Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
ظاهرة العنف وأزمة الثقافات الفرعية
الخميس, كانون الثاني 16, 2014
ثامر عباس


ليس غريبا"القول بان ظاهرة العدوان واستخدام العنف في المجتمعات البشرية قديمة قدم الإنسان ذاته . فهي لصيقة بطبيعة وجوده ، وشاهد على اعتلال بيئته واعتلال علاقاته ، ودليلا"على قصور وعيه وانتكاس أعرافه ، ومؤشرا"على تقهقر معاييره وانحراف قيمه . ولكنه ، وبرغم ذلك ، ما أن يضع أولى خطواته على سلم الحضارة ، ويلج عوالمها المتنوعة ويستبطن فضائلها المتعددة ، حتى يشرع بتشذيب أنماط سلوكه ، وتقويم معايير أخلاقه ، ويهتم بتلطيف حدة طباعه ، ويميل ، من ثم ، إلى الكفّ عن التطرف في ضروب الفكر والامتناع عن العنف في ميادين الواقع . بيد أن الغريب حقا"في هذه المسألة ، هو أن يتحول العنف إلى واقعة مستديمة تتحكم بآفاق مصيره وتقرر مآل خياراته ، الأمر الذي يتطلب البحث عن جذور تلك الظاهرة ، ويتقصى عوامل تكوينها في المجتمعات المأزومة سياسيا"والمخترقة حضاريا"، لا في إطار الأوضاع القائمة والظروف الراهنة ، التي قد توحي بأنها المسؤولة عن اندلاع تلك النزعات وانفلات زمامها وتفاقم ميولها ، وإنما بالتنقيب عن بواعثها الاجتماعية ، والحفر في طبقاتها النفسية ، والكشف عن ملابساتها السياسية . (( فالعنف – كما يؤكد أحد علماء الاجتماع الغربيين (فيليب برنو) – يقوم حيثما تخضع القيم والأهداف التي تخص فردا"أو جماعة ، والتي تنطوي على معنى عام كلي ،لقمع يمارسه حيالها فردا"آخر أو جماعة أخرى )) . ولا ريب فقد اجتهدت العديد من النظريات النفسية والفلسفات الاجتماعية ، في تفسير هذه الظاهرة لجهة حصر أسبابها وتقنين منطلقاتها ، بحيث ذهب البعض منها إلى الزعم بان ارتباط العنف بالإنسان هو من باب ارتباط العلة بالمعلول ، على اعتبار إن السلوك العدواني هو منزع بيولوجي مقرر في طبيعة الكائن الاجتماعي . هذا ما تؤكده ، على سبيل المثال لا الحصر ، نظرية (التحليل النفسي) من خلال تمسكها بالأطروحة القائلة ؛ إن العدوانية ليست أمرا"عارضا"،بل هي من المقومات الانطولوجية للكائن البشري . هذا في حين إن بعضها الآخر يعتقد إن ظاهرة العنف المصاحبة للإنسان والممسكة بتلابيبه ، تشكل قرينة رمزية على تفاقم أزماته الحضارية ، وأحد أوجه محاولاته للتغلب على معاناة استلابه القيمي ، والإفلات من دومات اغترابه الاجتماعي . وقد عبر عن هذا الاتجاه أحد مفكري النظرية السوسيولوجية (تونيز) حين كتب يقول (( طالما إن كل شخص يبحث في المجتمع عن فائدته ، ويجاري الآخرين إلى المدى والوقت الذي يبحثون فيه مثله عن نفس الفوائد ، فان علاقة الكل بالكل ، فوق ووراء الاتفاق يمكن اعتبارها عداوة مقنعة أو حرب مستترة )) . وبصرف النظر عن القيمة العلمية لتلك الطروحات ، ومتانة الأسس المنهجية التي تقوم عليها وتنطلق منها ، في رصد مقومات ظاهرة العنف وتحليل أنماطها ، فأنها ستجانب الصواب وتنأى