في قريتِنا
شئٌ ما
يتدفّقُ أعمدةَ بلّورٍ لا يُحسَب
تتسلقُها أحلامُ حُفاة . . .
تأخذُ من الشّمسِ طَرَفَاً
ومن الغيْمِ وشاحاً . . .
رقصَ في داخلنِا فرحٌ
مُنشّقٌ عن أيـّامِ العُتمة . . .
خيالٌ يجمعُ أشتاتَ رؤىً
ضبّبها يأسٌ مرٌّ
يطرقُ نحسْاً لا يصدأ . . .
. . . . .
تعانقتْ عيونٌ . . .
أحلامٌ غضّة
كعذوقِ رَطَبٍ برحيّ
تشابكتْ أفنانٌ
في حضنِ ريحِ صَبا . . .
إهتزتْ أشياءٌ جذلاً . . .
وبدأ يبيعُ بقيةَ ظلامِهِ
ليلٌ مُغلق . . .
النّهارُ
لبسَ ثيابَ فاتحينَ كِبار
وسقط في أيدي حزنٍ
تسلّطَ دهراً
أدمى عيونَ ضارعين
لبواباتِ فجرٍ مُتأخرٍ
يعبرُ متاريسَ المنعِ . . .
. . . . .
قالَ أبي
وداعاً ليالي العزْفِ المُنفرد
على أوتارِ قلقٍ متشرذم . . .
هذا فراقٌ
بيننا وبينَ سقْفٍ
تدخلُهُ الشّمسُ
بلا تردد . . .
وبردٍ
يجلدُنا بسوطِ كانونِهِ الأخرق. ..
وجوعٍ
يشاطرُنا لقمةَ كفافٍ
في يقظةٍ ومنام . . .
. . . . .
وداعاً
لظلِّ صفيحٍ
نلبسُهُ هاجرةَ قيْظٍ
ينفثُ سمّاً . . .
. . . . .
ستكونُ هناكَ لُقمَةٌ
تُغمسُ بإدامٍ ساخن
وطبقٌ من ممنوعِ فاكهةٍ
سيكونُ هناكَ ماءٌ
لا نغسلُهُ . . .
وحبلُ غسيلٍ
لا يَخجَل . . .
. . . . .
انفرجي
أيّتُها الظّلماتُ
يا أصابعَ الزَّمنِ المُندسِّ في جيوبِ السّادة . . .
سُهيْلٌ
سيختفي بنحسِ صُفرتِهِ
وتتلألأُ الثريا في بيتِ عُرس
ستزورُ بيتَنا الألوانُ
وسنعرفُ كيفَ نوقدُ شموعَ العائد . . .
هل سيغمضُ كافورُ عيناً
ولا يكتمُ أبو مُحسَّدٍ حبّاً قد براه
وعيدُنا سعيداً يعود . . . !
. . . . .
رحّلونا
وترحّلَتْ أحلامُ الحصرم
إلى ضفةِ جفافٍ
لا يفصلُها عن الموْتِ
إلآ نفسٌ متقطّع
وخرقةٌ بيضاء . . .
. . . . .
وسادَ ممنوعٌ جديد
يزدردُ السنينَ والفصولَ . . .
و يخرقُ اللّوحةَ
مسمارٌ منها . . .
. . . . .
أيعتذرُ جُرحٌ من خِنجر
غارَ بهِ إلى حدِّ المِقبض؟
وأرغفةُ الخبزِ تُدافُ
برمادِ الموْتِ البارد . . .
. . . . .
وغداً كان
وجدْنا أحلامَنا
في حاويةِ قَمامةٍ مُستوْرَدة . . .
سُلبَتْ
حينَ حُشدْنا
نهتفُ لسمكٍ يسبحُ في بحر . . .
وننتظرُ قدرَ بهلول
فوقَ باسقةِ شجرٍ . . .
ماتَ الحمارُ حالماً
بربيعٍ زاهر . . .
ورحلَ آلُ ياسرٍ لجهةٍ مجهولة . . .
. . . . .
نمضغُ ونبصقُ
كبارٌ
صفّقوا بأيدينا لهم . . .
ومسحوا بأكمامِنا
أنوفَهم . . .
وبقروا آذانَنا بخطبٍ جرداء
لا شئَ فيها سوى لا شئ
شاهتْ حروفاً
فكانتْ بُقعاً داكنة
على أرصفةِ التيْهِ المفتوح . . .
وبعد
استنسخوا بصماتِ وجوهِنا
في سجلاتِ صدقاتٍ عفنة . . .
أسقْطُ مَتاعٍ ونحنُ الحارثون ؟
ليتَ منسيّاً يُنسى . . . !
. . . . .
وعادَ كُلُّ شئ
وسائدُنا
التي لا تنزعُ ثوبَها . . .
لحافُنا
الذي لا يستحمُ . . .
ونحنُ
الذين لا نُرَق . . .
. . . . .
ذلكَ الشئُ
لا يزورُ بيوتَ طينٍ
أتعبَها زمنٌ
بالَ على عقبيْه
وأبوابَ صفائح
وأفرشةَ القُطنِ الأسود . . .
ولا يمسحُ أكتافاً
حملتْ ما ناءَ بهِ جبلٌ من حمرين . . .
بل يدخلُ جحوراً لثعالب
وصالاتِ دِمَنٍ . . .
ويغسلُ أرجلاً
تتقنُ فنَّ الرَّقص . . .
. . . . .
يمتشقُ أبو ذرٍ سيفَه
ويهرولُ نحو الأفق . . .
و ابنُ جبير
يصرخُ بوجهِ الحجّاج . . .
لكنَّ ابنَ الوردِ
يحتسي قراحَ ماءٍ بارد . . . !
لحمٌ مُـرٌّ
لا يُطبخُ بقدورِ الطّائي مرتين. . .
. . . . .
انتفختْ بُطون . . .
وقبلَها حقائب . . .
ودمعتٌ عيون . . .
وأُسدلَ السّتارُ
على جُمجُمةٍ وكأس . . .!
. . . . .