صحيح أن "الجي ستريت "،ومعناه بالعربية "الشارع اليهودي"،إنشق عن "الإيباك"التي تمثل أكبرقوة ضغط يهودية أمريكية داخل الولايات المتحدة ،إحتجاجا على مواقف الإيباك المؤيدة قسرا لإسرائيل بعجرها وبجرها ،لكن هذا التنظيم اليهودي الجديد ،لا يقل ولاء وإنتماء وتأييدا لإسرائيل ،إلا أنه يختلف عن الإيباك في تعامله مع إسرائيل ،وجاء شعاره :"اللهم إحم إسرائيل من سياسات قادتها".
رغم أنفعال قادة الإيباك وإسرائيل على حد سواء ، ومعارضتهم وتجييشهم ضد هذا التنظيم الجديد،إلا أن الجي ستريت يتمدد وتتوسع رقعته في أمريكا على حساب الإيباك ،ويستقطب في صفوفه اليهود الشباب الذين لا تعنيهم هوية إسرائيل ،وبالتالي يكون الجي ستريت قد تعامل مع الفئات اليهودية الأمريكية المندمجة في المجتمع الأمريكي ونسبتها 58 % ،بطريقة تختلف عما كانت الإيباك تفعله وهو الإقصاء والتهميش.
وحتى لا تذهب الظنون بالبعض أن الجي ستريت أصبح عربيا أكثر من العرب الأقحاح،لا بد من القول أنه حريص على إسرائيل أكثر من قادتها ،ويؤمن بيهودية الدولة ،ومما يشهد له أن التعامل معه يختلف عن التعامل مع الإيباك ،التي يمتاز قادتها بالعنجهية والتماهي مع أفكار قادة إسرائيل المتشددين .
نجح الجي ستريت بتفكيره العقلاني من أجل الحفاظ على مصالح إسرائيل ،في إحداث تحولات كثيرة في المجتمع الأمريكي تجاه إسرائيل ،حتى بين اليهود أنفسهم،الذين ملوا حد القرف من تبني والدفاع عن سياسات إسرائيل المتعنتة ،إلى درجة أنه نجح في إستقطاب الرئيس أوباما ومارتن إنديك الذي هاجم إسرائيل مؤخرا وإتهمها صراحة وعلانية بأنها هي التي تفشل عملية السلام والمفاوضات ،بينما الفلسطينيون عكس ذلك.
وصل الأمر بالرئيس أوباما إلى مماحكة الإيباك وعدم التماهي معها والإستجابة لأوامرها ،برفضه المشاركة في مؤتمراتها ونشاطاتها ،وتحول إلى الجي ستريت ومنتدى سابان،الأمر الذي أزعج قادة الإيباك وإسرائيل على حد سواء.
واضح أن اليهود الأمريكيين ،ومن والاهم من الأمريكيين الذين تصهينوا وإنصهروا في قالب المسيحية الصهيونية ،بدأوا يتململون بسبب تعنت إسرائيل ورفضها السعي الجاد لتحقيق السلام مع الفلسطينيين والعرب بشكل عام،خاصة بعد أن أيقن القاصي والداني رغبة العرب الملحة ومن ضمنهم القيادة الفلسطينية في المصالحة مع إسرائيل حسب مواصفاتها،وشطب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وبناء على ما تقدم فإن الجي ستريت أصبح هو البديل المناسب للإيباك التي بدات تفقد سطوتها على اليهود الأمريكيين ،وكذلك الأمريكيين الذين قبلوا على أنفسهم القيام بدور السحيجة لإسرائيل ،رغم أنها نهبت مقدرات بلادهم وشوهت سمعتها ،وتجسست عليها وورطتها في حروب موحلة كلفتها من الخسائر البشرية والمالية والمعنوية الشيء الكثير/وقد ظهر ذلك جليا في خفوت هيمنة الإيباك على الإدارة الأمريكية والكونغرس والوول ستريت والإعلام.