Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
أوهام القطيعة بين المثقف وأصنّاع التاريخ ((الصدر انموذجاَ))
السبت, آب 30, 2014
د. علي حسين فرج

يروى إن الموسيقار الكبير((بتهوفن))أطلق على سيمفونيته الثالثة اسم القائد ((نابليون)) لما حققه من انتصارات عظيمة وكبيرة في شرق الأرض وغربها،لكن بعد إن وصل نابليون إلى قصر الإمبراطورية الفتان تخلى كغيره من القادة الثوريين عن أهدافه التي ناضل وخدع الجماهير من اجل تحقيقها....
ذات يوم توجّه نابليون إلى زيارة ألمانيا وكان في استقباله إضافة إلى الجموع الغفيرة كل من الشاعر الألماني الكبير(غوتة) والموسيقار المشهور (بتهوفن)..وكعادة الملوك مرّ نابليون من أمام الجماهير فخلعوا له قبعاتهم دلالة على الاحترام والطاعة والإعجاب إلا ((غوتة)) فانه لم يفعل ذلك مطلقا.سأله بتهوفن عن تفسير ذلك وهو المشغوف بنابليون.أجاب ((غوتة)) بإمكان الجميع أن يكونوا((نابليون))ولكن من النادر ان يصبح المرء ((شاعراً)) عند ذلك قرر بتهوفن تغيير عنوان معزوفته الشهيرة إلى (الإبطال) بدلاً من اسمها القديم نابليون ...
حوارية غوته التي بدأنا بها الحديث تخبرنا ان المبدعين قليلون وهذا هو سر خلودهم وعليه فأنهم من يصنع التاريخ. فماركس مثلاً – هذا المفكر العظيم – كما ينعته الأستاذ محمد باقر الصدر لم يغيّر العالم بنضالاته لأنه لم يكن زعيماً سياسياً ولا مناضلاً ميدانيا وأنما كان فيلسوفاً وعالماً وقد ساهم في تغيير العالم باختراعه شبكة من المفاهيم في ما هو يحلل العالم الصناعي والمجتمع الرأسمالي كفائض القيمة والبنية الفوقية والبنية التحتية والطبقة الكادحة والاستلاب ..هذه الشبكة من المفاهيم خلقت وعي جديد وساهم في تشكيل ما لايحصى من الحركات الفكرية والأحزاب السياسية والساحات النضالية، ولم يذهب جان جاك روسو إلى الفرنسيين طالباً منهم الثورة على السلطة المتكلسة وإقامة نظام قائم على فكرة العقد الاجتماعي، وكذلك لم يذهب نيتشة إلى هتلر وحزبه الغازي كي يستلهموا منه تأويلاتهم المتطرفة لعدد من أفكاره .. 
هؤلاء وغيرهم هم من يصنع التاريخ لان دورهم قائم على الاستفزاز والإزعاج والقلق وصناعة الإشكاليات . إنه يشبه الدور الذي تقوم به ذبابة سقراط : ايقاض النائمين .. ولهذا فأننا في العراق على الأقل – لا نقدر على إغفال الدور الكبير للشهيد العظيم محمد محمد صادق الصدر (قدس) الذي أيقظ ((امة نائمة )) بعد سباتها المزعج في أحضان الدكتاتورية .
اذاً الشهيد الصدر هو احد أهم (( صناع التاريخ)) الإيجابي في العقدين الأخيرين من تاريخ العراق . عرف زمانه الاجتماعي وانطلق صوب الواقع مستعيناً بالله وصلاحية الفتوى وعشق الجماهير رغم الإرث الثقيل ((بلداً محاصراً اقتصادياً وسياسياً وسلطة تمارس سياسية البطش والقمع في أقصى صورها ، شعباً محاصراً امنياً واقتصادياً تفشى فيه الفقر الجوع والمرض والانحلال الأخلاقي وجماهير مازالت تلملم جراحها بعد ما قدمته من تضحيات جسيمة إثناء وبعد انتفاضة شعبان المبارك )). (( فمن أين جاء الصدر بتلك الرهافة الحسية والوعي بالضرورة بهذا القدر من الشجاعة الخارقة حيت قرر بعد الانتفاضة مباشرةً الخروج إلى منعطف الإلغاء المتبادل ومن طرف واحد فقط . إن ما أقدم عليه وما كرّسه محمد الصدر هو سلوك جديد ومبدع يستحق ان يسجل كعلامة فاصلة وكبداية عهد تاريخي جديد ..
