كان مؤيد محمد صالح أبن اخت الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم, طالب يدرس على نفقته الخاصة في المانيا قبل اندلاع ثورة 14 تموز . بعد الثورة بفترة ذهب الى القنصلية العراقية في بون . عرف بنفسه للقنصل العراقي في المانيا باعتباره ابن اخت قائد الثورة، لقد جاء الى القنصلية يروم احد أمرين ، اما فتح ملف دراسي له وقبوله على نظام البعثات ، او توفير بطاقة طائرة عودة الى العراق . بعد يومين راجع القنصلية وكان جواب القنصل صاعقا ، بعدما علم ان القنصل اتصل بوزير المعارف اسماعيل ابراهيم عارف ، الذي اتصل بدوره بالزعيم عبد الكريم قاسم ، الذي جاء رده صارما على الوزير قائلا: "لاأسمح بإعطاء ابن اختي أي افضلية وأمتياز على حساب غيره من العراقيين" .

اتصل الزعيم بعدها بالقنصل وعنفه واعطاه اوامر بشراء تذكرة طائرة عودة يتولى عبد الكريم قاسم دفع ثمنها من مرتبه على شكل دفعات شهرية . رفض مؤيد محمد صالح تكلفة خاله مصاريف اضافية ، عاد الى العراق مع احد العراقيين مجانا بالسيارة .

رحم الله من يقرأ سورة الفاتحة على روح الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم وعلى العفة والنزاهة ونظافة اليد التي ماتت باستشهاده .

بعد الشهيد قاسم حل على العراق زمن عرفنا من خلاله ان للحكومة كما الاشخاص أقارب ، عرف العراقيون خال الحكومة والحزب الحرامي الاول خير الله طلفاح ، بعده عرفنا اخوة الحكومة برزان وسبعاوي ومن بعدهم وطبان . صعد نجم ابن عم الحكومة على حسن المجيد وإخوته هاشم وحجي عبد ، من ثم عرفنا ازواج بنات الحكومة حسين وصدام كامل. حسين كامل صعدنجمة بسرعة اثارت غيرة وحسد اخوة الحكومة واولادها وابناء عمومتها مما سرع بنهايته وأخيه .

أبدل صدام اطقم ابناء عمومته وأزواج شقيقاته ليكونوا نافذين في اطقم حماياته من نعمان سليمان المجيد مرورا بأرشد ياسين وروكان رزوقي وكان اخرهم ابن عم زوجته ساجدة المدعو محمد عمر ابراهيم المسلط الذي وشى بصدام للامريكان بعد ساعات فقط من اعتقاله .

هكذا انتهينا من عصابة اقارب حكومة صدام لنقع بعصابات لها اول وليس لها اخر ، كلهم ساروا على درب صدام ، الفارق ان صدام كان سرسري مكشوف ، اما من حكموا بعده فانهم حكموا باسم الله والإسلام ، بأسم الله سرقونا وسلطوا عصاباتهم العائلية والحزبية علينا .

السيد نوري المالكي قرب ابنه ووضعه بمركز اقوى من اي سلطة امنية باعتراف المالكي نفسه ، وقرب أزواج بناته وجعلهم حمايته الخاصة ولا ضير بذلك ، لكنهم اصبحوا نوابا بعد حين عن محافظة اخرى . قرب المالكي البعض من ابناء اخوته واقاربه وابناء عمومته ، من حكم العوجة في تكريت انتقل الحكم الى طويريج لسنوات .

السيد مسعود برزاني انفرد هو وعائلته في حكم الاقليم منذ العام 91 الى الان ، هو رئيس الاقليم وابن اخيه وزوجة ابنته السيد نجريفان رئيس وزراء الاقليم ، ابن مسعود السيد مسرور يشغل منصب مدير مجلس الامن الوطني في كردستان الذي يسمى (الباراستن) . السيد منصور مسعود برزاني يقود الفرقة الامنية الخاصة في البيشمركه ، وهي بمثابة جهاز الامن الخاص ، سيروان صابر برزاني يقود مجموعة امنية اخرى .غير ذلك صرحت نائبة كردية قبل فترة إن: "22 شخصا من عائلة برزاني يشغلون مواقع امنية وعسكرية وتنفيذية في الاقليم" ، هذا بالاضافة الى ان السيد هوشيار زيباري هو خال السيد مسعود برزاني .

