء جيمس كالاهان اللذين لم تفسدهما السلطة٬ وفشل

الأول في انتخابات ٬1970 والثاني في انتخابات 1979. لقد كانت تجربة قاسية. لكن السياسي في النظام الديموقراطي هو خادم

الشعب الذي يمنحه السلطة ويسحبها منه وقتما يشاء.

خلال فترة ولايته الأولى من 64 ــ ٬1970 كان ويلسون يتمتع بسلطة ممتازة على الرغم من أنه عانى بعض المتاعب الصحية في

بداية السبعينات وهو في صفوف المعارضة. وبعد عودته إلى السلطة عام ٬74 كان يعاني مشاكل في الذاكرة وتفاقمت مشكلاته

الصحية مع المشاكل السياسية والاقتصادية التي واجهته. ففاجأ الجميع بالتنحي عام 79. وبعد سنوات قليلة أصيب بمرض الزهايمر

مع تدهور شديد في نشاط دماغه.

وخلفه في الحكم جيمس كالاهان على الرغم من أنه كان يكبره بعدة سنوات. وكان كالاهان قد خضع لعملية استئصال البروستاتا عام

1972 ثم شفي منها تماما واصبح وزيرا للخارجية عام 1974. وظل يتمتع بصحة جيدة أثناء توليه رئاسة الحكومة ثم خسر

الانتخابات أمام مارغريت تاتشر عام ٬1979 لكنه خرج من «واننغ ستريت» بشرف وكرامة.

وتسنى لي كذلك٬ أن أتعايش عن قرب مع أربعة رؤساء وزارات بريطانيين آخرين هم!! إدوارد هيث ومارغريت تاتشر وجون

ميجور وطوني بلير. لقد حاولت تفحص حالات مرض رؤساء حكومات من مختلف أنحاء العالم لمحاولة إيجاد صلة بين الحالة

الصحية لهؤلاء الزعماء والحوادث السياسية التي ارتبطت بهم٬ حتى يتمكن القراء من الحكم بأنفسهم على الترابط بين العنصرين.

العضوي والعقلي

وتتم مناقشة مرض القادة السياسيين في العلن حين يكون عضويا٬ لكن الأمر يختلف حين يكون المرض عقليا. لأن أوصاف الأمراض

العقلية كالجنون والهلوسة والغطرسة وجنون العظمة٬ كلها مرتبطة بطغاة من أمثال أدولف هتلر وعيدي أمين وماوتسي تونغ

وسلوبودان ميلوسوفيتش وروبرت موغابي وصدام حسين. من جهة وزعماء ديموقراطيين مختلفين مثل ثيودور روزفلت وليندون

جونسون وريتشارد نيكسون ومارغريت تاتشر وطوني بلير وجورج بوش من ناحية أخرى. فالصحافة والرأي العام يستخدمان لغة

هجرها الطب أو عدلها أو حظر استخدامها.

فأمراض مثل الاكتئاب والأمراض العقلية تصيب الكثير من الزعماء ولا تنقض أهليتهم لممارسة الحكم٬ فمن المعروف ان حالة

ابراهام لينكولن تعتبر من اشهر حالات الاكتئاب التي لم تؤثر في مقدرته على الحكم, وهناك القليل من الزعماء في العالم الذين

أصيبوا بالاكتتاب لفترة طويلة مثل لينكولن٬ ومع ذلك رفض الأخير التنحي عن الحكم. ففي سنوات شبابه عانى طويلا من تقلبات

مزاجه التي كانت تميل نحو الادنى٬ بل انه كتب مقالة ذات يوم اعترف فيها انه فكر في الانتحار٬ حتى قال انه يشعر بالسعادة بصحبة

الاخرين٬ ولكنه حين يكون وحيداً يشعر بالاكتئاب لدرجة انه يخشى حمل سكين صغيرة.

ويعتبر لنكولن واحداً من اعظم الرؤساء الاميركيين٬ ويبدو ان قدرته على التغلب او التأقلم مع الاكتئاب اسهم كثيرا في تشكيل

شخصية الرئيس لينكولن٬ فقد وجد احد مؤلفي الكتب حول لينكولن انه لم يكن مصابا بالجنون٬ لكنه يعتقد انه من الممكن ان يكون

مصابا باحد انواع المس المعتدل. وقيل ان كلا من تيودور روزفلت ونيكيتا خروتشوف كان مصابا به.

يرفضون التشخيص

وكلما حدث ان شّخص الاطباء اصابة احد الزعماء بمرض عقلي٬ يرفض الجمهور تصديق هذا التشخيص لا سيما اذا كان يتعلق

بزعماء اصبحوا ابطالاً قوميين. وزعم ثلاثة اطباء في وثيقة نشرت مؤخراً ان الرئيسين تيودور روزفلت وليندون جونسون كانا

يعانيان من تقلب المزاج بين الحالة القصوى من الفرح والاكتئاب الشديد اثناء فترة رئاستهما٬ والمثير في الامر ان الرأي العام يبدو

مستعدا لقبول ان يكون بطله القومي يعاني من الاكتئاب٬ لكنهم اقل ميلا لاعتبار ذلك مرضا عقليا. لقد قيل على سبيل المثال ان

وينستون تشرتشل كان مصابا بهذه الحالة ايضا٬ ولا احد ينكر انه كان يصاب بنوبات عميقة من الاكتئاب كان هو نفسه يطلق عليها

مزاج «الكلب الاسود» لكن هناك رفض للاقرار بكون الغطرسة حالة مرضية.

