لاتبدو مختلف جوانب الصورة واضحة في العراق، فهناك أکثر من تداخل و تناقض و ضبابية، لکن الذي ليس هنالك من أي شك فيه، ان أصل القضية و جوهرها الرئيسي هو إستمرار المالکي في التمسك بمنصب رئاسة الوزراء و مع إستمراره تستمر أيضا سياساته المثيرة للجدل و الانقسام و الاختلاف.
معظم الاطراف السياسية العراقية بإختلاف شاربها و إتجاهاتها، متفقة من حيث المبدأ على أن معظم المشاکل و الازمات التي تعصف بالعراق حاليا، انما هي وليدة تلك السياسات التي تبناها ولازال يتبناها رئيس الوزراء المنتهية ولايته، وإلقاء نظرة على الخط العام للأوضاع الحالية في العراق، فإننا نجد تراجعا من مختلف النواحي و نجد أکثر من تهديد جدي يحدق بالبلاد من دون أن يکون هناك أي بصيص أمل لحلول و مقترحات وسط تضفي مسحة من التفاؤل و الامل للمستقبل المنظور.
الخطأ الکبير الذي إرتکبه المالکي في تعامله مع ملف المعتصمين في الحويجة و اسلوب العنف المفرط الذي إستخدمه ضدهم والذي يعلم "بعض" من الاطراف ان هذه القضية قد تم لفلفتها حينها لظروف و إعتبارات خاصة، لکنها في نفس الوقت قابلة لإثارتها من جديد خصوصا بعد الذي جرى في الانبار ولاسيما في مدينتي الانبار و الفلوجة، وحتى أن هناك مراقبين يرون أن تفجر الاوضاع في نينوى و صلاح الدين لم يأت إعتباطا وانما کان حاصل تحصيل حالة خوف و ترقب و توجس من المستقبل الغامض الذي يخبأه المالکي للاهالي هناك، وقد باتت التقارير الاعلامية و الصحفية التي ترد من المناطق المحررة تؤکد حالة الارتياح التي تعم بين اوساط الاهالي بعد ان إجبر الجيش العراقي على الانسحاب من هناك، وهو أمر له أکثر من دلالة و معنى.
خلال ولايتين مريعتين غريبتين من نوعيهما و ماقد تداعى و تسبب عنهما من أذى و متاعب و أخطار و تحديات و مشاکل و ازمات و ضحايا و دماء للشعب العراقي بمعظم أعراقه و أديانه و طوائفه و شرائحه، أثبت المالکي و بجدارة من أنه ليس الرجل المطلوب لهذا المنصب بل وعلى العکس من ذلك تماما، هو الوحيد الذي يمکننا القول و بکل ثقة و إطمئنان من انه الوحيد الذي لايستحق هذا المنصب إطلاقا، خصوصا بعد أن أطلق يد النظام الايراني في العراق و ساهم في توسيع دائرة نفوذه و زيادة تأثيره على الاوضاع في العراق الى حدود غير معقولة الى الحد الذي تجاوز النفوذ الامريکي بکثير، وان هذه المسألة بحد ذاتها کانت ولازالت تشکل مصدر قلق و خوف و ريبة من قبل الاهالي في محافظات متباينة من العراق، ولهذا السبب فقد دعت العشائر الثائرة في مناطق نينوى و صلاح الدين الى وضع حد لهذا النفوذ و عدم السماح له بتجاوز السيادة الوطنية للعراق.
تتداخل الاوضاع و تشابکها و ماقد تشعب عنها، أمر لايمکن للمالکي على يناور او يلعب في مساحات فراغها او ثغراتها، لأن کل الذي جرى و يجري انما بسبب من إصرار المالکي على البقاء في منصبه، ولهذه فإن قضية ضرورة عدم ترشحه لولاية ثالثة ستظل جوهر القضية و مفتاح الحل الاولي للاوضاع الحالية.
مقالات اخرى للكاتب