تعج صفحات الانترنيت باخبار السيد خضير الخزاعي الذي لم يبق على احد من اسرته وإخوته واقاربه وأزواج بناته وشقيقاته لم يعينه بمنصب مهم . واغلبهم عينوا في السفارات في البلدان التي يقيمون فيها وحائزين على جنسيتها .

الوزارات العراقية ملكية خاصة للوزير وعائلته وعشيرته ومقربيه وحزبه . الوزارة الاكثر ازدحاما بالمحسوبية والمنسوبية هي وزارة الخارجية العراقية ، منذ زمن السيد هوشيار زيباري الى الان السفراء يعينون حسب المحاصصة ، الوظائف الاقل هي حكرا خاصا لعوائل واقارب المسؤولين والبرلمانيين . لو اجهد السيد الجعفري نفسه واجرى جردا دقيقا لمنتسبي وزارته ودرجة قرابتهم من المسؤولين والبرلمانيين لوجد ان اكثر من 75 بالمائة من منتسبي الوزارة هم من هذه الشريحة .

هل هذا من العدل والانصاف في شيء ؟.

ذهبت في العام 2006 لمراجعة السفارة العراقية في بكين في الصين تكلمت مع حرس السفارة بالعربي اجابني : "عربي نا زانم" اي: انا لا اجيد التكلم بالعربية . كان ذلك اثناء ما كان السيد هوشيار وزيرا للخارجية وكان سفير العراق في الصين زوج شقيقة السيد جلال طلباني .

أغلب الوزراء السنة لا يكتفون بجلب اقاربهم فقط بل ينقلون الاخرين الى وظائف ودرجات اقل شانا من اجل تثبيت اقاربهم بمناصب حساسة .

لا استثني مسؤلا او وزيرا او هيئة او دائرة مهمة . كل مسؤولي هذه الدوائر يأتون بأقاربهم بحجة الامن ، ونصيب العراقيين القتل والجوع والتشرد والمرض.

اكتب هذا المقال بعد ان انتشرت في الفترة الاخيرة صورة لشاب بدين جدا انتشرت اخباره في اكثر من موقع وصفحة يقال انه ابن شقيقة السيد عادل عبد المهدي وزير النفط ، ولقد عينه السيد وزير النفط بمنصب المفتش العام للوزارة .

اتمنى ان تكون الاخبار كاذبة لانها لو صحت ستكون كارثة بحق .

كيف ستسير الامور في الوزارة اذا كان ابن اخت الوزير مفتشها العام؟.. دهن ودبس .

رفع صدام اثناء فترة حكمه شعارا يقول: "من نبوخنصر الى صدام حسين العراق يزهو بالنصر ".

شعارنا للمرحلة الحالية هو : "من صدام حسين الى زمن اللصوص والسراق والعراق مثخن بالهزائم والانكسارات والتشتت والضياع تحت حكم الاسر والعوائل والعشائر والاحزاب".

نعرف ان فساد وخراب عقود لا يمكن إصلاحه بأيام ، لكن الخطوة الاولى للقضاء على فساد تغلغل الاسر بدوائر الدولة دون وجه حق تبدأ بخطوة ، يجب على السيد العبادي اتخاذها وليبدأ من الاسر والعوائل المحيطة به .

التعيين بالواسطة ياخذ فرصة الكفاءات العراقية .

خمس عقود ونيف مضت ، مازال العراقيون يمجدون ويمدحون ويحنون لزمن زعيم النزاهة ونظافة اليد الزعيم الوطني الخالد عبد الكريم قاسم ، اقتفاء اثره والسير على دربه يجلب رضا الله والعباد والخلود ، من يظل مصرا على اقتفاء اثر صدام فسينتهي مرميا بمزابل التاريخ مثل صدام بالضبط .

نعود الى السيد العبادي بسؤال ، الا يعد فسادا ان تملأ الوزرات والدوائر بأقارب مسؤوليها؟. .

"غاية الادب ان يستحي المرء من نفسه "