عن السداد إن هي أهدرت حقيقة الاختلاف النوعي بين المجتمعات ، وتجاهلت واقعة التفاوت الحضاري بين الأمم . الشيء إلي يستلزم التروي في صياغة الأحكام الجازمة ، والحذر من إطلاق التعميمات القطعية ، حيال البحث عن بداهات نشوء تلك الظاهرة وتعيين منطلقات تكوينها ، فضلا"عن استخلاص الكيفيات المسؤولة عن تبلور عناصرها وانبعاث ملامحها ، عبر تشققات كيان المجتمع المعني وتمزقات وحدة نسيجه . صحيح أنها ( = ظاهرة العنف) من حيث المبدأ أضحت تشكل القاسم المشترك لمعظم شعوب العالم ، بمختلف أصولها وتباين أعراقها وتنوع ثقافاتها وتعدد أديانها . إلاّ إن مغزى دوافعها وزخم انفلاتها وشدة وطأتها ، تتفاوت من بلد لآخر ومن مجتمع لآخر ، لا بل إن إيقاعها لا يلبث أن يتغير من فترة لأخرى ضمن البلد الواحد وفي المجتمع نفسه . فتعاطي الإنسان الغربي ، على سبيل المثال ، مع ظاهرة العنف ، إبان فترة وقوعه تحت طائلة المنافسات الاقتصادية الضارية ، وانخراطه في أتون الصراعات السياسية الشرسة ، وانهماكه في دوامة الحروب الدينية القاسية ، لا يشبه في شيء إجراءات تعاطيه لذات الظاهرة في مراحل لاحقة ، بعدما بلغ مستوى الإشباع المادي لحاجاته ، وتخطى عتبة النضوج الفكري لطموحاته . وحقق ، بالإضافة لذلك ، حالة من التوازن السياسي والاستقرار الأمني والتعايش الاجتماعي ، بفعل جملة من الشروط الذاتية والتوافقات الموضوعية ، ليس هنا محل تناولها . بحيث إن بوصلة اهتماماته تحولت صوب البحث عن السبل القمينة بالإبقاء على مستوى رخائه الاقتصادي ، والمحافظة على وتيرة تطوره الاجتماعي ، والثبات على سياق رقيه الحضاري . ولهذا فان أي تغيير يطرأ على تلك الأوضاع ويطال تلك المستويات ، سرعان ما يعتبر بمثابة الصاعق الذي لا يلبث أن يفجر بواعث قلقه ويضاعف وساوس مخاوفه ، ويصعّد بالتالي محفزات تعاطيه للعنف ويسوغ مبررات انخراطه في العدوان . هذا في حين نجد بالمقابل ، إن مظاهر التعصب القومي والتطرف الديني ، التي تجتاح وجود الإنسان في المجتمعات الموصوفة بالتخلف الاجتماعي والممهورة بالطغيان السياسي ، ناهيك عما يتمخض عنها ويترتب عليها من استشراء نوازع العنف ودوافع العدوان ، تتغذى من مصادر أخرى وتمتح من أصول مغايرة ، لا تمت بصلة لتلك التي ألفيناها تحرك كوامن الظاهرة ، وتدير دفة اتجاهاتها في المجتمعات الغربية المتقدمة . إذ إن طبيعة النظم السياسية الحاكمة ، ونمط العلاقات الاجتماعية القائمة ، وشكل البنى الحضارية السائدة ، ومحتوى القواعد الأخلاقية الفاعلة ، وقيمة الرموز العرفية المهيمنة ، لا تفترض فقط حصول الاختلاف في نوع المدخلات القيمية ، المسؤولة عن ضبط العلاقة بين التوافق النفسي والتكامل الاجتماعي ، على صعيد (الذات – الأنا) لكل منهما فحسب ، وإنما تستوجب وقوع التعارض في نمط المخرجات السلوكية الموكول إليها تحقيق التوازن وبلوغ التكافؤ على مستوى النديّة مع (الآخر – الأنت) كذلك . وعلى هذا الأساس ، وبقدر ما يكون للعنف من أسباب ظاهرة مختلفة ودوافع خفية متباينة ، بقدر ما تكون الأوجه التي يتمظهر بها متنوعة ، والمسالك التي يتسرب منها متعددة . وإذا كان الإنسان في المجتمعات المتقدمة ، يمتلك آليات سياسية مشروعة ، ويمارس فعاليات اجتماعية متحضرة ، يستطيع من خلالها التعبير عما يشعر به من هموم ويطرح ما يعانيه من مشاكل ، الأمر الذي تتيح له (= الآليات والفعاليات) فرصة المشاركة ؛ في استخلاص أشكال خياراته ، واستنباط أنواع تطلعاته ، ورسم معالم مستقبله ، ضمن إطار دولة يحكمها القانون وتؤطرها المؤسسات ، قادرة على استيعاب إرهاصات الثقافات الفرعية ، واستدماج خصائصها في بوتقة الثقافة الوطنية الشاملة والموحدة ، حيث تنتفي الحساسيات العرقية وتختفي الصراعات الطائفية . نعم قد تندلع هنا أو هناك بعض مظاهر العنف على خلفية الأحقاد الاثنية أو الضغائن الدينية ، بيد إن ذلك يحصل من باب الاستثناء وليس القاعدة ، كما هو الشأن في المجتمعات المتخلفة ، التي أمسى تعاطي القوة في أوساطها ليس شائع فقط بل ومسوّغ أيضا"، حيث لغة العنف هي المفضلة وعرف العدوان هو السائد . ففي هذا الشطر من المجتمعات القابعة خلف التاريخ والزاهدة بمعطيات الحضارة ، تنقلب معالم الصور وتختلف معايير التصوّر، إذ إن مضاعفات الطغيان السياسي الدائم ، ومخلفات الحرمان الاقتصادي المزمن ، وتداعيات القهر الاجتماعي المتواصل ، وترسبات الكبت النفسي المستمر ، وتركات الجدب الثقافي المتطاول . كل هذه المساوئ وغيرها تركت بصماتها وحفرت آثارها في بنى هذه المجتمعات ، بحيث نخرت أسسها المادية وقوضت دعائمها المعنوية ، الشيء الذي أفضى – دائما"وفي مطلق الأحوال – إلى استدراج دوافع العنف واستدعاء مبررات العدوان . ذلك لأن الظروف في مثل هذه الأجواء الملبدة والأوضاع المكفهرّة ، تغدو مؤاتية لكي تعم الفوضى ويستشري الفساد ، في جميع مفاصل الدولة ومجمل قطاعات المجتمع ، بعدما يتم تغييب القانون وتعليق الشرعية من جهة ، وتخصيب نوازع شخصنة الثوابت الوطنية ، وازدراء القيم ونبذ المبادئ من جهة أخرى . على خلفية جملة من الأساليب والممارسات ، التي من أبرزها إن وسائل الإعلام ومؤسسات الرأي ، تتحول من أداة لتنوير الوعي وتثوير الواقع ، فضلا"عن إشاعة روح المواطنة وتربية حسّ المسؤولية الوطنية ، إلى مجرد مواخير لا وظيفة لها سوى المواظبة على ؛ غسل أدمغة المواطنين بالترهات ، وتسطيح وعيهم بالخرافات ، وشلّ إرادتهم بالممنوعات ، واخصاء شخصيتهم بالمحرمات . وحيث لا عاصم من بطش السلطة المستبدة وطغيانها الأمني ، ولا رادع لإرهاب الدولة الشمولية وجبروتها البوليسي ، ناهيك عن نسيج شباك علاقات الاستزلام والاستتباع ، التي تحاصر الفرد وتضيّق الخناق عليه في كل مفردة من مفردات حياته الخاصة والعامة . فانه لا حيلة له ولا خيار أمامه ، إزاء مجابهة فلتان الحاضر ومجهولية المستقبل ، بعد إن فقد غطاء القانون وجرّد من حماية الدولة