Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
أبو العتاهية : أَلا ما لِسَيِّدَتي ما لَها.. بقلم/ كريم مرزه الاسدي
الأربعاء, تشرين الثاني 19, 2014

7 - هؤلاء بين أيدي هؤلاء - الحلقة السابعة -

1 - أبو العتاهية بين يدي الخليفة المهدي

يقول أبو العتاهية من ( المتقارب) في الخليفة المهدي عند تسنمه عرش الخلافة ، وفي جاريته ( عتبة) ، وكان يعشقها وتبغضه !! :

أَلا مـــا لِسَيِّدَتي مــا لَها **** أَدَلّا فَأَحمِـــــلَ إِذلالَها

وَإِلّا فَفيمَ تَجَنَّت وَمــا **** جَنيتُ سَقى اللَهُ أَطلالَها

أَلا إِنَّ جارِيَةً لِلإِمـــــا *** مِ قَد أُسكِنَ الحُبُّ سِربالَها

مَشَت بَينَ حورٍ قِصارِ الخُطا* تُجاذِبُ في المَشيِ أَكفالَها

وَقَد أَتعَبَ اللَهُ نَفسي بِها ****** وَأَتعَبَ بِاللَومِ عُذّالَها

كَأَنَّ بِعَينَيَّ في حَيثُما ***** سَلَكتُ مِـنَ الأَرضِ تِمثالَها

أَتَتــهُ الخِلافَــــــةُ مُنقادَةً **** لَيـــهِ تُجَــــرِّرُ أَذيــالَها

 وَلَــم تَـــكُ تَصلُحُ إِلّا لَـهُ **** وَلَـــم يَــكُ يَصلُـحُ إِلّا لَها

وَلَو رامَها أَحَـــــدٌ غَيرُهُ ***** لَزُلزِلَــتِ الأَرضُ زِلزالَها

 وَلَو لَم تُطِعهُ بَناتُ القُلوبِ ***** لَمـــــا قَبِــــلَ اللَهُ أَعمالَها

وَإِنَّ الخَليفَةَ مِـــن بَعضِ لا ***** إِلَيـــهِ لَيُبغِضُ مَــن قالَها

هذه القصيدة الرائعة من البحر المتقارب لشاعر الزهد والمدح العباسي الشهير أبي العتاهية ( 130 - 211 هـ / 747 - 826 م) ، وهوأبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي (من قبيلة عنزة) بالولاء، ولد في عين التمربين كربلاء والأنبار من أب نبطي يعمل بالحجامة ، ونشأ وترعرع في الكوفة ، كان ماجنا في شبابه ، يبيع الجرار الفخارية ، وانتقل إلى بغداد مع إبراهيم الموصلي ، واتصل بالخلفاء ، وتعلق بعتبة جارية المهدي، ولم ترض به لدمامة وجهه و قباحة منظره - كما أسلفنا - وانقطع عن الشعر فترة ، فحبسه هارون الرشيد في منزل مجهز ، فعاد إليه متنسكاً زاهداً ، شاعر مبدع مكثر، سريع الخاطر، يقول ابن كثير في أحداث سنة إحدى عشرة ومائتبن بـ ( بدايته ونهايته) - الجزء العاشر - : " واسمه: إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، أصله من الحجاز، وقد كان تعشق جارية للمهدي اسمها : عتبة، وقد طلبها منه غير مرة ، فإذا سمح له بها لم ترده الجارية، وتقول للخليفة : أتعطيني لرجل ذميم الخلق كان يبيع الجرارفكان يكثر التغزل فيها ، وشاع أمره واشتهر بها، وكان المهدي يفهم ذلك منه ، واتفق في بعض الأحيان أن المهدي استدعى الشعراء إلى مجلسه وكان فيهم أبو العتاهية وبشار بن برد الأعمى، فسمع صوت أبي العتاهية .

فقال بشار لجليسه : أثَّم ههنا أبو العتاهية؟

قال: نعم !

فانطلق يذكر قصيدته فيها التي أولها :

ألا ما لسيدتي مالها *** أدلَّت فأجملَ إدلاها

فقال بشار لجليسه : ما رأيت أجسر من هذا .