ولكن وهنا السؤال الكبير : ما لذي أنتجه محمد الصدر ؟ ! وكيف أستطيع أنا – المثقف – المهووس بأوهام القطيعة ان أتواصل مع الصدر ؟! وما هي اشكالياته التي تسمح بالملاحقة المعرفية أو المماحكة النقدية فالمعروف ان الصدر قد انحسر معظم انتاجه المكتوب في خانة الفقه أو العقائد أو الأخلاق و النص الديني بصورة أكثر شمولية وهذا بالضرورة يستلزم القطيعة مع تطلعات وهموم وإشكالات المثقف كما يذكر الأستاذ (يحيى محمد) في كتابه ((القطيعة بين المثقف والفقيه)) فيقول ص 160 (ان الإيديولوجية التي تحرك الفقيه هي إيديولوجية دينية .. بينما التي تحرك المثقف إيديولوجية واقعية سواء على نحو التبرير أو التفسير مع لحاظ إن تازمات الحياة وتغيراتها قلما تحدث في المظاهر الدينية مقارنه بما يحدث في غيرها من المظاهر الاجتماعية والسياسية فان ذلك ينعكس على نشاط الإنزيميين .فبينما يكون إنزيم الفقيه كامل كالعادة ، فانه على العكس بالنسبة إلى نشاط إنزيم المثقف حيث تتأرجح فيه روح الحركة باستمرار).
قد يكون ( يحيى محمد ) محقاً لأنه ينظر إلى الكم الكبير من ( مسيري أمور التقديس ) بلغة ماكس فيبر المعزولين في سجونهم الاختيارية عن مجتماعتهم ولكنّ هذا لا يعني أن نتماهى مع يحيى محمد في تعميمه الزائف والمغلوط خصوصاً وان تاريخنا الإسلامي والفقهي مليء بالأسماء الكبيرة ( محمد عبده ، عبد الرحمن الكواكبي ، جمال الدين الأفغاني ، سيد قطب ، محمد شيد رضا ، محمد باقر الصدر ، آية الله الخميني ، محمد صادق الصدر ، محمد حسين فضل الله ، الشهيد مطهري ، محمد اليعقوبي ) وغيرهم الكثير . هؤلاء فاعلون اجتماعيون بامتياز قبل بذلك المثقف أم لا . ولكن المشكلة – وهذه هي شفرة ( المثقف السلبي ) السرية – ان هذا الكائن لا يتعامل إلا مع النصوص المكتوبة . هذا هو ( الفخ المعرفي ) الذي لم يتمكن المثقف العراقي من تجاوزه خصوصاً باتجاه الصدر الثاني مع العلم ان النص المكتوب كما يذكر علي حرب ( ينبئ بقدر ما يحجب ويفصح بقدر ما يخفي ) وبالتالي فانه ليس الدال الوحيد الذي يخبر عن (الفاعل الاجتماعي). هكذا تجري الأمور ويجب أن نفهم الدرس بشكل جيد . 
