في زحمة الأحداث والتحولات الخطيرة التي تجري بشكل هستيري في العراق ، عقد في عمَان العاصمة الاردنية ، مؤتمر لبعض القوى السياسية والعشائر العراقية المناوئة للسلطة العراقية والعملية السياسية ، شارك في المؤتمر ممثلين عن هيئة علماء المسلمين والفصائل المسلحة وحزب البعث الفاشي وغيرهم من اطراف تدعي تمثليهم للمكون ( السني ) ، وفي ختام مؤتمرهم اكد اغلب المشاركون ( مواصلة القتال حتى تتم السيطرة على العاصمة بغداد !..) لم ينفي المؤتمرين بأن ( داعش ) جزء من (حركة الكفاح ) هكذا بدون خجل او خشية من عار ، اغلب المشاركين في المؤتمر خليط غير متجانس برؤوس كثيرة لا تعد ولا تحصى واغلبها المتبقي المهزوم من المتسولين البعثيين العراقيين قاتلي ابناء شعبنا .
المتحدث باسم ائتلاف ( متحدون ) السيد ظافر العاني وتعقيبا على نتائج المؤتمر يدعو الى (الحوار مع المعارضين السياسيين بما يطمئن هواجسهم ومن اجل التمييز بين أصحاب المطالب المشروعة وبين الإرهابيين الذين لا يحملون إلا البرنامج التدميري وللحيلولة دون التدخل الإقليمي والدولي في شؤون العراق انطلاقا من المصالح المشبوهة ) ، تعقيب السيد ظافر العاني وهو ( نائب ) في البرلمان العراقي يفتقد التوازن والمنطق ولا ينم عن فطنة وذكاء سياسي ، فالمؤتمر عقد برعاية اردنية رسمية وهو تدخل فض مرفوض ومستهجن في شأن عراقي داخلي ، المؤتمر يدعو الى مواصلة القتال ولحين السيطرة على بغداد ، المؤتمر يشيد بالارهاب وداعش ، فاي حوار يقصد السيد ظافر العاني ؟ من هم اطرافه ؟ ، دولة ( داعش ) الارهابية والمتحالفين معها تحتل الموصل ومدن وبلدات عراقية اخرى ، الجرائم التي اقترفتها القوى الارهابية تصنف ووفق اغلب المراقبين الدوليين ، جرائم ضد الإنسانية ، اضافة لعمليات التهجير القسرية لابناء الموصل من المسيحيين والشبك والتركمان ، جرائم لم يتوقف عندها السيد النائب ظافر العاني وائتلاف (متحدون ) ، اغلب المشاركين في مؤتمر عمّان يفتخرون بما تحقق وانجز وينجز يوميا من مشروع قتل اجرامي وتهجير للمواطنين العراقيين على اساس الهوية الدينية والمذهبية ، فالدعوة للحوار مع من شارك في مؤتمر عمّان يستشف منها الرغبة في تمزيق العراق واشاعة للفوضى والحرب الاهلية و والدعوة تفقد العاني وائتلافه صفة ( النيابة ) وتمثيل من انتخبهم وصوت لهم ، متحدون مكون سياسي بائس تتشابك مصالحه واغراضه ومصالح المشروع الامريكي بتقسيم العراق وليس غريباً تعقيب السيد العاني ودعوته للحوار مع ممثلي الارهاب والجريمة ولكن الغريب ان يتمتع بالحماية والحصانة البرلمانية وامتيازات المنصب ، السيد ظافر العاني و الكثير من ممثلي الكتل والاحزاب السياسية داخل البرلمان غير جديرين وغير مؤهلين لتحمل المسؤولية الوطنية ، يظل الامر مستهجناً ومداناً كما المؤتمر والمشاركين والدولة الاردنية .
نحن نعي أن العملية السياسية في العراق تخضع لمبدأ المحاصصة بين التكوينات العراقية العرقية والطائفية والمذهبية والمناطقية ولا تخضع العملية السياسية لمتطلبات الوطنية العراقية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , ومجمل الوضع العراقي الكارثي حاليا والعملية السياسية خضعت و تخضع لمتطلبات وظروف مشروع الإدارة الأمريكية في العراق والمنطقة ، مؤتمر عمَان بالقدر الذي فضح المشاركين به واهدافهم واشتراطاتهم ، فضح بالوقت نفسه عجز وضعف السلطة العراقية وحكومة السيد نوري المالكي وهشاشة علاقات العراق بدول الجوار ، السيد المالكي يتحمل وحزب الدعوة الإسلامية مسؤولية قراراته السياسية العقيمة ووزر وعواقب الصراع المسلح ونتائجه وشدة الاحتقان الطائفي والعرقي في العراق ، استقواء السيد المالكي بالدور الايراني ورغبته الترشح لولاية جديدة ستعمق من الازمة وتطيل امدها واعطاء المبرر للقوى الارهابية والتكفيرية والظلامية والزمر الفاشية البعثية الايغال بجريمتهم بحق العراق والعراقيين وتنفيذ المخطط الامريكي بتقسيم العراق طائفيا وعرقيا .
أخيراً ، فأن مجمل الوضع العراقي بحاجة الى مراجعة وحسم ، الخطط الأمنية والعسكرية لوحدها ستظل قاصرة وعاجزة عن توفير حياة طبيعية لإنسان عراقي اتعبته وارهقته حروب وقمع النظام الفاشي المقبور وما خلفه الاحتلال الامريكي من ضحايا وتدمير ومشروع طائفي - عرقي وسنوات فشل سياسي - اقتصادي ، يقلقه التدخل الايراني - السوري ويؤرقه التهديد والدعم التركي- السعودي ، وخوفه المشروع من تواجد الميلشيات ورعاعها والتكفيرين والصداميين الفاشيين وارهابهم .
آن الآوان لهذا الإنسان العراقي ان يشعر بأن الوطن يسعه كما الاخرين , أن يستفاد من حقه بالحياة وخيرات وثروات وطنه ، العراق بحاجة الى مشروع وطني يلغي مشروع الطائفة والمذهب والعرق والعشيرة والمنطقة ، مشروع يلغي وبشكل نهائي سلاح رعاع الميلشيات وفرق الموت ، مشروع يستهدف الارهابين من التكفيريين وداعش والبعثيين الفاشيين وسلاحهم وحواضنهم وجميع المجرمين بمختلف هوياتهم .
مقالات اخرى للكاتب