كنت أتمنى ،وأرغب بشدة ،أن يتم العمل على إكتشاف قتلة رفيق الحريري قبل أن تنطفيء النيران التي إشتعلت في بعض سيارات موكب رئيس وزراء لبنان الأسبق الحريري ، حتى ننتهي من تبعات الجريمة ومعرفة المجرم الحقيقي الذي يرقب قسمات وجوهنا جميعا ونحن في تيه ما بعده تيه.

وإنني لأستغرب من حيثيات الجريمة بدءا من تشويه واقع حفر الإنفجار وإنتهاء بتوجيه الإتهام من قبل محكمة التي بدأت الخميس ،إلى حزب الله،مرورا بما قيل عن المتهمين وهربهم او تهريبهم من لبنان والمطمطة التي شهدناها بعد ذلك.

قيل بداية ان سوريا هي التي قتلت الحريري ووصل بهم الأمر إلى القول أن الرئيس السوري بشار الأسد وفي آخر لقاء له مع رفيق الحريري قال له بنبرة التهديد:إن بقيت متمسكا بمواقفك ..بقرف رقبتك قرف"ولست في معرض نقاش هذه الواقعة لأنها أمنية بحتة وما أنا إلا محلل سياسي متواضع يعمل لحسابه ولا يستقي معلوماته من أحد.

الغريب في الأمر أن أحدا لم يتهم صاحبة المصلحة الأولى في الدمار العربي وهي إسرائيل،رغم أن كافة المعطيات المنطقية تؤكد أن إسرائيل هي التي فجرت الحريري وإن الإنتحاري أو السيارة التي تفجرت في الموكب من التابعية اللبنانية،كما أن إسرائيل وبسبب تواجدها المرئي واللامرئي في لبنان وبحكم إختراقها للأتصلات اللبنانية ،إستغلت الخلاف السوري آنذاك ونفذت جريمتها وكان ما كان حيث إتهمت سوريا.

قد يقول قائل وهو محق بطبيعة الحال :ولماذا غيرت محكمة لاهاي وجهتها الإتهامية من دمشق إلى حزب الله ؟

الجواب واضح وضوح الشمس في عز النهار ،وجلية كالحق الذي لا يقف خلفه شيطان سياسي،وهو أن سوريا حاليا ومنذ 3 سنوات دخلت دائرة الإحتراق الدولية بمشاركة أبنائها من كافة الأطراف،ولذلك إنتفت الحاجة إلى توريط سوريا في جريمة الحريري ،وأن الهدف الإسرائيلي الأول حاليا هو حزب الله ،ولذلك جاءت محكمة لاهاي تعلن إتهامها للحزب ،وان لديها 13 ألف دليل على ذلك،ويا للهول 13 ألف دليل ،كأنها عدد الجينات.

الأسئلة كثيرة ومتشعبة وثقيلة في نفس الوقت ،وهي :لماذا محكمة دولية؟ولمصلحة من تشويه قبح الحفر بإغراقها بالمياه لتغيير معالمها؟ولماذا لم يوجه الإتهام إلى إسرائيل ؟ولماذا إتهام سوريا والرئيس الأسد بالتحديد؟ولماذا وجهت المحكمة الدولية الإتهام إلى حزب الله؟ والسؤال الذي يسبقه جوابه:لماذا بدء عمل المحكمة اليوم عشية عقد مؤتمر جنيف 2؟ وجوابه أن لبنان يهيأ حاليا للتفجير النهائي الذي يشعل الإنفجار المذهبي وقد إلتقط الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الرسالة وحذر اللبنانيين من ذلك .

إتهام حزب الله بقتل الحريري يشكل مربط الفرس وهمزة الوصل بين أركان الجريمة المعدة سلفا لتفجير لبنان ،ذلك أن الوقت بات متاحا كما يهيأ لهم للقضاء على حزب الله في مقدمة للإنقضاض على إيران إنتقاما من أداء حزب الله صيف العام 2006 وتمريغه شرف إسرائيل العسكري بالوحل وروث الخنازير،وتكون معادلة التفجير في سوريا قد إكتملت وهي أن الهدف منها هو إجبار دمشق على فك تحالفها مع كل من إيران وحزب الله .

ليس سرا القول أن إسرائيل تسوق في العالم أن إيران وحزب الله هما عدوها الأول،وهاهي الآن تستعد للإنقضاض اولا على لبنان بعد أن ينفجر داخليا وتتبعثر مذاهبه على مذبح الإله "يهوه"،ومن ثم تنقض إسرائيل على لبنان للقضاء النهائي على حزب الله ،ورسم حدود جديدة للبنان بناء على مكامن النفط والغاز المكتشفة حديثا هناك.