وأقصي عن ولاء الوطن ، سوى اللجوء إلى سواتر ثقافاته الفرعية ، والانكفاء إلى قواعد علاقاته الأولية (الأسرية والقبلية) ، يطلب الحماية منها وينشد الأمان فيها ، وهنا إذاك تكمن المفارقة والمٍأساة معا". ولما كان المجتمع المتخلف – في الغالب – مأزوم سياسيا"ومحتقن اجتماعيا"ومعبأ نفسيا"، فان ذلك يجعله عرضة لانهيار أمنه وتداعي استقراره ، ويصبح ، بالإضافة لذلك ، حقلا"لتفريخ الفتن وساحة لتصفية الحسابات بين (الملل والنحل) ، كما لاحظ ذلك أستاذ علم النفس الدكتور (مصطفى حجازي) حين كتب يقول (( يبقى إن المجتمع المتخلف يضج بالعنف ، يمارس على إنسانه ويصدر عنه في آن معا"، حتى في أكثر المظاهر سكونا"ودعة واستسلاما")) . وفي ظل غياب الثقافة الوطنية الشاملة ، وانعدام الثوابت الرمزية الموحدة ، وخشية الاضطهاد السياسي والتهميش الاجتماعي والإقصاء العرقي والاستبعاد الطائفي ، يعمد كل فريق أو طرف إلى استنفار مخزون ثقافته الفرعية ، واستحضار رصيد موروثه القبلي ، واستصراخ حمية ولائه الجهوي ، بغية والاحتماء فيها والاتكاء عليها ، لتغليب مصالحه الآنية وفرض وجهة نظره الجزئية وترويج قيمه التحتية ، والسعي ، من ثم ، لتوسيع دائرة نفوذه ونشر مضمون أفكاره وترسيخ سلطان معتقداته . نقول في مثل هذه المعطيات فان ديناميات اشتغال الثقافات الفرعية (العنصرية والطائفية والعشائرية) ، تتحول من وظيفة شدّ لحمة المجتمع ولملمة شعثه ورأب صدوعه وترميم تشققاته ، إلى عامل أساسي في تعميق الخلافات بين مكوناته ، وتأكيد التمايزات بين عناصره ، وتأجيج الصراعات بين جماعاته ، وترسيخ الانقسام بين ذاكراته ، وتعميم العدوات بين هوياته . وفي سياق الولاء القائم على العجز والخضوع – كما يستنتج الباحث هشام شرابي – (( يبدو جليا"انه لا يمكن تصور فكرة العقد الاجتماعي .. ولان المعارضة الشرعية غير ممكنة ، فان التآمر والتمرد يصبحان البديلين الوحيدين . وعلى نحو مماثل فحين يحضر النقاش العلني ، فان التآمر والعنف هما الشكل الباقي للإقناع )) . وهكذا فان أزمة المجتمع المتخلف ، لا تخرج عن كونها انعكاسا"لأزمة ثقافاته الفرعية ، وقصور ولاءاته الأولية ، وانتكاس انتماءاته الهامشية ، والتي لا تشرأب رموزها وتتوثب أعرافها وتنثال قيمها وتسلل عاداتها ، إلاّ على أشلاء الثوابت الوطنية للدولة ، ونفي الخصائص المعيارية للمجتمع . ولكي تتجاوز الأولى عوامل ضعفها ومحنة تفككها ، ويتخطى الثاني عواقب أزمته وينهض من حطام كبوته ويستأنف خطى مسيرته ، لابد أن تستعيد الثقافة الوطنية الموحدة عافيتها وتتمكن من بسط سلطانها ، ليس على المستوى المادي المتمثل بالإطار الجغرافي / السيادي فحسب ، وإنما – وهو المهم في اعتقادنا – على المستوى الاعتباري / الرمزي ، لكي تترسب بين تضاعيف الوعي الفردي ، وتترسخ داخل أروقة المخيال الجمعي على حدّ سواء .. 


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.38017
Total : 101