حتى انتهى أبو العتاهية إلى قوله :

أتته الخلافة منقادة ***** إليه تجررُ أذيالها

فلم تك تصلح إلا له **** ولم يك يصلح إلا لها

ولو رامها أحد غيره ** لزلزلت الأرض زلزالها

ولو لم تطعه بنات القلوب ** لما قبل الله أعمالها

فقال بشار لجليسه : انظروا أطار الخليفة عن فراشه أم لا؟

قال : فوالله ما خرج أحد من الشعراء يومئذ بجائزة غيره .

قال ابن خلكان : اجتمع أبو العتاهية بأبي نواس - وكان في طبقته وطبقة بشار - فقال أبو العتاهية لأبي نواس : كم تعمل في اليوم من الشعر؟

قال : بيتا أو بيتين

فقال : لكني أعمل المائة والمائتين :

فقال أبو نواس : لعلك تعمل مثل قولك :

يا عتب مالي ولك *** يا ليتني لم أرك

ولو عملت أنا مثل هذا لعملت الألف والألفين وأنا أعمل مثل قولي :

من كف ذات حر في زيَّ ذي ذكرٍ *** لها محبان لوطيٌّ وزنَّاء

ولو أردت مثلي لأعجزك الدهر .

قال ابن خلكان : ومن لطيف شعر أبي العتاهية :

إني صبوت إليك حـ *** ـتى صرت من فرط التصابي

يجد الجليس إذا دنــــا **** ريح التصابي في ثيابي

وكان مولده سنة ثلاثين ومائة . وتوفي يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة

وقيل: ثلاث عشرة ومائتين : . وأوصى أن يكتب على قبره ببغداد

إن عيشا يكون آخره المو ** ت لعيش معجل التنغيص "

من الروايات السابقة يتبين لنا مدى هيمنة الجواري على قصور الخلافة ، وأعيان المجتمع ، وما لهنّ من جمال وأدب وتأثير سياسي واجتماعي واقتصادي وأدبي !! ، والحقيقة أنّ معظم الخلفاء العباسيين من أمهات أولاد ، أي من جوارٍ قد ولدن أولاداً ، وهذا هو الذي جرّ الأمة إلى الهيمنة التركية الفارسية على مصيرها - أعني الأمة العربية - من بعد ، والوقوع بين أحابيل صراعهما العلني والخفي حتى يومنا ، و لا ننسى أن أولاد الخليفة هارون الرشيد ، المأمون من أم فارسية ( مراجل) ، والمعتصم من أم تركية ( ماردة ) ، أما الأمين المخلوع المقتول الغلماني ، فهو الوحيد من أم عربية هاشمية حرّة ( زبيدة) ، وقد تنبأ الشاعر العبقري دعبل الخزاعي بمصير الأمة بأبيات خالدة حين هجا خلفاء عصره الرشيد والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل ، ودوّنّاها من قبل حين كتبنا سبع حلقات مطولة عن الدعبل !!

ثم تأمل حرية الكلام دون تقيد في مجلس الخلافة ، بل التغزل بجارية للخليفة الإمام ، و أمام الإمام !! ومن الجدير أن نكرر ما قلناه في كتابنا ( تاريخ الحيرة ... الكوفة... الأطوار المبكرة للنجف الأشرف ) بعد أن تأملنا بإمعان ما يثبته المؤرخون القدماء عن الرواة الإخباريين من فترات حكم ملوك الحيرة اللخميين المبالغ فيها حتى السخرية ، وغيرها من الأخبار ، إنهم - أي المؤرخين - ينقلون الأخبار والروايات دون تأمل أو نقد أو تحليل سوى أنهم يدوّنون أخبار عديدة متضاربة ، متناقضة ، متقاطعة من مصادر مختلفة ، ومن بعد أخذوا يتمعنون بالسند ، ويصنفونه إلى ضعيف ، ومقبول ، وحسن ... ولابد من التصنيف معرفة الرجال ، ومدى الثقة بهم ، فألفوا في علم الرجال ، وخصوصاً في المصنفات الفقهية والعقائدية !! إذن بقى تاريخنا بحاجة ماسة إلى الغربلة من الخزعبلات ، وتنقيحه وتصحيح مسيرته العربية والإسلامية والإنسانية .

