وأنا أطالع الأخبار قرأت خبرا عن السيد السيسي رئيس جمهورية مصر وهو يوجه انتقادا لاذعا وشديد اللهجة لوزيرة في حكومته بسب ملابسها غير اللائقة وارتدائها الجينز ! وقد أصابني الذهول والعجب وأنا أتصفح البروفايل الخاص بالصفحة الشخصية على الفيس بوك للسيد  (د.عبد الكاظم جعفر الياسري) رئيس هيئة التعليم التقني وجامعة الفرات الأوسط التقنية  وأنا أشاهد هذا الكم الهائل من الصور الشخصية التي توثق لحظات توزيعه (للتمن والقيمة) وهو يرتدي الكاوبوي الكامل (قميص وبنطلون) وشحاطة حمراء نسائية (سيغلق صفحته ويحذف الصور بعد هذا المقال) .
لاني لم أجد واحداً على الأقل من رؤساء الجامعات ممن اعتنى بتوثيق هكذا لحظات " تاريخية" في حياته كما فعل رئيس هيئتنا ، فهو عاشق للصور فتجد لكل حركة من حركاته أكثر من لقطة وصورة كأنما يوثق لحظات الحرمان التي كان يعيشها ، فهذه الحالة  في مجال التحليل النفسي تعني الشئ الكثير لهكذا شخصية مريضة نفسياً وتعاني من عقد كثيرة .   
أتذكر عندما كنت تدريسية في احدى المؤسسات التعليمية كان احد الأساتذة  ممن تم تعيينه مؤخرا يتعامل بعصبية مفرطة مع مجموعة من طلبة وطالبات المرحلة الاولي في الجامعة ويشخط بهم ويهدد ويتوعد فسألته عن سبب توبيخه لهؤلاء الطلبة والطالبات بهذه الطريقة الفضًة والقاسية وغير المبررة فقال لي إنهم بصراحة يلبسون الجينز والكاوبوي وهو ممنوع وفقاً لتعليمات رئيس الجامعة لأنه ينافي الحشمة والوقار ، وقد قام بفصلهم الدوام  !! .
ببساطة فان من الواضح ان  "الحشمة " التي قصدتها الوزارة تتعلق بزي الإناث ، والوقار يتعلق بزي "الطلبة الذكور " .
ومما لفت انتباهي ان السيد الياسري يركز في كل بداية عام دراسي جديد على ضرورة تضمين خطابه بالالتزام بالزي الموحد المتضمن للحشمة والوقار وهو بعيد كل البعد عن تطبيقه على نفسه "فلا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم ، ابدأ بنفسك وانهها عن غيها فان انتهت فاعلم بأنك عظيم  .
ورحم الله السيد محسن الحكيم عندما شاهد احد طلبة العلم ممن يرتدون الزي الديني يقف أمام احد الباعة المتجولين يأكل من عربته أمام عامة الناس فجاء إليه وقال له ارجع لنا زينا الحوزوي وكلً  ما شئت وأنى شئت . لان شخصية القدوة في المجتمع سواء أكان رجل دين أو أستاذ جامعي ينبغي ان يتحلى بمجموعة من الصفات والخصائص تميزه عن بقية أفراد المجتمع وبما يحفظ هيبة ونظرة المجتمع لهذه المؤسسة الدينية أو التعليمية على حد سواء . فقيم مجتمعنا الشرقي تختلف بالتأكيد عن قيم المجتمع الاسترالي أو البريطاني أو الأمريكي ، فالأستاذ هناك يلبس ما يشاء ويفعل ما يشاء لان قيمهم تختلف عن قيمنا وتقاليدنا . فإذا كان الطالب ممنوع من ارتداء الجينز والكاوبوي لأنه خلاف الوقار والحشمة من باب أولى على رئيس الجامعة ان يكون أول من يطبق ذلك .
لان الجامعة وأساتذتها وقياداتها هم القيمة العليا في المجتمع بحسب تعريف قانون وزارة التعليم العالي لمؤسساتها الأكاديمية ، فعلى الأقل ان لا يكونوا ممن قال سبحانه وتعالى فيهم : لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ، وهو توبيخ شديد اللهجة للمتناقضين في حياتهم والذين  يعيشون الازدواجية الشخصية في تصرفاتهم الفردية .
وكل عام والعراقيين بخير .