Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
دفاتر الحرب(3): مقاطع من هذيان جنديّ مُسِنّ ، من بقايا الحرب العراقيّةِ-الايرانيّة
الثلاثاء, أيلول 20, 2016
عماد عبد اللطيف سالم




أنا أعودُ دوماً لبغداد. 
المطاراتُ تحملُني اليها، والمحطّةُ العالميّةُ ، في "العَلاوي"، و كراجُ النهضةِ ، و "الدَيْر" ،والسيّد "الآمِر" ، و "المُساعِد".. والمُقدّم (سليم).
كلّما نزعوا عنّي ثيابَ خوفي عليها، قلتُ .. بغدادُ هذه ، ستبقى مدينتي. و ها هيَ الآنَ ، قدْ خَبَتْ .. واسْتَكانَتْ،
وأصبحتْ بائدةً ، مثل تينِ الحبيباتِ،
في بُستانِ الجنود.
*
أنتِ شاحبةٌ ، كنخلِ المُعسكَرِ في (الجِباسي). ومثلُ الصنوبرِ في أرضِ أربيلَ. أتَذْكُرينَ يومَ أحرقوا العُشبَ على سفحِ (كورَك) ؟
كنتُ غَضّاً ..أكرهُ أنْ تدوسَ "البساطيلُ" قلبي.
يومَها قُلْتُ.. ما أقسى جنود العراق ،
لقد أحرَقوا فوقَ صَدركِ عُشْبي .
*
يقولونَ .. يومٌ لكَ ،
و يومٌ علَيكْ .
وأنا .. 
كُلُّ الأيامِ عَلَيّْ .
كانَ هُناكَ يومٌ واحِدٌ لي .
ترَكْتُهُ يتسَكَعُ فوقَ وجهَكِ المُدْهِشْ ..
وذهبتُ إلى الحرب .
*
هي الحربُ إذاً .. يا أصدقاء القطاراتِ الصاعدةِ والنازلة ، كَنُسْغٍ مقطوعٍ بفأس الفُقدان.
قطاراتُ أيلول .. قطاراتُ سبتمبر .. قطاراتُ الخُذلان ..التي نبدأُ في عرباتها الموحِشَة ،باحتساء " العَرَقِ الزحلاويّ" العظيم ، بعد محطّةِ (الدورةِ) بقليل .. بينما" الانضباطُ العسكريّ" يغِضُّ النظرَ ،عن الثُقبِ الأسودِ الذي نحنُ فيه
حيثُ الضوء ، حتّى الضوء ،
لا يستطيع الهرب.
*
هي الحربُ إذاً.. يا أصدقاءَ" الَكراجاتِ" التي تشبهُ الحُزنَ. الحربُ التي يموتُ الجنودُ النبيلونَ فيها.. بينما الأنذالُ يُزَفّونَ ، أثناءَ غيبَتِهِم، إلى النُسْوَةِ – الحُلْمِ ،
حيثُ لم يكُن بوسعِ امرأةٍ تشعرُ بالسأمِ
أن تنتَظِر .
*
كنتُ غريباً .. أهيمُ على وجهي ، في أرضٍ لم تَكُنْ لي . لم تكُنْ الرائحةُ في (خوزستان) ، هي الرائحةُ في (العطيفيّة). ولم أكنْ أستطيعُ البكاءَ على ضفةِ النهرِ ، شَوقاً إليها.
لمْ تكُنْ البساتينُ ذاتَ البساتينِ ،
ولَمْ يكُنْ (الكارون) .. دجلة.
*
نائبُ العريفِ ،المُهندسِ،(عبيد علي عبيد) ، يرقصُ "الهَيوَةَ" (كما يجب) ،(وليسَ كما يرقصها الغِلمانُ في التلفزيون الرسميّ) ..هكذا كان يقول.
أنا .. أجلسُ في "موضعي" مع (رجاء نهيّبْ زعيبل).هو يدخّنُ سجائرَ "بغدادَ" بحُرقةٍ ،وأنا أقرأُ "الاحتقار" ،لألبرتو مورافيا ، في "الموضِعْ الشَقْيِّ".
نائبُ الضابطِ (خَشّان كَمَيرْ شمَيس) يسألني : اذا كانتْ هذه هي الحربُ يا "فِيلَسوفْ"،
وأنتمْ هنا .. معنا ، فيها ، تأكلونَ الَسَخام .. فلماذا تقرأونَ كالمخابيل ،
كُلُّ هذهِ الكُتُب ؟
*
نَفَدَتْ السجائرُ في "الحِجابات". قفزَ جُندِيّانِ إلى "الأرضِ الحَرام" . وفي جيوبِ الجُثثِ اليابسة ، وجدوا القليلَ منها. جاءوا بها إلينا .. فعُدْنا ننفثُ ، بعُمقٍ ونشوة ،غُبارَ الجنود العراقيين – الايرانيّين ،
النائمينَ منذ دهور ..
في الأرضِ السَبِخَة .