راجع النص المنقول من ( بداية ونهاية ) ابن كثير ، والرجل نفسه ينقل خبراً عن ابن خلكان ، يقول : " قال ابن خلكان : اجتمع أبو العتاهية بأبي نواس - وكان في طبقته وطبقة بشار - فقال أبو العتاهية لأبي نواس : كم تعمل في اليوم من الشعر؟

قال : بيتا أو بيتين

فقال : لكني أعمل المائة والمائتين ..."

لم يعقب لا ابن كثير ولا ابن خلكانه على الخبر ، ولا عن مدى صحته ، وكأنه حقيقة ثابتة ، في حين ترك لنا أبو نؤاس شعرأ غزيرا ( ما يقارب اثني عشر ألف بيت ), بالرغم من قصر الفترة التي عاشها في هذه الحياة ،على أغلب ظني بين ( 142- 200 هـ ) ، ولا أميل لأي رواية أخرى ، بينما عاش أبو العتاهية ما بين ( 130 - 211 هـ ) ، وما وصلنا إلا نصف ما ورثناه من النؤاسي ، يقال قد نظم أكثر من ثلاثين ألف بيت في حياته ، ولكن حياته الشعرية أكثر من مرّة ونصف من حياة أبي نؤاس الشعرية ، كيف إذن يراد منا أن نصدق جميع فقرات الرواية ؟!! نعم نقبل بكلّ تأكيد قول بشار: انظروا أطار الخليفة عن فراشه أم لا؟ ثم : فوالله ما خرج أحد من الشعراء يومئذ بجائزة غيره .

 والحق مع البصير بشار ، لا ريب لا تفوته جمالية الأبيات التي تخص الخليفة بخلافته ، بما تتضمن من استعارة مكنية رائعة عن الخلافة حيث شبهها بالعروس ، وحذف المشبه به ، والبيت الذي يليه، المحكم السبك ورد عجزه على صدره ، بما يشبه الجزم الذي لا محالة أنه لصاحبها !! :

فلم تك تصلح إلا لهُ **** ولم يك يصلح إلا لها

ليس هذا فقط ، بل الويل الويل للفتن والدسائس والمؤمرات إن فكرت بها ، وإلا لحلّت القيامة (وزلزلت الأرض زلزالها )

صاحبنا ألحّ في عشقه وتعلقه ومتابعته لهذه الـ (عتب) حتى عتب عليه الخليفة المهدي ، وما اهتدى !! فحبسه ، وقيل ضربه مائة سوط ، ولا نميل لهذا الضرب ، والحق أنها كانت جارية لزوجته الخيزران أم الهادي والرشيد ، ولم يعف عنه المهدي

إلا بشفاعة خاله يزيد بن منصور الحميري بعد أن انتشر أمره عند العامة إلى أن سخروا منه ، ولقبوه بـ ( مخنث بغداد ، ومن شعره قي عتبة الجمال :

كأنها من حسنها درة *** أخرجها اليم إلى الساحل

كأنما فيها وفي طرفها *** سواحر أقبلن من بابل

لم يبق مني حبها ماخلا ****حُشاشة في بدن ناحل

وقوله : 

عيني على عتبة منهلةٌ *** بدمعها المنسكب السائل 
يا من رأى قبلي قتيلا بكى*من شدة الوجد على القاتل

بسطت كفي نحوكم سائلا ** ماذا تردون على السائل

 وهذه الأبيات الأخيرة صورة مشابهة ، بل مستنسخة من قول معاصره أبي نؤاس في جارية أخرى ، ولا ندري من سبق الآخر في المعنى والمبنى ، ولكن عندي النؤاسي كان أطرف وأجمل وأظرف وأملح من شاعرنا ، اقرأ ، والشعر فن وذوق وأخلاق كالسياقة في العراق ، أقوال بلا أعمال !!