بعيداً عن الموضوع كتب فوكوياما كتابة الممتع (التصدع العظيم) بعد أن شاهد التغيرات العنيفة التي اجتاحت منظومة القيم الاجتماعية في العديد من البلدان . ولهذا فهو يدعو إلى بدأ العمل ب( الترميم العظيم) عن طريق اكتشاف (( القيم الاجتماعية البديلة)) التي ساهمت في تشكيل الوضع الجديد . تماشياً مع ( فوكوياما ) فان تحولات كثيرة ومثيرة لحقت أيضا بالمفاهيم الثقافية والمعرفية التي كانت سائدة في الماضي ((واذا كانت هناك كلمة يمكن إطلاقها على وصف العصر الذي نعيش فيه وقادر على إبراز ما بميزه بحق فهي كلمة( الصورة).. إن عصرنا هو عصر الصورة بامتياز . كما يبين الباحث السوري إبراهيم محمود في كتابه (نقد وحشي رؤية لنص مختلف ) حيث يقوم بسرد جملة من الدوال التي يمكن أن نستعيظ بها عن النص المكتوب (كالصورة ، والصمت ، وراحة الضجيج ، وأصداء الذوق ، وإيقاعات الشم ، شبقيات اللمس ) ويعقّب في كتابه الآخر والمعنون (الثقافة العربية المعاصرة – صراع الإحداثيات والمواقع ) .. (إن العالم صار يعنى به من قبل كل مثقف حتى ذلك الذي لم يعد لديه ما يقوله ، إنما يقول شيئاً من خلال صمته أو انسحابه النسبي في محيطه فهو يلجئ إلى استعارات من نوع مختلف وفي موقفه الصامت غالباً ، يستعين بمفردات تخص الاستعارة في العمق ، انه يتحدث عن العنف والنبذ والتهميش والحصار المتصاعد ضد المثقف والاستهلاكية المبرمجة والخواء المعنوي للإنسان ).. 
لقد انتهى زمن التقديس النصوص المكتوبة والمقروءة خصوصاً بعد دخول العلوم الجديدة كاللسانيات وعلم العلامات والرموز وعلم المعاني وعلم الدلالات والإشارات وكلها علوم متقاربة متداخلة ويصعب التمييز بينها احياناً . وهي تدرس النص بطريقة تشريعية مزعجة لنا نحن الذين تعودنا على جماليات النص الأدبي ولم نفكر في تفكيكك و تقطيع أوصاله وتحويله إلى جثة هامدة .. اسمحوا لي أن ارفع النقاب واكشف المستور – أو أشهر مسدسي كما غوبلز - وأعلن عن زيف المثقف الذي طلق كل شيء إلا النص المكتوب . لنقل كلمة حق أمام سلطان الواقع من هو البعيد عن هذا الواقع والغارق في مرجعياته النصية (غاندي أم حسن البنا أم محمد صادق الصدر ). واكتفي بهؤلاء دون غيرهم لأنهم من وجهة نظر الجمهور صناع تاريخ إما وجهة نظر (المثقف السلبي ) ليس لديهم نص مكتوب يسمح بالتواصل المعرفي مع الحياة . الحقيقة إن كلاً من هؤلاء تحول إلى صانع ايجابي للتاريخ إما المثقف المستعد لاطلاع الإحكام الزائفة والمتربّع على عرشه الورقي فقد بقي (( مخلوقاً اجتماعياً هشاً ، هزلياً في كثير من الأحيان ، ويثير الشفقة والرثاء دائماَ )).
إن المثقف العراقي – ونحن نتحدث عن قطيعته مع الصدر ( الفقيه العراقي )- يعاني من مشكلتين أساسيتين (سياقية وبنيوية ) . الأولى تتعلق بأنه فائضاَ عن الاستعمال ولا يحتاج إليه المجتمع .. أما المشكلة البنيوية فهي تلك التي تتضح في ادارك المثقف العراقي لصورته وعمله الممكن . ويعزى ذلك إلى التراجع المروع في الفعالية الثقافية في ظل الديكتاتورية واغترابها القسري عن المجتمع . فلقد شرخت الحرب الحياة شرقاَ مميتاَ ، ولقد شرخت ثقافة الحرب ذات الكاتب شرقاَ مدمراَ أيضا .ولكن هذا لا يشفع للمثقف الذي يرتقي إلى مصاف الفقيه أحيانا أن يعلن القطعية مع هذا الأخير بحجة ابتعاده عن الواقع . هذا الدرس الذي اسهبنا في الكلام عنه يجبر المثقف العراقي (كفاعل اجتماعي أيضا ) على جلد ذاته باستمرار من اجل طلب الصفح من الصدر الفقيه الذي حرك الساكن واقتحم الممنوع وغيّر الكثير من المفاهيم والقيم الاجتماعية الفاسدة .
