أعلمُ أن بعضكم سيقول وماذا يعني ناطحة سحاب بـ(57) طابقا فهناك ناطحات سحاب بأكثر من 100 طابق، فما الذي يميز ناطحة السحاب هذه لتجعل منها عنوانا لموضوعك؟
أقول.. سؤالكم وجيه، لكن ستعرفون الجواب في نهاية الموضوع، إذ إني رغبت بكتابة هذا الموضوع لأحث الهيئة الوطنية للاستثمار ووزارة الإعمار والإسكان لعلها تستفيد من تجربة مقاول صيني وتنهي لنا أزمة السكن
مهلاً.. أعلم أن بعضكم سيقول، وعن أزمة السكن تكتب مرة أخرى؟ لقد مللنا الأحاديث ووعود المسؤولين التي لم تنه ولو 10% من أزمة السكن، فما الذي تريد قوله اليوم لتنهي أزمة السكن؟
ولهؤلاء أقول.. أعترف بأني لا أملك عصا سحرية لأنهي أزمة السكن، كما أعترف بأني كتبت كثيرا عن أزمة السكن، لكني اليوم جئتكم بحل سينهي أزمة السكن بشهور قليلة وليس بخمسين سنة كما أخبرني بذلك أحد المسؤولين عن أزمة السكن في لقاء قديم معه.
ربما لا أقدم شيئا جديدا إذا ما أخبرتكم بأن العراق يحتاج إلى نحو ثلاثة ملايين وحدة سكنية، وهذه الوحدات السكنية تحتاج الى اموال طائلة ليس بمقدور العراق توفيرها حاليا، وحتى لو فرضنا انه تم توفير السيولة النقدية حينها ستبرز أمامنا مشكلة أخرى وهي المدة الطويلة التي سيتم خلالها بناء هذه الوحدات السكنية.
حسنا.. الجديد الذي أكتبه اليوم هو ما اطلعت عليه من "معجزة" حققها أحد المقاولين الصينيين، إذ كما هو معروف إن نفوس الصين تبلغ نحو مليار و200 مليون نسمة وهذا الرقم الكبير يحتاج الى وحدات سكنية كبيرة لأجل توفير السكن الملائم لهم.
لأجل ذلك، وبما أن الصينيين لا يتوقفون عن الابتكارات التي شملت كل مجالات نواحي الحياة، لذا فقد حقق أحد المقاولين الصينيين هذه "المعجزة" في بناء الوحدات السكنية من خلال تطوير أساليب وتقنيات البناء الحديثة.
ربما سيتهمني البعض بأني أطلت في مقدمة موضوعي ولم أخبركم إلى الآن عن "معجزة" المقاول الصيني، وسيتهمني البعض الآخر بأني استخدمت كلمة "معجزة" في وقت نحن بعيدون جدا عن "المعجزات" في زمننا هذا.
أقول لا عليكم، ستتفقون معي حينما أخبركم بما فعله هذا المقاول الصيني الذي تمكن من تشييد ناطحة سحاب مكونة من 57 طابقا...!! نعم ستقولون وماذا يعني تشييد ناطحة سحاب مكونة من 57 طابقا، فبرج خليفة مثلا يتكون من 163 طابقا وأبراج البيت في السعودية تتكون من 120 طابقا وهناك أيضا المركز التجاري الدولي في شنغهاي المكون من 118 طابقا، أقول كل ذلك نعرفه لكن هل سألتم مثلا كم من الوقت استغرق بناء برج خليفة؟
المعلومات تخبرنا بأنه تم بدء العمل في برج خليفة في 21 ايلول من العام 2004، وفي الأول من تشرين الأول من العام 2009 تم الانتهاء من الهيكلة الخارجية له، وفي الرابع من كانون الثاني من العام 2010  تم افتتاحه ليكون أعلى برج في العالم، ومن هنا نعلم انه تم انجاز برج خليفة بمدة ست سنوات تقريبا. وبما ان ناطحة سحاب المقاول الصيني تتكون من (57) طابقا فهذا يعني انه سيحتاج الى ثلاث سنوات لإنجاز ناطحة سحابه!
وقبل أن يصيب بعضكم الملل من إطالة موضوعي اقول ان "معجزة" المقاول الصيني هو انه انجز بناء ناطحة سحابه بمدة لا تتجاوز 19 يوما، نعم أكرر 19 يوما لا غير، فكيف ذلك؟
كيف...؟ كما قلنا ان المقاول الصيني استخدم اساليب متطورة جدا في تشييد عمارته لأجل انجازها بهذه السرعة الخيالية وبالتالي توفير السكن للصينيين الذين ما برحوا يطلبون المزيد من الوحدات السكنية نتيجة زيادة عدد نفوسهم حتى ان السلطات الصينية فرضت عقوبات صارمة للعائلة التي تنجب اكثر من مولود واحد.
المهم إن المقاول الصيني استخدم طريقة بناء تسمى "اكسترا"  وهي تقنية بناء تستخدم أجزاء كاملة من البناء الجاهز، حيث يتم تركيبها في موقع البناء.
ويذكر ان البناية هذه التي تحمل اسم "Mini Sky city"، أقيمت في مدينة تشانغشا الصينية على مساحة 180 ألف متر مربع، وارتفعت حتى 57 طابقاً، وتشمل 800 شقة سكنية، ووحدات تجارية عملاقة، ومكاتب تشمل نحو 4 آلاف عامل.
وبعد، أليس من الأفضل للهيئة الوطنية للاستثمار أن تتعاقد مع مثل هذا المقاول بدلا من الشركة الكورية التي أخذت على عاتقها تشييد مشروع بسماية والذي هو عبارة عن عقد وليس استثمارا كما تدعي الهيئة الوطنية للاستثمار؟!