الاعتراف بالخطأ فضيلة، أما الاعتراف بالفشل فهو شجاعة أدبية و جرأة تستمد قوتها من الضمير الحي للإنسان، وان الامثلة کثيرة جدا على الذين إعترفوا و أقروا بفشلهم في قيادة بلدانهم او تحمل مسؤوليات ماآلت إليه الاوضاع بسبب من سياساتهم، ولعل أبرز مثال على ذلك الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عندما أعلن عن تحمل کامل المسؤولية في کارثة 5 حزيران 1967، ناهيك عن مبادرة الرئيس الارجنتيني الى تقديم إستقالته إعترافا بمسؤوليته عن هزيمة بلاده أمام بريطانيا فيما عرف في وقته بأزمة جزر"الفوکلاند".

کثيرة هي الازمات و المشاکل بل وحتى المصائب و الکوارث التي حلت بالعراق من جراء السياسات الخاطئة و غير الموفقة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالکي، وان واحدة منها تکفي في أي بلد ديمقراطي بحق و حقيقة لکي يقدم رئيس وزرائها إستقالته عن طيب خاطر مع تقديمه لإعتراض طويل عريض حتى لايتعرض للمحاسبة، غير ان المالکي ليس فقط لايعترف بحالات الاخفاق و الفشل الکثيرة فقط، وانما يبادر لإرتکاب المزيد من الاخطاء الفاضحة مما يسفر عن حالات فشل أکبر و أعمق تأثيرا على العراق.

الاحداث الاخيرة التي وقعت في العراق و نجم عنها سقوط محافظتين و خروجهما من تحت سيطرة الجيش و سلطة الحکومة العراقية، سجلت فشلا کبيرا إضافيا جديدا للمالکي تضاف الى حالات الفشل الاخرى على مختلف الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و العسکرية، وتثبت من دون أدنى شك أن هذا الرجل لم يعد يصلح للبقاء في هذا المنصب الحساس خصوصا بعد أن أعرب أهالي محافظتي نينوى و صلاح الدين عن إرتياحهما لخروجهما من تحت سيطرة و سلطة الحکومة کما نقلته و عکسته معظم وسائل الاعلام الدولية، وهو أمر له أکثر من دلالة و معنى.

المالکي، وعوضا عن إعترافه بفشله و إعلانه عن تحمله لکامل المسؤولية عن ما جرى بالعراق و لحق شعبه من الاضرار(خصوصا وانه قد صار قاب قوسين او ادنى من التقسيم لاسامح الله)، فإنه يحاول تبرير فشله و إخفاقه الذريع بزعمه أن هناك مؤامرة إقليمية ضده، وانه قد إنتقل الى مرحلة الهجوم و ووو الکلام المعهود الذي تعودنا على سماعه من کل سياسي يتهرب من تحمله للمسؤولية و يريد تعليقها على أية شماعة مناسبة، والغريب جدا وفي هذا الوقت الحساس، نجد أن باب التطوع في إيران قد تم فتحه للدفاع عن"المقدسات الشيعية"، وحتى أعلن في الصحف الايرانية عن"إستشهاد او إيراني متطوع للدفاع عن المقدسات الشيعية في العراق"، وهو مايحمل في طياته الکثير من المعاني التي ستنعکس بصورة سلبية جدا ليس على المحافظات السنية في العراق فقط وانما على المنطقة بأسرها مما يقود الاوضاع نحو مفترق يمکن أن نسميه باللاعودة لأنه يمهد لإستنساخ الحالة السورية الدموية في العراق بکل تفاصيلها ومجرياتها سيما وان هناك تقارير تتحدث عن قدوم قاسم سليماني الى العراق في مهمة خاصة شبيهة بتلك التي ذهب من أجلها الى سوريا سابقا.

التذرع بالمؤامرة تارة و بأمور أخرى تارة من قبل المالکي من أجل تبرير حالات الفشل التي تزايدت و التي صار العالم کله على دراية و إطلاع کامل بها و حتى بتفاصيلها، لم تعد تنفع المالکي وانه أمام مفترق خطير جدا وبعدها لاينفعه أي شئ لأن دفع العراق نحو مفترق الحرب الاهلية بسبب تشبثه بالسلطة"والذي هو سبب کل المشاکل و الازمات التي تعصف بالعراق"، سوف يجعله مستقبلا في مواقف لن تحمد عقباها أبدا أبدا.