إن الصدر ودوت مبالغة كان التصدع العظيم الذي أصاب المجتمع العراقي في العقد الأخير من القرن الماضي – وسأكتفي بسرد حادثة واحدة فقط تخصّ الصدر دون سواه – فالصدر هو أول شخصية اجتماعية مرموقة وأول فقيه مسلم يخاطب الغجر ساعياَ إلى دمجهم في المجتمع العراقي بعد إصلاح أوضاعهم العقائدية والأخلاقية وقد خصص خطبة كاملة من خطابات الجمعة لهذه المسالة . ألا تستحق هذه الحادثة الوقوف طويلا جداً كي نكتشف (المغيّب والمسكوت عنه وغير المفهوم من خطاب الصدر .أم نسينا إن العالم والى اليوم ما زال يسبح بمجد(غاليلو) لأنه اكتشف دوران الأرض . (العودة لله ، ومواجهة الديكتاتور ، ورفض الظلم ،وانخفاض معدل الجريمة ، وإصلاح المؤسسة الدينية وفلسفة صلاة الجمعة، وانتقاده لتقديس الفقيه غير الفاعل وانتشار الثقة والاحترام المتبادل ) .. هذه الأمور وغيرها هي التي كتب عنها فوكوياما (تصدعه العظيم ) . إما مثقفنا للأسف ما زال لا يعرف زمانه الاجتماعي وما هو موقعه الصحيح ولا يعرف كيف يمكن ألا يكون فائضاَ عن الاستعمال.
وفي هذا الصدد يكتب علي حرب وهو يخاطب النخب الثقافية (الرهان أن نشخص المشكلات ونفضح الممارسات ونشرّح الأزمات ونفلك العوائق والموانع لكي نصنع امكانات جديدة نخرج بها من موقع العجز والهشاشة ونتخلى عن عقلية التهمة ولغة الادانه التي يتقنها أصحاب النضالات الفاشلة وصناع الكوارث في العالم العربي ... ولا عجب أن تكون الحصيلة شعرات خاوية ومشاريع ونضالات فاشلة تتحول معها الحرية إلى استبداد والاشتراكية إلى فقر والحداثه إلى تخلف والعدالة إلى اعتباط والعقلانية إلى انفلات والقومية إلى فرقة والدين إلى إرهاب.
فيالها من مهمة زائفة تمارسها عندنا النخب البائسة التي تحاول تصدّر الواجهة وممارسة الوصاية على مصير البشرية فيما هي تعيش عالة على مجتماعتها ... إن الجماهير العراقية وهم العلامة الأكثر بروز للكنايه عن الواقع اتجهت صوب الصدر (الفقيه ) وتفاعلت مع مشروعه الإصلاحي بحماسة . ولكنها في نفس الوقت ابتعدت عن المثقف وهمومه وتطلعاته وأنزيمه (الفعال ) ؟!!.
وفي الختام إن الجموع الفقيرة التي تفاعلت مع الصدر هي الجواب الشافي والمباشر والمحرج (ليحيى محمد ) الذي اتهم الفقيه أياَ كان بالعزلة والخمول وعدم القدرة على التواصل لأنه بعيد الواقع ..ولكن الحقيقة المؤلمة إن الواقع الذي يريده المثقف هو عبارة عن (حلم فلوبير) الذي لم ولن يتحقق والى ذلك الحين نقول "رحم الله امرىء عرف قدر نفسه".
والحمد لله رب العالمين..



مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.44601
Total : 101