العام الدراسي الجديد على الأبواب وثمة اسئلة تدور في أذهان الأكاديميين والأساتذة من ذوي الأختصاص وأولياء أمور الطلبة عن المناهج وطبع الكتب المدرسية والملازم والمدارس والقرطاسية وما الى ذلك، وهي أسئلة ملحة ومفيدة بحاجة الى من ينتبه اليها في وزارتي التعليم العالي والتربية ويضعها على طاولة النقاش البناء.
ربما هناك من يمتلك إجابات جاهزة على أي سؤال كان ومن اية جهة تطرحه، لكن هل لهذه الأجابات صدى حقيقياً في الأوساط التربوية المتخصصة وحتى بين أولياء امور الطلبة أنفسهم، من المؤكد لا، وبرغم أني لست أختصاصياً تربوياً ولا أستاذا جامعياً أقتنعت فورا بالملاحظات التي أستلمت بعضها عبر بريدي الألكتروني من صديق أكاديمي يعيش الان في احد ولايات اميركا ، تركز ملاحظاته على المناهج المحدثة وما أقحم فيها من سطور تسهم في تمزيق وحدة المجتمع العراقي المعروف بتنوعه القومي والطائفي والمناطقي.
وهنا نتساءل هل التطوير المطلوب هو لتعزيز روح المواطنة وحب الوطن والدفاع عنه مهما كلف ذلك من ثمن، أم نغير فقط لأن المناهج ورثناها من النظام السابق .؟
في العادة وفي أغلب دول العالم توضع المناهج التربوية على أسس علمية ووطنية لا تسمح بأن تكون مساحات اعلانية للنظام الحاكم، وعليه فهي لا ترتبط بزمن معين إنما توضع وتطبع لتبقى لأجيال مقبلة، فهل إستفدنا من أخطاء النظام السابق الذي سوق فكرا حزبياً ضيقاً وجعله يدرس في المدارس ؟. أم إننا كررنا التجربة السابقة بأخرى أسوأ منها حين دس البعض فكره الطائفي المتعفن في هذا الكتاب وذاك وأصبح مقررا يدرس في الأبتدائية والمتوسطة وحتى الأعدادية ليخرج لنا جيلا منغولياً مشوهاً.
أما ما أعتمدته عمادات الكليات في الأكتفاء بالملازم، يضعها الأستاذ المختص ويطبعها على هواه ويبيعها سنوياً عل طلبته دون أن تكلف نفسها هي والوزارة المختصة مهمة وضع مناهج واضحة ومحددة لكل مرحلة ولكل كلية، فذلك أمر يثير علامات أستفهام كبيرة حوله. والجميع يتساءل هل أصبحت الجامعات مؤسسات تجارية هدفها تحقيق الربح قبل أي شئ آخر؟.
آما آن الاوان لتشكيل لجان متخصصة لوضع المناهج للكليات بدلا عن هزالة المواد التي تدرس، أم الكل راض عما يجري طالما يحصل المسؤول على قدر من الأرباح ؟.
واقع الفساد امر محزن ومخز في الوقت نفسه ولا بد من إصلاح حقيقي يدخل الى وزارات ومؤسسات الدولة يضع الأمور في نصابها، وهنا نقول ما معنى أن يستمر طبع الكتب المدرسية خارج العراق، في الوقت الذي تعاني فيه المطابع بطالة حقيقية وسرحت آلاف العمال بسبب الركود الأقتصادي، أليس من الغرابة أن تتفرج الحكومة ومجلس النواب على مواضيع كهذه دون أن يعلنا موقفاً واضحاً وصريحاً منها تاركين الحبل على الغارب للفاسدين والتجار الصغار من الوسطاء لكي ينعموا بمال السحت الحرام على حساب الوطن الجريح ؟.
من المؤكد أننا لا نضيف جديدا عندما نذكر الوزارات المعنية والحكومات المحلية بفشلها الذريع في تأسيس بنية تحتية تربوية عصرية، فأذا كانت هذه الجهات غير قادرة على إكمال بناء مئات المدارس في هذه المحافظة وتلك، فمتى ستكون قادرة أذن ؟ الزمن يمضي مسرعاً والمتنفذون يكتفون بجني الأرباح لا معالجة المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها ؟.
نتمنى على من يهمه الأمر أن يراجع نفسه وأن يضع هواجس المواطنين أمامه لكي يصحح قبل فوات الآوان، ولاسيما إن الآلاف من أبناء الشعب يخرجون كل جمعة الى الشوارع والساحات سلمياً مطالبين بالإصلاحات الحقيقة والحليم تكفيه الأشارة.
مقالات اخرى للكاتب