أين الجواب ,وأين رد رسائلي *** قالت ستنظر ردها من قابلِ
فمددت كفي ثم قلت تصدقوا ***** قالت نعم بحجارة وجنادلِ
ان كنت مسكينا فجاوز بابنا **** وارجع فمالك عندنا من نائلِ
يا ناهر المسكين عند سؤاله *** الله عاتب في انتهار الســائل

مهما يكن من أمر ، نعود لصاحبنا والعود أحمد ، سيان من يأسه وقنوطه من قطف عتبة الجمال الجاري ، أو حبسه وأكله المقسوم السلطاني من السياط اللاهبة ، أو لأنه أصبح مخنث بغداد في نظر العامة ، تنسك إسماعيلنا ، وتزهد ، وأخذ ينبذ كل الملذات الدنيوية بتعليلات دينية ، تأمل أبياته الآتية :

إذا المرء لم يعتق من المال نفسه ***تملكه المال الذي هو مالكه

ألا إنما مالي الذي أنا منفق *** * وليس لي المال الذي أنا تاركه

يحق وإلا استهلكته مهالكه **إذا كنت ذا مال فبادره بالذي *** 

إذن الرجل أخذ يضع الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية نصب عينيه عند النظم ، لعل نفسه تعكف عن كلّ لذيذ زائل ، فهذه الأبيات أخذ معناها من الحديث الشريف : " انما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت " ، وأخذ ينصح ، ويرشد أصدقاءه المقربين والأبعدين بالكف عن إغراءات دنياهم الكاذبة الخادعة ، أما دنياه هو فما أحلاها باطناً ، وما أزهدها ظاهراً ، لماذا؟ لأن الشاعر الفنان المرهف مجبول على التعلق بكل جميل ولذيذ ، ولو تصنع أبو العتاهية !! ، ففي الوقت الذي وجّه القصيدة التالية إلى صديقه سلم الخاسر يحثّه على عدم الإقبال على أم دفر ومالها ، وما لها !! قائلاً :

تعالى الله يا سلم بن عَمروٍ*** أذل الحرص أعناق الرجال

هب الدنيا تساق إليك عفوا** أليس مصير ذاك إلى الزوال

فما ترجو لشيء ليس يبقى *****وشيكا ما تغيره الليالي 
خبرت الناس قِرنا بعد قرنٍ ***** فلم أر غير ختالٍ وقال

(ما لك شغل حبيبي ، هذا كلام جرايد) - مثل ما يقول أهلنا بالعراق الحبيب !!- المرحوم أبو العتاهية كان يخزن ببيته أموال الدنيا ، وبدرها، والبدر أكيلس كانت تحفظ بها الدنانير الذهبية ، ويقال كان عنده سبع وعشرون بدرة ، ولما يُسأل عنها يجيب المستقبل طويل ، وأبو الحاجة أعمى !! بل منع ابنه البزاز الذي يتاجر بالثياب من التزهد .

لهذا كلّه قال سلّم الخاسر - وهذا الخاسر ما عنده لحية مسرّحة - حين سماعه قصيدة صديق شرخ شبابه الماجن من قبل أبي العتاهية -: ويلى على الزنديق، جمع الأموال وكنزها وعبّأ البدر في بيته ثم تزهد مراءاة ونفاقاً . دعنا عن سلّم الخبيث ، نرجع لصاحبنا نفسه ، وماذا يقول عن المال في حكمه ؟!!

هذا شهاب الدين محمود الألوسي يذكر في كتابه ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) موقع التفاسير 3 / 427) هذه الأبيات الشهيرة ، معقباً عليها وقال أبو العتاهية :" :
أجلك قوم حين صرت إلى الغنى *** وكل غني في العيون جليل
إذا مالت الدنيا على المرء رغبت **إليه ومال الناس حيث يميل
وليس الغنى إلا غنى زين الفتى *** عشية يقري أو غداة ينيل
وقد أكثر الناس في مدح المال واختلفوا في تفضيل الغنى والفقر ، واستدل كل على مدعاه بما لا يتسع له هذا المجال "

مدح واضح وجلي للمال ، وتفضيل الغنى ، ولا نزيد ، ففي المزيد تعقيد !! ولكن نقول : اقنع يا أبا العتاهية - رحمك الله - ونذكرك ببيتك الرائع الحكيم :

إن كان لا يغنيك ما يكفيكا ***فكل ما في الأرض لا يغنيكا

يكفينا هذا ويغنينا ، وإلى الحلقة الثانية عن أبي العتاهية ، وهذه المرّة بين يدي الخليفة هارون الرشيد ، ولا مزيد !!

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44679
Total : 100