لقد فتن الكثير من كتاب المسرح بموضوع غطرسة الحكام٬ لانه يوفر لهم الفرصة لسبر اغوار الشخصية الانسانية من خلال الدراما

المتوترة. وكان شكسبير ابرز من ابدع في هذا المجال.

وربما يتوقع الناس او يريدون من زعمائهم ان يكونوا مختلفين عن المألوف٬ وان يتمتعوا بطاقة غير عادية والعمل لساعات اطول٬

وان يتمتعوا بدرجة عالية من الثقة بالنفس٬ اي باختصار التصرف بطريقة يعتبرها مهنيو الطب٬ ضربا من الجنون. وهكذا فطالما

يحاول القادة انجاز ما يريد الجمهور انجازه٬ فان هذا الجمهور لن يقبل ان يوصف قادته بالجنون او الاضطراب العقلي٬ ولكن حتى

يفقد هؤلاء الزعماء تأييد الرأي العام٬ يصبح الامر مختلفا تماماً فيصبح الرأي العام مستعدا لاستخدام كلمات كانوا يستنكرون استخدام

رجال الطب لها.

الجمهور والطب والزعيم

ولم يعد الطب يتحدث عن «جنون العظمة» كمرض٬ ومع ذلك يبدو لي انه لامر مشروع ان يستخدم الجمهور هذه الكلمة. لقد اتهمت

انا نفسي٬ من احد الصحافيين بأنني مصاب بشكل من اشكال جنون العظمة لانني رفضت اندماج حزبي الديموقراطي الاجتماعي مع

حزب العمال عام 1987 لانه كان يعتقد انني ارتكب بذلك حماقة ناتجة عن اضطراب عقلي اصابني في وقت ما٬ ولكن اذا كان

الطب توقف عن استخدام مصطلحات مثل «جنون العظمة» فهذا لا يعني حظر استخدامها على الجمهور٬ فقد يكون جنون العظمة

خطيرا بالنسبة للسياسيين٬ لاسيما اذا مورس على نحو متغطرس٬ وقد يكون موضوعا جيدا للدراسة ضمن مهنة الطب٬ فالغطرسة لم

تعد مصطلحا طبيا.

فقدان الأهلية

وبالنسبة لي٬ فان ما يعنيني لدى مراقبة الزعماء السياسيين هو الغطرسة باعتبارها شكلا من اشكال فقدان الأهلية٬ وهذه حالة مألوفة

جدا في عمل القادة السياسيين الذين يجعلهم نجاحهم يشعرون بثقة مفرطة ويزدرون نصائح الآخرين التي تتعارض مع ما يؤمنون به٬

بل واحيانا يقللون من شأن أي نصيحة مهما كانت٬ او اولئك الذين يتصرفون بطريقة تتجافى مع الحقيقة ذاتها.

لقد اردت استكشاف ما اذا كان السلوك المتغطرس من هذا النوع من القادة السياسيين يمكن ربطه بانماط معينة من الشخصية التي

تجعله ميالا للتصرف على نحو متغطرس٬ وما اذا كان هذا النوع من الشخصية يخلق ميلا لدى هؤلاء السياسيين للتصرف بالشكل

الذي يتصرفون به٬ والأكثر اثارة للاهتمام هو ما اذا كان بالامكان ان يبدأ بعض القادة السياسيين الذين ليس لديهم مثل هذا النوع من

الشخصية٬ بالتصرف بشكل متغطرس ­ ببساطة ­ لانهم اصبحوا في سدة الحكم. بمعنى آخر٬ هل يمكن لتجربة السلطة بحد ذاتها ان

تحدث تغيرات في الحالة الذهنية للحاكم تدفعه للسلوك المتعجرف؟

اعتقد انه سيكون من المفيد ان نطلق على ذلك٬ متلازمة الغطرسة٬ التي تؤثر في سلوك من هم في سدة الحكم.

متى يكون الزعيم متغطرسا؟

وعادة ما تزداد قوة الاعراض السلوكية التي قد تثير تشخيص متلازمة الغطرسة بازدياد طول فترة بقاء الحاكم في السلطة٬ وفي

اعتقادي٬ اننا حتى نحكم على هذا الحاكم او ذلك انه مصاب بمتلازمة الغطرسة٬ فينبغي ان تظهر عليه 4 ­ 3 اعراض من قائمة

الاعراض التالية:

* الميل لرؤية العالم كساحة يمكنهم ممارسة السلطة فيه والسعي نحو المجد وليس مكانا يعج بالمشكلات التي تحتاج الى حل بطريقة

براغماتية وبعيدة عن الانانية.