يسألني (عبد الحسين عبد النبي) ، بعد منتصفِ الليل، وهو يشتاقُ لـطفلتهِ (بُثينةَ) ، الغافيةَ في (الشَطْرَة) .. بينما نجومُ المدفعِ النمساويّ تحومُ فوقنا في سماوات (الزِرَيجي) :
تُرى ماذا نفعلُ نحنُ هنا ، في هذا "الغارِ" يا صاحبي ،
بينما أنبياءُ بغدادَ ، يبيعونَ الكُتُبَ ،
إلى "أسياد" مكّة ؟
*
كانَ يُطِّلُّ علينا في "الحِجابات"، عبرَ راديو "التوشيبا" ، ذو الجِلْدِ البُنيِّ ، ويقولُ لنا بصوتٍ خفيض: أنا .. مع هذهِ الحرب . 
اقتلوا بعضَكُم ..
الى أنْ تقومَ القيامة.
*
في معركة "البْسَيتين" ..
كانت المُدرّعاتُ البُنيّةُ اللون ، تأتي من ساحة المعركة ، الى حيث تنتظِرها وحداتُ الميدان الطبيّة ، و جثث الجنود تتدَلّى منها ، كالعناقيد .
كانوا ينزعونَ "قُرْصَ الهويّةِ" عن كلّ جثّة ، ويضعون الجنود الميّتين في كيس "اللحم الهنديّ" الأبيض . الكيس الذي يُذكّرُ الجنود الأحياء ، بلحمِ "قصعتِهِم" ، سيّءِ السمعة ..
ويُعيدونَ لَصْقَ القُرْصِ على الكيس، و يلقونَ بهِ في الشاحناتِ المُبَرّدَة ، لـ "شركة تسويق اللحوم العامة" ، و يرسلونهُ الى مستودعات (الشعيبة) .. هُناك .. حيثُ تصطَفُّ العائلاتُ المذهولةُ ، لاستلامِ أبناءها.
*
وبالقُربِ منها ، أجسادُ "الأصدقاءِ" تلك .. كانَ الذبابُ الأزرقُ يحجِبُ عن عيني
رؤيةَ حبّات الفاصوليا ، في "قُصْعَة" الغداء الباذخة.
في ذات الوقت ، كانت الملكة (اليزابيث) ، تطلُّ علينا عَبْرَ الـ BBC ، في راديو "التوشيبا" ذو الجِلْدِ البُنِيّ ، وتقول لنا بتَرَفٍ ملَكيّ :
لا تُزعِجوا (ديانا)..
لأنّها حامِلْ .
*
من باب معسكر (الشِعيبَة) ، تفوحُ رائحةُ الموتِ الى كلّ البصرة . تجتمعُ الأمّهاتُ عند الباب ، بينما أحدهم يقرأُ أسماء الأبناءِ المُمَدَدّينَ في المخازنِ ، من قائمةٍ طويلة :
عبد الله أحمد ؟ تصيحُ أُمٌّ من (أبو الخصيب) : نعم .
عبيد علي عبيد ؟ تصيحُ أُمٌّ من (التنّومّةِ) : نعم .
دِلْشاد كريم ؟ تصيحُ أُمٌّ من (السُليمانيّةِ) : نعم .
عشرة أسماء ؟ تصيحُ عشرُ أمّهاتٍ من (الناصريّةِ) : نعم .. نعم .. نعم .
*
في كلّ المُدنِ ..
كانَ "تاكسي الروليت" ، يستديرُ من الشارعِ العامِ نحو الزقاق ، حامِلاً على سقف "التويوتا –كراون" .. تابوتَ الروليت ، الملفوفِ بالعَلَم الوطنيّ .
كلّ أمهات الجنود واقفاتٌ عند أبوابِ البيوت ، يُوَلْوِلْنَ : يبوووو .. بوجوهٍ شاحبةٍ كالرماد .. في انتظار ان يستَقِّرَ تاكسي الروليت عند بابٍ ما .
تاكسي الروليت ، بسائقهِ اليابسِ من الخوف ، و " المأمور" المذعور الذي يجلسُ الى جانبه.. يجتازُ بيوت الزقاقِ ببطءٍ .. بيتاً بعد بيت .. وكلّ النساء يَنْحَبْنَ: يبوووو .
تقفُ السيّارةً – الروليتُ عند أحد الأبواب ، فـ "تَعيطُ" جميعُ النساءِ المذهولاتِ :يبوووو.
اُمٌّ واحدةٌ فقط ، تقولُ لتابوتِ الروليتِ : ها يابَه .. جيت ؟ 
ويصبحُ فؤادها فارغاً ..
كفؤادِ أمّ موسى .
*
كلما قالوا هي الحربُ .. قلتُ : أبي .
الحربُ .. أبي .
هو الذي يمنحها الطَعْمَ والرائحة
ويجعلها إرثي الوحيد 
و يودِعُها عِندَ أُمّي .
*
بغدادُ تنأى .. و "شرقُ البصرةِ" يقتَرِبْ. و نخلُ المُعسكَرِ ساكِت. (عبيد علي عبيد) ، ماتَ في "الطاهريّ" ،ولم يُعُد إلى (التَنّومَةِ) أبداً. و (خَشّان) لم يعد يراني، وأنا أقرأُ الكتبَ، في سَخامِ الحروبِ الرديئة. (رجاء نهيّبْ زعيبِلْ)،لا يزالُ يدخن السجائرَ الرخيصة ، بطريقةٍ "تلْجَعُ المِعْدَةَ".. كما كانَ يُفَضِّلْ.
كلّ هذا ، ولَمْ يُطفيءُ الجُندُ بعد ،على سفحِ (كورَكَ) ،
أعشابَ روحي.
*
لا أعرفُ ما الذي تفعله الآلهةُ في الحروب المُشينة ؟.
ربُمّا لا شيءَ .. لا شيء ..
سوى أنّها تجعلُ الآباءَ يَسْقُطونَ من "عِذْقِ" العائلةِ قبلَ الأوان .. قبل الأوان .. 
و يتركونَ الأبناءَ يصعدونَ نخلِ الجَمَراتِ .. قبل الأوان .. قبل الأوان ..
ويكتبون قبل الأوان ..
عن الحروبِ التي توقِدُها الآلهة.


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.48291
Total : 101