* الميل الفطري لاتخاذ خطوات تجّمل صورته.

* الاهتمام المفرط بصورته وطريقة عرض نفسه على الجمهور.

* الطريقة التبشيرية في الحديث عما يفعله والميل نحو تمجيد الذات.

* الصاق النفس بالدولة لدرجة اعتبار الامرين متطابقين (انا الدولة والدولة انا).

* الرغبة في الحديث عن النفس بلفظ الجمع (نحن).

* الثقة المفرطة بالنفس وبالقدرة على الحكم على الاشياء وازدراء نصائح وانتقادات الآخرين.

< المبالغة في الشعور بالقدرة على الانجاز الشخصي.

< الايمان بانه ليس محاسباً امام القوانين او الرأي العام٬ بل امام الله والتاريخ.

< ايمان لا يتزعزع بأن حكم الله والتاريخ سينصفه.

< عزم لا يلين وتهّور ودافع قوي.

< انقطاع صلته تماما بالواقع٬ الذي يكون مترافقا في العادة بالعزلة المتزايدة عن العالم.

< الميل لجعل رؤاهم العامة او قناعاتهم ولا سيما المتعلق منها بالاستقامة الاخلاقية او اساليب العمل٬ تلغي البحث عن الجوانب

الاخرى لها كالخصوصية والكلفة وامكانية حدوث نتائج غير مرغوب فيها٬ والرفض المطلق لتغيير مثل هذه القناعات.

< الاتصاف بما يشبه العجز في تنفيذ السياسات٬ وهو ما يمكن ان يطلق عليه «العجرفة العاجزة» اي اتجاه الامور نحو الخطأ بسبب

الثقة الزائدة للقائد بنفسه تحديداً٬ واحجامه عن مناقشة ايجابيات وسلبيات هذه السياسات.

مرض سلطة

وتبدأ معظم المتلازمات٬ متلازمات الشخصية٬ بالظهور عند الناس في العادة في الثامنة عشرة وتمكث معهم حتى نهاية العمر٬

وتختلف متلازمة الغطرسة بأنه ينبغي عدم النظر اليها باعتبارها متلازمة شخصية٬ بل قد تظهر على اي زعيم لكن شريطة اي يكون

في الحكم٬ وتحديدا حين يعزز هذا الزعيم سلطاته لبعض الوقت٬ وتخبو هذه المتلازمة حين يفقد هذا الزعيم السلطة٬ وبهذا المعنى٬

فهي مرض مرتبط بالسلطة اكثر من ارتباطها بالشخص٬ ومن الواضح ان ظروف تسلم السلطة تؤثر كثيرا في احتمال استسلام القائد

لها.

اما العوامل الخارجية المؤثرة فهي النجاح الساحق في الوصول الى السلطة والاحتفاظ بها٬ وتحرر القائد من القيود السياسية بما يسمح

له بممارسة السلطة الشخصية كما يريد٬ وطول فترة البقاء في السلطة.

والمجتمع الطبي ليس على استعداد لاضفاء طابع طبي على السلوك المتغطرس الذي يتحدث عنه العامة على انه شكل من اشكال

الجنون والخبل٬ ولكن لان هذا المجتمع (الطبي) شديد الانضباط (وهو محق في ذلك) في استخدام اللغة٬ فان ذلك لا يعني ان هذه

التساؤلات ينبغي ان تطرح من قبل الفلاسفة والمحامين٬ اضافة الى الاطباء٬ ولا ازعم انني قد عثرت في هذا الكتاب على اجابة

قاطعة لكل هذه التساؤلات.

ولكن الكتاب في الفصلين الاول والثاني يبحث مرض رؤساء الدول في القرن العشرين٬ ولا سيما خلال الفترة من 1901 وحتى عام

٬2007 ثم هناك خمسة فصول اخرى تتعرض لاحداث تاريخية بعينها٬ فالفصل الثالث يتحدث عن مرض رئيس الوزراء البريطاني

ابان ازمة السويس عام 1956 انطوني ايدن٬ والفصل الرابع يبحث في تصرف الرئيس جون كنيدي عام 1961 اثناء ازمة خليج

الخنازير وازمة الصواريخ الكوبية عندما عقد لقاء قمة بينه وبين الزعيم السوفيتي نيكينا خروتشوف٬ وارتباط ذلك بصحته والتغيرات

في المعاملة التي حدثت بين الحالتين٬ والفصل الخامس يعنى بمرض شاه ايران اثناء السنوات الخمس الاخيرة من حكمه٬ والفصل

السادس يبحث في مرض الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران الذي كان مصابا بسرطان البروستاتا طوال فترة سنوات حكمه

تقريبا٬ ولم يكن الرأي العام على علم بذلك طوال احد عشر عاما٬ وفي الفصل السابع؟ تجري مناقشة السلوك المتغطرس لكل من

الرئيس جورج بوش وطوني بلير٬ وفي الفصل الثامن٬ طرحت بعض الافكار لحماية المجتمعات من الآثار التي قد تكون مدمرة

لمرض بعض زعماء الدول.

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.49946
Total : 101